أكد وزير الدفاع الوطني حننا ولد سيدي أن المقاربة التي اعتمظتها موريتانيا في مجال مكافحة الإرهاب "متعددة الأبعاد"؛ وهذا ماجعل من موريتانيا اليوم "قاطرة أمن منطقة الساحل والبلد المستقر بسبب السياسة الأمنية التي تؤتي ثمارها"؛ وفق تعبيره.
وأضاف ولد سيدي، في مقابلة مع صحيفة "لي سولي" السينغالية الرسمية أن "منطقة الساحل تواجه منذ عدة سنوات حالة من انعدام الأمن المستمر ، يعد الإرهاب أبرز مظاهرها، ما يُفسر عدم الاستقرار المزمن بشكل رئيسي من خلال اقتران ثلاثة عوامل مترابطة إلى حد ما وهي : ضعف هيكلي في مؤسسات الدولة ؛ العجز في القدرات الدفاعية والأمنية ؛ ندرة الموارد التي تفاقمت بسبب التغيرات المناخية".
و اوضح أن الصعوبات التي واجهتها بعض الدول في تأمين الاحتياجات الاجتماعية الأساسية للفئات الفقيرة من السكان وانعدام الأمن في جميع أراضيها "شجعت على ظهور أشكال متعددة من الجريمة العابرة للحدود ، ثم ظهر الإرهاب أيضا، بدءًا من عام 2000" وقال وزير الدفاع الوطني، في السباق ءاته، إن هناك "تحديات ديموغرافية وانعدام الآفاق لكثير من الشباب الذين يمثلون أكثر من 60% من السكان ويتعرضون لأوضاع مأساوية كانت سببا في انضمامهم للجماعات المسلحة أو الإرهابيين أو السعي نحو الهجرة السرية".
وجاء في المقابلة التي ترجمتها منصة "إستبن" الإعلامية، التأكيد على أنه، "خلافا للمعلومات التي نقلتها بعض الصحافة فإن نتائج G5 الساحل إيجابية بشكل عام؛ حيث تمكنت البلدان من حشد المجتمع الدولي والاستفادة من دعمه فيما يتعلق بالأمن كما أصبحت القوة المشتركة أكثر فاعلية وتقوم بعمل جيد على الأرض حيث تعمل قواتنا المسلحة وأجهزة الأمن الوطنية بشكل أفضل بمساعدة شركاءها".
وأوضح ولد ولد سيدي أن دول التجمع الإقليمي تدرك أن "القوة المسلحة لا تكفي، وحدها، في ضوء التحديات المتعددة التي يواجهونها مؤكدا حاجة البلدان إلى التنمية وضرورة المساعدة الدولية في ذلك"، مثمنا مساعدة الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ودعم الشركاء الثنائيين مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا و السعودية والإمارات والصين وتركيا.
و شدد الوزير على أهمية ضمان "وصول الدول الأعضاء إلى الخدمات الإجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية والعدالة والمياه وما إلى ذلك في المناطق النائية حتى لا تترك المجال مفتوحًا للإرهابيين"؛ منوها بأهمية تعزيز الثقة بين القوات المسلحة وقوات الأمن من جهة، وبين السكان من جهة ثانية.
و فيما يتعلق بالمقاربة الموريتانية لمكافحة الاهاب قال وزير الدفاع الوطني: "إن موريتانيا تعرضت لأول هجوم إرهابي كبير في عام 2005 ضد حامية عسكرية في منطقة معزولة، ثم انتشرت الأنشطة الإرهابية بعد ذلك لتصل إلى العاصمة"؛ ، مبرزا أن مكافحة هذه الآفة بشكل فعال "تطلبت من موريتانيا اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد تهدف إلى معالجة جميع الأسباب التي تعزز ترسيخ الظاهرة".
و بين انه تم، في هذا الإكار، إنجاز "دراسة لتحديد تصنيف الإرهاب في منطقة الساحل وأسبابه الجذرية، ليتم بعد ذلك تنفيذ مجموعة من التدابير متعددة القطاعات للحد بشكل دائم من التهديد، كما بُذلت جهود كبيرة لتحديث أدواة الردع لدينا وتمهينها، فتمت استفادة المناطق غير الحضرية من مشاريع البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية، كما تم اعتماد ترسانة قانونية معززة بشأن جرائم الإرهاب".
وأوضح انه، بالإضافة إلى ذلك، "تم اتخاذ إجراءات أخرى لتجفيف قنوات التجنيد ومصادر تمويل الإرهاب؛ و هكذا أطلقت حملات توعية يقودها علماء ورجال دين مشهورون لشرح معانى الرسالة الإسلامية في التسامح، وتفكيك الخطابات الراديكالية والمتطرفة، وحتى في السجون دفعت تلك المعالجة عددا كبيرا من الإرهابيين إلى التوبة والاستفادة من برامج المساعدة وإعادة الاندماج".
وفي معرض رد على سؤال يتعلق باعتماد دول الساحل للمقاربة الموريتانية، أكد ولد سيدي أن "موريتانيا مستعدة دائمًا لمشاركة تجربتها في مكافحة الإرهاب لكن بما أن لكل دولة خصوصياتها فعليها أن تتبنى أفضل إستراتيجية تناسب بيئتها السياسية والجغرافية والسكانية لاحتواء الإرهاب".
و بخصوص الانتقادات الموجهة لانتشار القوات الفرنسية في منطقة الساحل، قال ووير الدفاع الوطني إن قوة برخان "تلعب دورًا مهمًا في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل لكنها لايمكن أن تحل محل جيوش G5 الساحل أو القوة المشتركة ، مؤكدا أنه بالإضافة إلى التزامها على الأرض ، فإنها توفر لهم دعمًا كبيرًا من حيث تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم الجوي".
و اعتبر أن الانتقادات الموجهة للتدخلات العسكرية "تنبع بشكل عام من حقيقة أن أزمة الساحل لا تُرى إلا من منظور عسكري"؛ معربا عن تجاعتقاده بأن "التدخل العسكري مهما كان قوياً لن يكون كافياً للتغلب على عدم الاستقرار متعدد الأبعاد في منطقة الساحل ، إذا لم يدعم بأدوات سياسية وقضائية واجتماعية وإنمائية".
و حول التعاون العسكري الثنائي بين السنغال وموريتانيا، أكد ولد سيدي أن "السنغال بلد شقيق وجار لموريتانيا ولديهما الكثير من التعاون على الصعيد العسكري"؛ واصفا هذا التعاون بالممتاز، "خصوصا في مجالات التبادلات على المستوى الحدودي والتدريب"؛ واعلن عن "لقاءات دورية بين القادة العسكريين للبلدين في روصو وسان لوي، إضافة لتسيير دوريات مشتركة بشكل منتظم على طول الحدود على كلتا الضفتين".
وأضاف الوزير أن الجنود الموريتانيين يتدربون في المدارس العسكرية السنغالية وفي هذه السنة يقوم ضابط سنغالي بإجراء دورة الأركان بكلية الدفاع التابعة لمجموعة G5 الساحل بنواكشوط، معربا عن استعداد موريتانيا لاستقبال المتدربين السنغاليين العام المقبل. وذكر ولد سيدي أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس ماكي صال إلى نواكشوط بدعوة من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني "كانت فرصة لتوقيع مذكرة تفاهم بين البلدين حول التدريب العسكري".