مسار انواكشوط وتحديات التنمية

خميس, 2014-12-18 19:08
بقلم: الحسن ولد بناهي

ليس من باب المجاملة ولا القرع على دفوف التطبيل القولبأن المقاربة الموريتانية في المجال الأمني بدأت تؤتي ثمارهاإنطلاقا من سياسة الأمن الوقائي مرورا بإعادة تأهيل وتسليحالجيش الموريتاني وانتهاء بالتنسيق العالي المستوى معالشركاء الأمنيين الإفلميين والدوليين

فها هي انواكشوط تحتضن اليوم الإجتماع الأول لرؤساء دول وحكومات مجموعة مسار انواكشوط وتأتي هذه القمة تتويجا لأربع اجتماعات غقدها وزراء الخارجية كان آخرها اجتماع الأمس المنظم في قصر المؤتمرات

ويعتبر مسار انواكشوط تجمعا إقليميا واسعا تسعى من خلاله دول الساحل والصحراء مدعومة بالإتحاد الإفريقي ’ وتحت رعاية كل من الإتحاد الأوربي ’ وفرنسا وإسبانيا إلي القضاء على مايعرف بظاهرة الإرهاب الذي تعاني منه شبه المنطقة والمتمثل في نمو الحركات المسلحة داخل الفضاء الصحراوي الممتد بين تلك الدول : القاعدة في المغرب الإسلامي ’التوحيد والجهاد ’بوكوحرام ’ الموقعون بالدم ’المرابطون وتشترك معظم تلك التنظيمات تقريبا في الفكر’ والتموقع ’وأسباب النشأة ’ التي تعتبر السيطرة عليها العامل الأول فيما يعرف بتجفيف منابع الإرهاب.

لقد كانت أ زمة الجزائر التي شكلت في فترة ما انقلابا على الدمقراطية السبب الأول لتنامي الظاهرة ’وكذالك عودة من يعرفون بالعرب الأفغان من الجهاد في أفغانستان ’ هذا طبعا بالإضافة إلى ضعف مسارات التنمية في الكثير من دول المنطقة الشيئ الذي ولد انتشار الجهل والفقر والتهميش’ ينضاف إلى ذالك مشكلة إقليم أزواد والأزمة الليبية لاحقا كما أنه تجدر الإشارة إلى الصراعات الموازية ’ والتي قد تكون أخف حدة لكنها تمس الأمن في الساحل والصحراء _مشكل الصحراء الغربية صراع كاص ماص.

إن مسألة اقتصاد الجريمة : الإختطاف ’تهريب المخدرات ’ تهريب السلاح ’ تهريب البشر يشكل عامل التمويل الأول للإرهاب نظرا للإمتداد الشاسع للمنطقة وهشاشة النسيج الإجتماعي الداخلي الفقير الذي يشكل البئة الحاضنة

إن الإرهاب عملية ممنهجة ومدروسة وقائمة ومن أجل القضاء عليها لابد من مقاربة فكرية احتوائية ’ تعتبر الإرهاب مسألة داخلية ’ تمكن السيطرة عليها من خلال الحوار والإقناع الفكري أما المقاربة الإستئصالية فهي الأكثر عنفا آ والأقل جدوى ولا يمكن الأخذ بها على المستوى الداخلي ’ وإنما يمكن استخدامها خلال استراتجيات دفاعية وقائية أو على المستوى الخارجي

إن استضافة انواكشوط لهذه القمة هو اعتراف إقليمي ودولي بجهود هذا البلد العربي الإفريقي في محاربة الّإرهاب والجريمة العابرة للحدود لقد كلفت تلك الجهودالبلاد الكثير حيث استشهد الضباط والجنود في ساحة الشرف من أجل ذالك كما أن استقبال المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء المتلبسين بجريمة الهجرة إلى الشمال شكل هو الآخر استنزافا لملايين الدولارات من جيوب المواطنين في شكل أجور لتلك العمالة المستوطنة التي أصبحت منافسا شرسا لليد العاملة الوطنية مما جعلما تزيد من مشكل البطالة

إنه من واجب موريتانيا استغلال مسار انواكشوط لتثمين استراتجيتها المتميزة والناضجة في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة والتهريب ولايمكن أن يكون ذالك التثمين معبرا عنه من لدن الأطراف المشاركة والراعية ’ إلا إذا جعلوا من البلاد قطبا تنمويا حقيقيا لأنه من أجل المحافظة على الفضاء الآمن لابد من التنمية الشاملة كما هو عنوان القمة.

لقد ساعدت الدول الأوروبية والإتحاد الأربي دولا مثل المغرب وتونس على التنمية الشامله بعد القيام بأدوار أقل مما قامت به موريتانيا في مكافحة تلك الظواهر. لمادا لا نطالب الإتحاد الأوربي مثلا بتمويل مشاريع زراعية على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية وفي العمق الموريتاني من أجل قيام نهضة تنموية تغير الوجه الصحراوي والغير مأهول لتلك المناطق.

إن موريتانيا أقرب إلى أماكن المواجهة الميدانية وتجربتها أكثر نضجا وإحكاما من غيرها ’لكن من المؤسف أن هذا البلد الجدي في الحرب على الإرهاب والهجرة السرية لايتلقى المساعدات الكافية للقيام بهذا الدور . فهل يعود ذالك إلى بخل وتمييز الممولين والراعين للقضية ? أم أن دبلوماسيتنا عجزت عن جلب المساعدات ’كما تعجز دوما عن جلب الإستثمارات والحصول على الأصوات لمواطنيها ومرشحيها في المحافل الدولية

إن جدية الرئيس بادية في هذا الشأن لكنه وموريتانيا ما زالا ضحية سوء اختيار الطاقم المسؤول عن التعريف بالوطن وتثمين جهوده ومقدراته.