كَثر الحديثُ اليومَ حول مدى جِدية الدعوة لحوار وطني شامل ما بين الأطراف السياسية التي تُشكل المشهد السياسي في البلد مابين النظام الحاكم والمعارضة.
وغِيرةً على الوحدة الوطنية و الاسلامية الشاملة والقوية لمجتمعنا الموريتاني فإن ـ الباحث هناـ ينصح كل الأطراف بمباركة الجلوس على طاولة المفاوضات وجها لوجه ، بكل صدق وبكل شفافية ، فالتحاور الجاد و المسؤول هو الطريق الصحيح لنزع فتيل الفتنة ، والتخلف والفساد، وإن أيةَ تنمية اقتصادية لاتقوم إلا باصلاح المشهد السياسي فالسياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة .
ومن نجاح الحوار المقترح والمأمول التزام الأطراف المُشارِكة بالنية الصادقة الصالحة لخدمة الوطن ولخدمة أمن واستقرار المجتمع، كما أن استحضار هذه النية ـ في ابتغاء وجه الله تعالى ـ هو الضامن الوحيد لنجاح الحوار قال تعالى في شأن الحَكمين في الخلاف الأسري (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ).
وتأكيدا على أهمية الحوار لاستقرار الأمور و استتباب الأمن أصدر مجمع الفقه الاسلامي الدولي بيانا بشأن ما يحدث في البلاد العربية وبعض البلاد الإسلامية من خلافات داعيا فيه إلى الحوار كواجب وطني مطلوب شرعا ونص البيان على الآتي :
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في دورته الحادية والعشرين بمدينة الرياض ( المملكة العربية السعودية ) من ١٥ إلى ١٩ محرم ١٤٣٥هـ ، الموافق ٢٢ – ١٨ تشرين الثاني ( نوفمبر ) ٢٠١٣م ، باعتباره مرجعية فقهية للأمة الإسلامية ، واستشعارا منه لمسؤولياته ، وانطلاقا من واجبه نحو الأمة ، تجاه ما يواجهها من تحديات وأخطار ، وبخاصة فيما يحدث في البلاد العربية وبعض البلاد الإسلامية ،.......
رابعا: التأكيد على أسلوب الحوار حسبما جاء في القرار ذي الرقم١٨٢ (١٩/٨)) وسيلة لفض الخلافـات والنزاعات السياسية وفي العلاقة بين القيـادات الحاكمـة والرعيـة والأحـزاب المختلفـة وعـدم اللجـوء إلى العنـف والقـوة والسـلاح بـين أبنـاء الأمـة والبلـد الواحـد ، والابتعـاد عـن التعصـب والطائفيـة والحزبيـة الضيقة .
خامساً : التأكيـد علـى أحقيـة الشـعوب في العـدل والقسـط والشـورى والتعـاون وتـأمين الحيـاة الكريمـة بـين جميـع فئات المجتمع الواحد لتحقيق المقاصد العليا للأمة ".
كما أصدر المجمع فتواه بشأن أخلاقيات وآداب الحوار حيث ينص القرار على الآتي :
قرار رقم ٢٠٢ (٢١/٨)
بشأن الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي المنعقد في دورته الحادية والعشرين بمدينة الرياض (المملكة العربية السعودية) من: 15 إلى 19 محرم 1435هـ، الموافق: 18 – 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية،
وبعد استماعه إلى المناقشات والمداولات التي دارت حوله،
قرر ما يأتي:
...........
(2) الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية هو: تبادل الآراء حول موضوع معين بين أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة بعيدا عن التعصب للوصول إلى مفاهيم مشتركة أو متقاربة أو متعايشة.
(3) الحوار ضرورة اجتماعية لاستمرار الحياة واستقامتها، وهو بين أتباع الملة الواحدة أكثر ضرورة وإلحاحا في عالم تكثر فيه التكتلات والأحلاف.
(4) للحوار آداب ينبغي التحلي بها وأهمها: الإخلاص، احترام المخالف، ونبذ التعصب. والبعد عن قصد الظهور والغلبة، واختيار أفضل أساليب الإقناع، والجدال بالحسنى.
(5) للحوار أصول تضبط مساره وتضمن نجاحه، وأهمها:
(أ) الاتفاق على مرجعية واضحة وهي أصول الاستدلال المتفق عليها بين علماء الأمة، والتأكيد على الالتزام بها.
(ب) تحديد محل الوفاق ومحل الخلاف، وجعل المتفق عليه أساسا لبحث المختلف فيه، ضمانا لبقاء التعايش، واحترام كل من الأطراف رأي الآخر، ما لم يكن مصادماً لصريح الكتاب والسنة وما أجمع عليه علماء الأمة.
(ج) محل الحوار هو المسائل الاجتهادية الظنية، وأما المسائل القطعية فليست محلا للحوار إلا من جهة التواصي عليها وكيفية تطبيقها.