يستقبل المعهد العالى سنته الجديدة حاملا عراقته على كتفيه وحاضره المثقل بالأسى والضجر والاضطهاد بين عينيه متعاليا على الأزمات عصيا على عوادى الزمن وهزاته ، لسان حاله يقول : سأعيش رغم الداء والأعداء . كالنسر فوق القمة الشماء .
متطلعا لمستقبل يلمح برقه عن مزن هطول يغسل وابلها الشعث وينبت الزرع ويدر الضرع ويجرف سيله حواجز الفساد ومخلفاته التى غير غبار أتربتها نصاعة وجهه العلمي ونضارة شبابه حتى برز فى ثوب قشيب شاحب اللون أشمط الشعر يعافه الخطًاب بعد أن كان مرغوبا لهم مهابا عندهم.
إن تكن تلك نظرتهم لك فى سبعك العجاف فإن فجرك الصادق طرد الظلام وأزمتك انفرجت بحمد الله فكان اشتدادها موذنا بانفراجها كما هي الحال عند الشدة والضيق : اشتدى أزمة تنفرجى قد آذن صبحك بالبلج .سيكون السفر قاصدا نحو الإصلاح و الطريق إليه سالكة مأمونة العواقب واضحة الأهداف .يحمل صاحبها رؤية ومشروعا تحديثيا يجمع بين الأصالة والمعاصرة ويوازن بين خصوصية رسالتها العلمية وحاجة نظمها القانونية وبرامجها التعليمية للتحديث والتطوير كي تحلق فى سربها وتعيش يومها غير متجردة من أصالة أمسها .
فمن غير الموضوعي أن تبقى هذه المؤسسة خارج منظومة التعليم العالى بنصوصه القانونية ومناهجها التربوية فهي تحكمها نصوص قانونية منذ تأسيسها قد تناسب تلك الفترة لكن العمل بها اليوم فيه الكثير من الظلم والتجاوز بحق طلابها وأساتذتها .
والتمسك به هو سبب فسادها الاداري والتربوي إذ يتيح لإدارتها المجال للتصرف فيها كما تريد بعيدا عن المساءلة القانونية .
كل هذا يفرض على المدير الجديد مسؤولية مضاعفة ليباشر فى وضع النصوص القانونية ويراجع المنظومة التربوية فيها خاصة طرق اسناد المواد للمدرسين ومعايير التعاقد معهم التى تغيب فيها الشفافية وتغلب فيها الوساطة والمعرفة الشخصية وقد أساءت عشوائية انتقاء العقدويين سمعة المعهد العالى وأثقلت ميزانيته لدرجة ارتفاع مديونيته أضعاف المخصص له من الميزانية العامة وعجزه كل شهر عن دفع رواتب المنتسبين له فى آجالها القانونية .
هذا مجرد توصيف موجز لحال المعهد العالى يعين المدير الجديد على ما يريد من إصلاح إن كانت له إرادة وعزيمة وقوة على مواجهة الفساد لإصلاحه وسد منافذهوعهدى به ذلك وأملى و رجائى من الله أن يهيأ له الأسباب ويزيح المعوقات ويحفظه من سيء البطانات.