قال رئيس الجمهورية محمد ولد عبدالعزيز، إن الشفافية التزام أخلاقي على الجميع احترامه من موقعه مسؤوليته إتجاه بلده ومواطنيه، وأمام الأجيال القادمة، حسب تعبيره وأكد ولد عبد العزيز لدى افتتاحه بعد ظهر اليوم الاثنين 19ـ01ـ2015، بقصر المؤتمرات في نواكشوط للمؤتمر رفيع المستوى حول الشفافية والتنمية المستدامة، أن ترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد يتطلب تنسيقا دائما وتعاونا تاما بين مختلف بلداننا الافريقية، كما يستدعي مقاربة متعددة الجوانب وعملا مشتركا بين الإدارات الحكومية والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، على حد قول الرئيس الموريتاني. وهذا النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية:
"بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم اصحاب المعالي السادة والسيدات ممثلو الدول والحكومات السيد رئيس اللجنة الاستشارية لمنظمة الشفافية الدولية السيدة مفوضة الاتحاد الافريقي للشؤون السياسية السيد المدير التنفيذي لهيئة مو ابراهيم السيد الوزير الاول السيد رئيس مجلس الشيوخ السيد رئيس الجمعية الوطنية السيد زعيم المعارضة الديموقراطية السادة الوزراء السادة ضيوف الشرف السادة والسيدات أعضاء السلك الديبلوماسي وممثلو الشركاء في التنمية السادة ممثلو منظمات المجتمع المدني السادة ممثلو القطاع الخاص أيها الحضور الكريم، أيها السادة والسيدات، يطيب لي في البداية ان أعرب لكم جميعا عن خالص الشكر على حضوركم معنا اليوم للمشاركة في هذا المؤتمر رفيع المستوى حول الشفافية والتنمية المستدامة في افريقيا، مرحبا بكم ترحيبا حار ومتمنيا لكم إقامة طيبة.
ان حضوركم اليوم معنا رغم ارتباطاتكم المتعددة، يعكس بوضوح اهتمامكم الكبير والتزامكم الأكيد بقضايا الشفافية والتنمية المستدامة في افريقيا. اصحاب المعالي، ضيوفنا الكرام، أيها السادة والسيدات، ان الشفافية والحكم الرشيد قضايا محورية ورهان مصيري بالنسبة لحاضر ومستقبل القارة الافريقية، ذلك ان الشفافية والحكم الرشيد أساس متين لضمان حسن اداء الاقتصاد الافريقي. ونسجل هنا بارتياح ، مستوى الوعي الذي يسود قارتنا بشأن أهمية الشفافية والحكم الرشيد وهو ما مكن حتى الان من تحقيق تقدم ملحوظ في وضع الإطار القانوني الكفيل بمطابقة التشريعات الوطنية للمعايير الدولية من خلال المصادقة على الاتفاقية الافريقية الخاصة بمكافحة الفساد والميثاق الافريقي للوكلاء العموميين. كما ان جهودا كبيرة يجري بذلها لمتابعة التحويلات غير الشرعية لتجفيف منابعها ، وهو عمل جبار يعكف عليه فريق من الشخصيات المرجعية برئاسة الرئيس ثابو امبيكي.
اصحاب المعالي، ضيوفنا الكرام، أيها السادة والسيدات، اذا كان هذا المؤتمر مناسبة لاستعراض ما تحقق في بلداننا في مجال الشفافية ومحاربة الفساد، وفرصة لتبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات ، فإننا نتطلع الى ان يكون كذلك لحظة تاريخية لترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد في مختلف مناحي الحياة في افريقيا ضمانا لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة في مختلف جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
اصحاب المعالي، ضيوفنا الكرام، أيها السادة والسيدات، ان تعزيز الشفافية وإرساء قواعد الحكم الرشيد ومحاربة الفساد ظلت على رأس أولوياتنا في موريتانيا، منذ الاستحقاقات الرئاسية لعام 2009 ومثلت المحور الأهم في نشاط الحكومة خلال المأمورية الاولى وتتصدر اليوم أولويات العمل الحكومي.
وإذا كانت عماية الإصلاح قد واجهت مقاومة الأوساط المستفيدة من الفساد، فان الغالبية العظمى من الشعب الموريتاني قد ساندت جهودنا بقوة. وهو ما مكن خلال سنوات قليلة من تحقيق نمو اقتصادي غير مسبوق ، بالرغم من الأوضاع الدولية الصعبة جراء الأزمات المالية المتكررة والركود الاقتصادي العالمي. وهكذا أدت الصرامة في التسيير ونشر ثقافة الشفافية وجهود مكافحة الفساد الى تغيير نظرة المجتمع للمفسدين الذين أصبحوا الآن محل سخط المواطن ويلاحقهم القانون.
كما تم ترشيد نفقات التسيير وزيادة ميزانية الاستثمار في وقت تضاعفت فيه الإيرادات الجبائية بفضل المكافحة الفعالة للتهرب الضريبي.
وقد مثلت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وثيقة مرجعية تم إعدادها بطريقة تشاركية، أدت الى تحديد الأهداف والآليات الكفيلة بإرساء قواعد الحكم الرشيد ، وتخليص البلاد من الفساد.
وتم في نفس السياق تفعيل اجهزة الرقابة ما مكن من حماية المال العام من عبث المفسدين واسترجاع مبالغ معتبرة سخرت لتمويل أنشطة مكافحة الفقر. وقد مثل إصلاح منظومة الصفقات العمومية قطيعة تامة مع عهود ساد فيها الفساد الطلبية العمومية. لقد استوفت بلادنا متطلبات الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية، فتمت الإشادة بالجهود الجبارة التي بذلناها في هذا المجال، كما استعاد المواطن الموريتاني ثقته في المسابقات سبيلا وحيدا لولوج الوظائف العمومية.
ويسرني أن أعلن بهذه المناسبة ان بلادنا ستطلق مبادرة للشفافية في مجال الصيد البحري. اصحاب المعالي، ضيوفنا الكرام، أيها السادة والسيدات، ان الشفافية التزام أخلاقي ، علينا جميعا احترامه كل من موقعه فهي مسؤوليتنا اتجاه بلداننا، ومواطنينا، وأمام الأجيال القادمة. ان ترسيخ الشفافية ومكافحة الفساد يتطلب تنسيقا دائما وتعاونا تاما بين مختلف بلداننا الافريقية، كما يستدعي مقاربة متعددة الجوانب وعملا مشتركا بين الإدارات الحكومية والمجتمع المدني، والقطاع الخاص.
واغتنم هذه المناسبة لأدعو جميع القوى الحية في قارتنا الى العمل معا من اجل افريقيا خالية من الفساد، تسودها الشفافية لتنعم شعوبها بالتنمية المستدامة. وإذ أتمنى لأعمالكم موفور النجاح والتوفيق، أعلن على بركة الله افتتاح " المؤتمر رفيع المستوى حول الشفافية والتنمية المستدامة". وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"