هل الشعر هو مجرد مسألة لغة أم هو نوع من إدراك الوجود؟ سيبقى هذا السؤال القديم مطروحا. خاصة في هذه الأزمنة الرمادية التي تبقى بدائية رغم أنها جد متطورة.. وهكذا، يبدو أن إنسان هذا الزمن كمن يقود سفينته دائمًا في الإتجاه الخاطئ. في مواجهة "خفة الوجود التي لا تطاق"، كما كشف النقاب عنها ببراعة شيخنا ميلان كونديرا، لا يتعلق الأمر فقط بإشكالية السيرورة والغياب، بل بالبقاء على الدوام في حالة بين السيرورة والغياب.
ما هذا الحنين الذي طال أمده، والذي ترهق فيه الخلجات الغنائية المرعبة الأعصاب، وتخادع يقظة الفوضى المعممة الدائمة؟ البقاء في السيرورة والغياب؟ ما سر تشبثنا دائما بمرافئ الذات والوجود؟ هل هو بحث عن كلمات سحرية للتعبير عن حقيقة بحثنا الدؤوب واليائس عن "مكان للإقامة" بين سيرورة العودة الأبدية وتباريح الغياب.
«عيون الخيل» مجموعة قصائد جوانية رائعة. شلال شعري عذب وشجي.. شعر حين يتجلى، يفاجئك ويزعزع كيانك. شعر يُرمّم زوايا الوجود المألوف من أجل خلق معنى جديد. كل تأويل لقصائد سيدي ولد الأمجاد يكشف لك عن خصوبة وجودية سخية. إنه شاعر ينطلق- كما يقول هو عن نفسه- من إدراكٍ جيّد لمساحة فضائه المُلهٍم من خلال الطرق الأربعة العظمى: طريق المرابطون، وطريق القوافل العابرة للصحراء، وطريق التصوف مع الجنيد السالك، وطرق آزوان، نحو احتضان جمال الكون اللامتناهي.
«عيون الخيل» ديوان شعري من عيون الشعر.. صهيل شعر قادم من وادي عبقر..
بقلم الدكتور : محمد السالك ولد ابراهيم
كاتب أكاديمي وسفير سابق بوزارة الخارجية