اعتبر وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن انعقاد قمة الأعمال الافريقية - الأمريكية في المغرب يعد "تكريسا لدور المملكة الطبيعي كبوابة لإفريقيا وحلقة وصل مع شركائها العالميين؛ مثل أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية؛ مبرزا، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لقمة، المنظمة تحت الرعاية السامية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، بشراكة مع "مجلس الشركات المعني بإفريقيا"، تحت شعار "لنبن المستقبل معا"، أن انعقاد القمة على أرض المملكة المغربية "يكتسي دلالات متعددة، فهو تجسيد لالتزام المغرب الكامل تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس بانتمائه الطبيعي لافريقيا، وحرصه على مواكبة استقرارها وتنميتها الاقتصادية المستدامة".
وأضاف بوريطة أن انعقاد القمة؛ التي تستمر من 19 إلى 22 يوليو الجاري في مراكش، "تعبير عن نضج الشراكة الاستراتيجية المغربية- الأمريكية، التي بقدر تطورها على المستوى الثنائي، تسهم بشكل مباشر وفعال في خدمة الأمن والاستقرار في فضاءات جغرافية أخرى، خاصة افريقيا والشرق الأوسط"ح مؤكدا ، في هذا الصدد، أن العلاقات المغربية – الأمريكية تتميز بقوتها وغناها وريادتها على المستوى الافريقي.
وأكد أنه "إذا كان من المعروف أن المملكة المغربية، تاريخيا، أول دولة اعترفت باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها أيضا الدولة الافريقية الأولى والوحيدة التي لها اتفاق للتبادل الحر مع الولايات المتحدة.
كما أنها من الدول التي تتوفر على شراكة استراتيجية متينة ومتعددة الأبعاد مع هذا البلد الصديق، شراكة تسمح اليوم بأن يمتد التعاون، وبكل ثقة وثبات، ليشمل القارة الافريقية برمتها".
كما أكد أن "الحضور القوي لأكثر من 1000 مشارك في القمة يبرز المؤهلات والآفاق الهامة والواعدة للشراكة بين افريقيا والولايات المتحدة الأمريكية في مجال التجارة والاستثمار والأعمال.
كما يؤكد أهمية القطاع الخاص ومؤسسات التنمية والاستثمار كرافعة أساسية لهذه الشراكة". وتابع رئيس الدبلوماسية المغربي، في خطابه: "إذا كان انعقاد هذا الاجتماع يتزامن مع فترة أمل في انقشاع جائحة كوفيد، فإنه يصادف أيضا مرحلة يشهد فيها الاقتصاد العالمي اضطرابات عميقة، طالت سلاسل الانتاج والاستثمار، والمبادلات على حد سواء، وأنتجت تضخما وضغوطا اقتصادية مثيرة للقلق، وهو ما يحتم أكثر، من أي وقت مضى، التمسك بالتعاون سبيلا وحيدا لضمان الأمن وانسيابية التجارة والحفاظ على ثقة المستثمرين".
وبين أنه "في هذا السياق المليء بالتحديات والذي يشهد إعادة تشكيل معالم الاقتصاد الدولي، يبرز دور القارة الافريقية باعتبارها خزان نمو للاقتصاد العالمي، وحليفا قويا لشركائها الدوليين، مبرزا أنه بفضل ما تزخر به القارة من رأسمال بشري وموارد طبيعية، واعتبارا لسوقها المستقبلية المهيكلة والمترابطة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الافريقية، ولتجمعاتها الاقتصادية الاقليمية ونموها الاقتصادي البالغ معدله 6 بالمئة، فإن افريقيا تمتلك مؤهلات تجعلها قادرة على مواجهة الأزمات ويمكنها من تعزيز سيادتها في القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى، كالصحة، والأمن الغذائي، والطاقة والبيات التحتية، بما يضمن تحقيق نمو شامل وتنمية عادلة ومنصفة. "
وشدد بوريطة، في هذا السياق، على أنه "آن الأوان كي تجني افريقيا ثمار مؤهلاتها وإمكاناتها العديدة، وشبابها النابض بالحيوية وتنهض بدورها المحوري والطبيعي على الساحة الدولية، وفي التطورات الكبرى الجارية على الصعيد العالمي"، مبرزا أنه "إذا كانت الثروات والمؤهلات التي تزخر بها دول افريقيا الأربعة والخمسون نعمة تصنع غنى القارة وتفردها، فإنها أيضا مسؤولية على عاتق دولها وحكوماتها وتحد لروح الابداع والمقاولة لدى فاعليها الاقتصاديين، من أجل تحقيق المسار المفضي إلى النمو الشامل والتنمية المستدامة".
وقال إنه "لم يسبق أن كنا في حاجة أمس مما نحن اليوم إلى العمل سويا من أجل بناء اقتصاد افريقي يتطلع إلى المستقبل، يستمد قوته من اندماجه في منظومة التجارة العالمية وسلاسل القيمة الدولية، اقتصاد سليم ومتين، يعطي الأولوية للتصنيع والتشغيل وخلق القيمة، بما يكفل لقارتنا موقعا لائقا بها على الخريطة الاقتصادية الدولية".
كما شدد، من جهة أخرى، على ضرورة منح أهمية خاصة لتمويل المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، مقترحا "إرساء آلية لتتبع تنفيذ المشاريع المتمخضة عن الشراكة، وخلق تسهيلات لولوجها للتمويلات، وفق مقاربة تضع نصبها ضمان النجاعة والفعالية في التعامل مع المشاريع، لبلوغ نتائج ملموسة، وتحقيق تطور قابل للقياس، بما يسهم في تطوير علاقات اقتصادية مثمرة بين الولايات المتحدة والدول الافريقية"، مؤكدا أن "المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس يعتز بانتمائه إلى قارته - افريقيا- ويؤمن بمستقبلها"، مبرزا أنه و"اخلاصا لانخراطه الفاعل في بناء الوحدة الافريقية منذ سنة 1961 ، فإن المغرب ماض في تعبئته المتواصلة من أجل انبثاق قارة افريقية واثقة من امكانياتها ومنفتحة على المستقبل، وفاء للالتزام الذي قطعه جلالة الملك محمد السادس بنهج سياسة متناسقة ومتكاملة تجاه أشقائنا الأفارقة، ترتكز على الاستثمار المشترك للثروات، والنهوض بالتنمية البشرية، وتعزيز التعاون الاقتصادي".
وأضاف: "لقد جعل المغرب من التعاون الثلاثي في صلب العمل المشترك مع الولايات المتحدة وافريقيا، إيمانا من جلالته بأن روابط الثقة والتعاون التي تجمع المغرب بكل منهما لابد أن تستثمر في دينامية خلاقة للتنمية على أساس من التكامل وتضافر الامكانيات الوجهود"، مبرزا أن "الولايات المتحدة، التي ما فتئت تساند قضايا القارة منذ استقلال دولها، كانت ولاتزال شريكا مهما لافريقيا، شريكا يتقاسم معها جزءا من تاريخها، وجزءا من جغرافيتها كذلك، عبر المحيط الأطلسي، ويتعاون مع دولها فرادى وجماعات في جميع الميادين، وعلى جميع المستويات".