قبل أيام قليلة من انتهاء العام 2014 افتتحت في روصو محاكمة بيرام وزملاءه في منظمة إيرا التي أنشئت سنة 2008 من أجل إنهاء العبودية وتحرير الحراطين. تلك المحاكمة التي تعيدنا إلى الماضي قليلا بسبب نوعية المتهمين والقضية التي يحملونها، يتعلق الأمر بأول حركة ضد العبودية في موريتانيا: حركة الحر، فقد تعرض مؤسسوها أيضا للمحاكمة في مدينة روصو في نهاية القرن الماضي، ولا يزال لهؤلاء حضورهم في الساحة السياسية، ومن اتهموهم آن إذ بأفظع الاتهامات يمدحونهم اليوم ويعترفون بنبل معركتهم، فما الذي سيقال مستقبلا عن سجناء إيرا؟ تحت ضغط المستجدات يبدو أنه لا أحد يمتلك الوقت ولا الرغبة في طرح مثل هذه الأسئلة.. بدل الانسياق وراء الموجة والتفسيرات البسيطة والمواقف المسبقة. ومن دون تعتيم على ماضي بيرام وتصريحاته الجارحة لجميع من يتقاسمون معه الفكرة فإنه ينبغي علينا أن نتساءل عن الدافع وراء اعتقاله الآن وتقديمه للمحاكمة؛ ألم يحرق المؤلفات الفقهية المالكية العزيزة على قلوب فقهاءنا؛ بل ويضفون عليها قدسية مثل قدسية القرآن. ألم يطلق تصريحات متطرفة للغاية وتحدى كل الممنوعات المجتمعية التي يلقى عليها اللائمة في انعدام المساواة. فلماذا متابعته الآن وهو المتوج بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لأشياء تافهة في دولة تدعى أنها ديمقراطية. فلم يقم سوى بالتظاهر تأييدا لتظاهرة منددة بالعبودية العقارية، التي هي كارثة يعانى البلد بأسره. لا.. لا يمكن أن نقبل أن برام معتقل فقط للأسباب المعلنة؛ فعندما نشاهد الصخب الذي يصاحب القضية والاهتمام الذي تخصصه لها الدولة لا بد أن نتخوف من عودة ماض قريب وضع فيه جزء من الشعب الموريتاني ضد جزء آخر. لذا يجب أن نحذر كل الحذر من هذا الفخ؛ ومع ذلك ينبغي أن لا نغض البصر عن انعدام المساواة في مجتمعنا وهو ما ينبغي أن يكون موضع نقاش وطني. ترجمة الصحراء Biladi 778