موريتانيا والاتحاد الأوروبي : توتر في العلاقات السياسية و الاقتصادية

خميس, 2015-01-22 15:36

«القدس العربي»/ دخلت العلاقات بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي هذه الأيام فترة عصيبة بسبب اصطفاف الاتحاد الأوروبي بهيئاته التشريعية والتنفيذية إلى جانب سجناء الحركة الانعتاقية الموريتانية الناشطة في مجال مكافحة الرق، إضافة للتعثرات التي تعترض تجديد اتفاقية الصيد بين موريتانيا والاتحاد بسبب اشتراطات الطرف الموريتاني الخاصة بزيادة المقابل المالي.

وينعكس موقف الاتحاد هذا، الذي عبر عنه في بيانين وزعا اليومين الأخيرين في ستراسبورغ ونواكشوط من طرف اللجنة الاوروبية ومندوبية الاتحاد الأوروبي في موريتانيا، بشكل واضح على المشهد السياسي الداخلي حيث تعول المعارضة الموريتانية، حسب مقربين منها، على هذه الحالة لإضعاف نظام الرئيس الموريتاني وإخضاعه لاشتراطاتها في الحوار المتوقع أن يبدأ عما قريب.

وأعربت مندوبية الاتحاد الأوروبي في بيانها الخاص بنشطاء الرق والذي أكدت أنها أصدرته بالاتفاق مع جميع السفارات الأوروبية، «عن قلقها الشديد للأحكام القاسية التي أصدرتها العدالة الموريتانية بحق المناضلين المحاربين للرق والقاضية بسجنهم سنتين نافذتين».

وأعربت المندوبية «عن تمسكها بحقوق الإنسان بعامة وبالحق في التجمع والتظاهر بخاصة»، مؤكدة «أنها ستواصل متابعتها الخاصة لهذا الملف بما في ذلك جوانبه القانونية».

واستدرك بيان المندوبية الموقف في هذه القضية الحساسة فأشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي يشجع السلطات ومنظمات المجتمع المدني في موريتانيا على مواصلة وتوسيع الجهود لتعزيز الوحدة الوطنية ومن أجل القضاء على الرق ومحو آثاره ضمن حوار هادئ».

وفي بيان آخر أكدت رئيسة اللجنة الفرعية لحقوق الانسان بالبرلمان الأوروبي أنه «من الغريب أن يكون الاحتجاج السلمي على الرق وفي القرن الواحد والعشرين، موضعا لأحكام بالسجن على أساس قانون الإرهاب في موريتانيا».

وأضافت أنها «تدعو باسم اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان لإطلاق سراح بيرام ولد اعبيد والمناضلين الآخرين بصورة سريعة وغير مشروطة».

وتنظر الأوساط المقربة من السلطات الموريتانية إلى الموقف الأوروبي نظرة اشمئزاز، حيث أنها تعتقد «أن مجموعة نشطاء مكافحة الرق قاموا بتصرفات لا يجيزها القانون فحوكموا محاكمة واضحة وحكم عليهم بما استحقوه من وجهة نظر القضاء».

وتعتقد هذه الوساط أن «الموقف الأوروبي إنما هو نوع من الضغط على الحكومة لتقبل، بالشروط الأوروبية، لتجديد اتفاقية الصيد بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، وهي الاتفاقية التي انتهي أجلها منذ31 تموز/يوليو الماضي».

وتشترط موريتانيا زيادة المقابل المالي الذي يدفعه الاتحاد الأوروبي لقاء اصطياده للأسماك في المياه الموريتانية والذي يبلغ حاليا 114 مليون يورو تسدد مقابل اصطياد 300 ألف طن من الأسماك في الشواطئ الموريتانية ذات الوفرة السمكية العالية.

وتقدمت موريتانيا خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات بشروط جديدة لشريكها الأوروبي منها التماس زيادة المداخيل المالية، والاستمرار في منع صيد سمك الأخطبوط على سفن السوق الأوروبي، فيما تقدم الجانب الأوروبي بطلبات تخص توسيع مساحة الصيد، والحصول على فرص تفضيلية تتعلق بصيد عينات من الأسماك بينها الأخطبوط. وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز قد أعلن في تصريحات أخيرة له «أن حكومته عززت المكاسب التي يحصل عليها الطرف الموريتاني من الطرف الأوروبي، كما رسخت ضوابط المحافظة على الثروة السمكية لموريتانيا، حيث تمنع الاتفاقية ولأول مرة الأساطيل الأوروبية من صيد الأخطبوط، كما تبعد الأساطيل الصناعية عن المناطق الحساسة التي تتكاثر فيها الأسماك وعن المحميات الطبيعية القريبة من السواحل الموريتانية».

وتلزم الاتفاقية المحسنة لصالح موريتانيا الطرف الأوروبي بتخصيص نسبة 60 ٪ من أطقم السفن العاملة في مجال الصيد للعمالة الموريتانية، وبالتنازل عن 2 ٪ من الكميات المصطادة للطرف الموريتاني لبيعها بأسعار مخفضة في الأحياء الشعبية وفي المناطق الداخلية بالبلاد. ونصت الاتفاقية أيضا على إلزامية تفريغ سفن صيد القاع في موانئ مدينة نواذيبو شمال موريتانيا، لتمكين الرقابة الحقيقية والفاعلة على النوعيات والكميات المصطادة داخل الموانئ الموريتانية.

ويعتبر الاتحاد الأوروبي أهم شركاء موريتانيا في مجال الصيد، حيث تربطه مع موريتانيا اتفاقية صيد منذ العام 1987.