انتهت المسابقة بعد صلاة العصر انصرف الجميع باحثين عن قسط من الراحة بعد يوم طويل وشاق ..لتبدأ حكاية أخرى.هذه الحكاية ملخصها أن العقود الماضية (قبل2009)كانت سمعة لجان الإشراف على المسابقات فيها "سوداودية" بحسب الكثير من الحكايات التي نقلها لي مترشحون سابقون لوظائف على قلة المسابقات حيث كانت الوساطة والمحاباة قائمة على حساب الكفاءة والشفافية في اختيار الناجين وبنسب كبيرة.
وبفعل هذه الصورة السوداوية أصبح غالبية المترشحين (بالمناسبة هم من الطبقات المتوسطة والفقيرة ويشتركون في كونهم لا نفوذ لأقاربهم في دوائر القرار العليا) متخوفين من" أن تعود حليمة لعاديتها" رغم أن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز كان له الفضل في فتح المسابقات في كل القطاعات وحرص على تشكيل لجنة مسابقات شفافة.
كانت حكاية البحث عن أخبار اللجنة المشرفة وموعد التصحيح للكتابي وانتهاء ذلك التصحيح ومدى شفافية المصححين وتاريخ صدور النتائج للكتابي تؤرقني كغيري من المتسابقين في كل الشعب.
بالمقابل – رغم حسن النية – الذي التمسته للجنة المشرفة والمصححين إلا أن ماضي المسابقات الأليم والمليئ بعدم الإنصاف والشفافية كان دائما يقلقني خوفا من ان أروح ضحية له وأفقد حقي في الوظيفة العمومية للأبد كغيرى من الزملاء الذين يجربون حظوظهم فيها للمرة الأخيرة بسبب عامل السن.
تلقيت معلومات أفرحتني عن لجنة التصحيح حيث كان أعضاؤها من خيرة العاملين في الحقل معرفة ونزاهة،ولذلك زاد منسوب الأمل لدى بجرعة كبيرة جعلتني أستعجل خروج نتائج الكتابي ،ورغم أنني كان لدى إحساس – أحسبه صادقا- بأنني سأكون من الناجحين إلا أن المثبطين والحساد كان لديهم يقين بأنني سأعود "بخفي حنين".
كانت الأيام تمضي ببط ء حيث كنت مازلت أبحث عن عمل في مهنة الصحافة المكتوبة والمصاريف اليومية كثيرة والسكن في مقاطعة نائية كالرياض والوقت صيف حار ساخن تصعب فيه الحركة في ما بعد 11 نهارا بالعاصمة.أيضا كانت الشائعات كثيرة حول نتائج المسابقة والمدرسة الوطنية للإدارة حيث يتوقع صدور النتائج (كانت فيها مراكز التصحيح) بعيدة وأحتاج ل500 أوقية للوصول غليها في الوقت الذي لا عمل لي فيه تقريبا.
مضت الدقائق في كل يوم على كأنها سنوات بفعل تلك تلك الصعاب وطبعا كان القلق والخوف من مفاجئات اللحظة الأخيرة بخصوص رسوبي حاضرا وان بنسبة ضئيلة .
كنت في الفترة الفاصلة بين يوم المسابقة 18 يوليوو2011إلى يوم خروج النتائج منهمكا في مساعدة قريب لي في رسالة جامعية له مع البحث اليومي عن عمل في الصحافة المكتوبة يساعدني وكانت هذه الفترة جد عصيبة لا أنساها ما حييت .(الكد ليلا في رسالة قريبي والبحث نهارا عن سراب العمل في الصحافة المكتوبة وفي كل الأوقات هنالك حيرة ولدتها أسئلة منطقية حائرة هي ماذا ستعمل إن رسبت في هذه المسابقة وأوصد باب الوظيفة العمومية أمامك؟ كيف ستكون ردة فعل حسادك (وهم بالمناسبة كثر)؟ ماذا ستقول لأصهارك الذين يعولون على نجاحك؟
وطبعا كان مجرد التفكير في احتمال رسوبي يسبب صداعا نصفيا أحرى أن أفكر في احتمال وجود جواب لأحد تلك الأسئلة التي اعتبرها بلا أجوبة في الواقع الذي أعيشه.
كانت الأسئلة تنهال علي كل يوم من الصديق والقريب والغريب "النتائج ماخاظ؟"،ومع تفهم أسئلة البعص كالاخوة والوالدين والصديق الذين أراهم مشفقا على حالي ويتمنون لي الخير وكذا الغريب الذي يبحث عن الجديد من باب قتل الوقت،إلا أن أسئلة بعض الأقارب والحساد والتي تكون مصحوبة عادة بالجملة "إياك لودت الوساطة كانك تنجح" كانت تقلقني كثيرا لأنها توحي بالنكاية من خلال إيهامي بأنه لا احد في هذه البلاد يستطيع أن يعول على كفاءته العلمية وحدها في النجاح بأي مسابقة ترسيخا لصورة نمطية سوادوية من الماضي.
كنت ومجموعة من المتسابقين نزور المدرسة الوطنية للإدارة لنبحث عن إخبار صدور نتائج الكتابي وفي نهاية الأسبوع الأول من أغسطس 2011 سرت شائعة بأن التصحيح انتهى والنتائج ستصدر خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
في يوم الخميس 11 أغسطس 2011...
يتواصل
بقلم :محمد ولد محمد الأمين (نافع)
ملاحظة: لفهم هذه اليوميات في جزئها الثالث من المفيد جدا مطالعة الجزء الأول منها تحت عنوان:" يوميات طالب الغربة في 66حلقة والثاني تحت عنوان :"رحلة البحث عن الوظيفة الرسمية في 55 حلقة".
ولمن يرغب فيهما أن يبعث للكاتب على العنوان البريدي الالكتروني. الكاتب نشرت له جامعة جورج تاون الأمريكية في بعض كتبها التي تدرس بجامعات العالم (حلقات من الجزء الاول يوميات طالب الغربة).
للتعليق والملاحظات: