طالب المرشح الرئاسي السابق محمد أحمد بن باب أحمد بقطع العلاقات مع فرنسا ردا على الاستفزازات الجديدة لِ"شارلي أبدو" واصفا هذه العلاقات الضارة و المشينة بهذا العدو اللدود حسب تعبيره... وأضاف:
مرة أخرى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لأنه من الواضح أن هذا هو سبيلها الوحيد للبيع و للتكسب، أقدمت حماقة الأسبوع الفرنسي الصادرة بدويلة الاستعمار، عليها لعنة الله و علي من تولاها، إلي الإساءة إلي ما يربو علي مليارين من المسلمين، في محاولة يائسة جديدة قديمة للنيل ممن عصمه البارئ القوي العزيز و زكاه خَلقا و خُلقا و فؤادا و نطقا و كلمه عند سدرة المنتهي ليلة الإسراء و المعراج و سيُشفعه غدا، في اليوم المشهود، يوم الدين، يوم لا ينفع مال و لا بنون...سمحت فرنسا الرسمية بالجريمة، لأن الذي يشغل بالها و القادر علي ردعها هي مصالحها، و مصالحها فقط، و التي، و بالمناسبة، لا تقدر ولا تحصى في بلاد الإسلام، و موريتانيا علي وجه التحديد، لكنها مطمئنة كل الاطمئنان لأنها، مع الأسف، تعلم علم اليقين أن عهد الرجال قد ولي، و أضحت أرض الرجال أرضا بلا رجال، و ربما، بلا شعب أيضا.
ما كان لفرنسا الجبانة التي خسرت كل الحروب التي خاضتها إبان تاريخها الأسود الطويل، من الصليبية إلي العالميتين، و من الاستعمار في فيتنام إلي الجزائر، و التي لم تربح منها و لا معركة واحدة للاستثناء القصصي، و لم يسقط لها قتيل أو جريح إلا و كان مصابا في ظهره لأنه كان هاربا من الميدان، ما كان لدويلة الاستعمار أن تتجرأ علي الجريمة التي نفذتها بقلم مسعور و حاقد للنيل من خير البريئة محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي صلي الله عليه وسلم، لولا الوهن الذي حذر منه المصطفي نفسه صلي الله عليه و سلم، و الذي أُصابنا في مقتل، فزعزع فينا الإيمان حتى وصلت القلوب الحناجر وقتل فينا الرجولة و الشهامة.
فرنسا عليها لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، أهانت بلادنا و أذلتها بإتباعها كاملة لِقُريةِ "اندر السنغالية" طيلة حقبة الاستعمار و نهبت خيراتنا، و مازالت تنهش فيها، و عند "الاستقلال" لم تترك لنا ما يذكر، لا هي شيدت بني تحتية ، و لا فوقية، و لا ماء، و لا كهرباء، و لا عمارة حتى، لا شيء يذكر...!
و لما قرر المختار رحمه الله بناء ميناء الصداقة، أطاحت بيه، لأنها لا ترضي لنا إلا أن نبقي تبعا لميناء دكار و للسنغال، و اشترطت للاعتراف بهذا الانقلاب، الذي خططت له، بأن تتنازل موريتانيا عن حصتها من كهرباء منظمة استثمار نهر السنغال لصالح دكار فقبلَ، مع الأسف، الانقلابيون، و بقي هذا الغبن حتى جاء معاوية و راجع لصالحنا هذه الاتفاقية المجحفة.
كانت هنا و مازالت، و بقيت العبودية ومعها باقي الألغام التي زرعتها و برمجتها كي تبقي سيفا مسلطا علي رقابنا و تستغل تناقضاتنا لتنهب خيراتنا و لهذا الغرض الخبيث اكتتبت و نظمت و جهزت و سلحتجيوشا من العملاء و الجواسيس.
لا شيء أبلغ تعبيرا عن النوايا الحقيقية و الخفية لفرنسا من رسالة سفارتها الشكلية، التي تغيظ الناظرين من الوطنيين الأحرار، لحجم الأراضي الشاسعة و الثمينة التي تحتلها، ومفاد هذه البرقية التي كتبت بالاسمنت، و كأنها أزلية، هو أننا ما زلنا تحت الاستعمار و نحتاج إلي حرب تحرير جديدة.
أما لسان الحال فيقول إن سفيرها مع منافسه و زميله الأمريكي يشكلان خلية ظل يعود إليها الحل و الربط في كل القضايا المفصلية و تتدخل متى و كيف شاءت في كل شؤون الوطن و في تفاصيل حياتنا اليومية.
لماذا كل هذا الوهن؟
هل وضعنا العلاقة مع فرنسا علي ميزان المصالح الوطنية، كما ينبغي و كما يُلزم ذلك كل من الدين و المنطق الوطني و الدبلوماسية الحديثة ؟
لو وزناها، و بكل المقاييس و بشتى المعايير، لوجدنا هذه الاتفاقيات غايةً في الإجحاف و عدم الإنصاف، و ستبقي خزي في الدنيا و الآخرة و وسمة عار علي جبين المفاوض الذي خان الأمانة، فكلها لصالحهم، و لوحدهم، و لهذا هم يحرصون عليها أكثر منا، و هذا ما فهمه بالضبط الرئيسان الأسبقان المختار رحمه الله و معاوية.
ولشدة حرصها علي هذه العلاقات المجحفة التي تنهب من خلالها ثرواتنا، تحولت فرنسا، مع قيام الدولة الموريتانية، إلي عامل زعزعة للأمن القومي، و يؤكد هذا الطرح و يعززه أنها وراء جميع الانقلابات المتتالية علي الشرعية الوطنية، و أنها أول من يبادر علي الدوام إلي الاعتراف بالانقلابيين أيا كانوا، و أنها أيضا، هي التي تحتضن و تدعم تلقائيا جميع الحركات الفئوية كفلام و إيرا المناهضة للكينونة الوطنية.
فعداؤها، هذا ،للكينونة الوطنية ليس بجديد، بل هو تاريخي و بنيوي و صميمي و عضوي، و هو الذي حذا بها أن رسمت خريطتنا بنفس القلم الحقود، الذي حاول النيل من خير البريئة عليه أزكي الصلوات و السلام، فخط القلم الخريطة و زرع فيها من عوامل الاختلاف و التناقض و بذور الفتنة و الألغام ما يضمن حتمية تفكيكها من الداخل.
لا يوجد عاقل في هذه القرية الكونية يماري في أن القنبلة الموريتانية المؤقتة التي خطط لها و رسمها و زرعها و أوقتها الفرنسيون في أواخر الخمسينيات لن تنفجر إن عاجلا أو آجلا، لكن لا أحد مع الله عز و جل يدري متي، ماعدا الغادرون الذين أوقتوها و الذين يحركون عملائهم لزيادة شحنها و هم ماسكون علي الزناد انتظارا لساعة الصفر.
تمكرُ فرنسا سرا و علانية و تخطط ضدنا عقب ليل فيحيط بها مكرها السيئ و يزِلُّ قلمها المشئوم ليتطاول بها حقدها المسعور ، في محاولة يائسة جديدة قديمة، لتنال من خاتم النبيين و إمام المرسلين محمد صلي الله عليه و سلم، فتنكشف سوأتها و ينهار عليها الخزي و تلاحقها اللعنة من كل بقاع العالم، و في هذا تجد موريتانيا ضالتها و فرصتها الذهبية لتتخلص من عدوها الرئيسي و تقطع معه جميع العلاقات.
جريمة "شارلي أبدو" الجديدة و بجميع فصولها هي فرنسية بدواعيها و وسيلتها والمستفيد منها، فالمدان هو المتهم نفسه و هي فرنسا، التي يجب قطع جميع العلاقات معها فورا و مقاطعة مختلف منتجاتها.
إذا لم نغضب لرسول الله صلي الله عليه و سلم، فمتى سنغضب؟
محمد أحمد بن باب أحمد