قال الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى؛ رئيس هيئة علماء المسلمين إنه وجميع المشاركين في مؤتمر علماء شرق آسيا في العاصمة الماليزبة، كوالالمرور؛ "سعداء جميعاً فى هذا اليوم بلقاء استثنائى يجمع كوكبة عُلَمائية، فى دُوَلٍ لها أهميتها ووزنها فى خارطة عالمنا الإسلامى والعالم أجمع، وهى دول جنوب شرق آسيا"؛ مبرزا أن "تنوّع البشر واختلافَهم، ولا سيما فى أديانهم، هو قدرٌ إلهى قضت به حكمةُ الخالق سبحانه وتعالى، كما فى قوله سبحانه: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِى مَا آَتَاكُمْ)، وما دام أن الاختلافَ الدينى والإثنى أمرٌ كونى لا يُمْكِنُ إلغاؤه أو تجاهُلُه، فإن أقلَّ ما يتعين على الجميع فِعله لضمان التعايُش "الآمن والعادل"، هو الحيلولة دون تحوُّل الاختلاف إلى كراهيةٍ وعدوانٍ على الآخر؛ واستهدافِهِ بالإقصاء ومصادرةِ حقِّه فى الحياة الكريمة".
وأوضح الدكتور العيسى أنه توجد بين الأديان "مشتركاتٍ تضمنُ تحقيقَ تآلُف الجميع ووَحْدتهُم الوطنية، وأُخُوتهم الإنسانية، وليس الدينُ (فى حقيقته) داعيةَ فُرقة (لا وطنية ولا إنسانية)، بل أن دين الإسلام "على الوجه الخصوص" رحب بالسلام، وجعل كلمة السلام فى عبادة المسلم وتعاملاته، ووعد عباده بالجنة وهى دار السلام، وسمى الله جلَّ وعلا نفسَه بالسلام، وقال فى العدو المعتدى المحارب "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا"، هذه هى حقيقة دينِ الإسلام، وليس كما زوَّره المتطرفون والإرهابيون".
وبين أن "أحكام الإسلام لا يُمْكِنُ أخذُها إلا من العلماء الربانيين الذين ورِثُوا العلمَ النافع عن نبينا وسيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، (أمثالُ عُلماء هذا الجمع الكريم)، مؤكداً على أن حقيقة الإسلام لا تؤخذ عن جاهل، حتى لو صدَّر نفسَهُ أو صدَّره غيرُه (كعالم دينٍ)، ولا عن متطرف سلك سبيل التشدُّد، مخالفاً هدى الإسلام فى التيسير والرفق بالعباد، أو اختار حمل أيديولوجيةٍ ذاتِ أهدافٍ تخالفُ الإسلامَ، كمن اختزل الدينَ العظيم الشاملَ فى أهدافٍ سياسية ضيقة، كما لا يؤخذ الإسلامُ عن مغرض يُزَوِّرُ الحقائق، ولا عن متسرع يتلقى الدين من مصادر أحادية خاطئة فى تَصَوُّرِها، أو أنها تتعمد التضليل".
وأشار الدكتور العيسى إلى أن "من بين الخطأ فى التصور تعميم أخطاء ومجازفات بعض المحسوبين على الإسلام بحيث تُعَمَّم على أنها تُمَثِّلُ الدين، وهى ما نبهت عليه وثيقةُ مكةَ المكرمة التى أمضاها أكثرُ من ألفٍ ومائتى مفتٍ وعالمٍ برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله".
وأكد الأمين العام على أن "اجتماع علماء الأمة الإسلامية على صعيدٍ واحدٍ يُمثل ضرورةً ملحة للتصدى للقضايا الكبرى، وبما أن علماء جنوب شرق آسيا يُشَكِّلُون رابطةً مهمةً تتقاربُ فى عدد من القضايا العامة؛ لذا جاء هذا الترتيب لهذا المؤتمر التاريخى فى عاصمة السلام والوئام والوسطية كوالالمبور، هذا فضلاً عن التقارُب الجُغرافى بين الجميع بما لَهُ مِنْ تأثيرٍ فى عددٍ من القضايا الشرعية حيث تختلفُ الفَتَاوى والأحكام الشرعية باختلاف الزمان والمكان والأحوال".
وقال الشيخ العيسى: "يسرنا أن يكون هذا المؤتمر فاتحةَ خيرٍ لمجلس دائم يجتمع علماؤه من حين لآخر تحت المظلة العالمية للشعوب الإسلامية وهى رابطة العالم الإسلامي، حيث مقرها الرئيس القبلةُ الجامعة بمكة المكرمة، وتسعد الرابطة دوماً برعاية أى مؤتمر يجمع كلمة علماء الأمة الإسلامية ولا سيما فى قضاياها الكبرى المهمة، وقد سرنى بالأمس موافقة فخامة رئيس مجلس الوزراء السيد داتو سرى إسماعيل صبرى بن يعقوب على إنشاء هذا المجلس فى كوالالمبور وعلى رعايتِه له وافتتاحِه لأُولى جلساته العام القادم بإذن الله تعالى".
وكان رئيس الوزراء الماليزي داتو سرى إسماعيل صبرى بن يعقوب، قد ألقى خطاب افتتاح المؤتمر حيث شكر رابطة العالم الإسلامى على تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع الحكومة الماليزية تحت شعار "الوحدة"، قائلا: "أنا فخور باختيار ماليزيا لاستضافة هذا المؤتمر من قبل رابطة العالم الإسلامى ليسلط الضوء على الإسلام كدين الانسجام والأمن والازدهار فى مجتمع متعدّد الأعراق والأديان، وقد حضر هذا المؤتمر ممثلو الدول الأجنبية، خاصة من العلماء المسلمين. فأنا أرحب بكم جميعا".
وبيَّن أن انعقاد هذا المؤتمر "يأتى فى وقت لا يزال المسلمون يواجهون فيه تحديات مختلفة، بما فى ذلك الخلافات فيما بينهم، واستفزاز بعض الأطراف، وكراهية الإسلام أو الآراء الضارة بالإسلام، وفى رأيى يجب إيجاد حل لها، وهذا يتطلب التزام وتعاون جميع الأطراف للحفاظ على نقاء الإسلام وتضامن الأمة الإسلامية".
وشدّد رئيس وزراء ماليزيا على حاجة جميع العلماء المسلمين إلى "مناقشة أفكارهم والاتفاق عليها وتوحيدها وحشدها للتوصل إلى حلول للتحديات التى يواجهها المسلمون فى جميع أنحاء العالم".