عشية قدوم بعثة حزب الإنصاف إلى مقاطعة مال الفتية كانت مدينة مال وجهة لكل السياسيين من أبناء المقاطعة ومسرحا للتنافس الديمقراطي والاجتماعي بين الأحلاف السياسية الناشطة على مستوى المقاطعة في إطارحزبالإنصاف، إلا ما أسفرت عنه لقاءات الأربعاء والخميس الموافق ل 11 و 12 من يناير الجاري جعل المشهد السياسي في المقاطعة يأخذ طابعا مختلفا تماما عن الذي عهدناه، وكانت نواميسه تتضح شيئا فشيئا بعد ظهور القوة السياسية الجديدة المتمثلة في حلف "منصفون" التي ابهرت الجميع بأداء ديمقراطي حضاري ناضج مقارنة بالممارسين للسياسية من الشخصيات التقليدية.
وفي ما يلي بعض المقارنات بين أداء حلف منصفون والآخرون:
1. عمل حلف منصفون بجد واجتهاد على إصلاح ذات البين بين المجموعات وتسهيل وصولها الى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية ومساعدتها علي توصيل تطلعاتها نحو غد أفضل إلى مختلف مفاصل الدولة و الحزب، وهكذا ظهرت شخصيات سياسية واجتماعية وازنة من هذا لحلف أصبحت تتدخل بشكل لافت على المستوى الاجتماعي والتنموي للمنطقة ففرضت نفسها كأحد الارقام الصعبة في دوائر الفعل السياسي في المقاطعة الوليدة.
2. حقق حلف منصفون من خلال ترشيحاته مبدأ الإنصاف مراعاة للوحدة الوطنية وإنصافا لبعض الطوائف والفئات الاجتماعية التي عانت الحرمان خلال الاستحقاقات الماضية، تمثل ذلك من خلال رؤية سياسية توافقية.فمثلا بالنسبة لبلدية مال المركزية قدم حلف منصفون نموذجا ديمقراطيا اعتمد مقاربة فريدة وذلك باعتماد استراتيجية تعدد المقترحات للترشح مع الالتزام التام بدعم المرشح الذي يتم اعتماده من قبل الحزب وبصفة توافقية مستقبلا. جاءت تلك المقاربة نتيجة للثراء الذي ينفرد به الحلف من الكوادر ممن يمكن تقديمهم كمرشحين لمنصبي العمد والنواب وذلك لكي لا يتم كبت طموح منتسبي الحلف المؤهلين لشغل تلك المناصب، وتميزت هذه المقاربة بأنها مستحدثة وبأسلوب ديمقراطي يرضي الجميع حيث تحمل في طياتها إنصافا للجميع خاصة الفئات المهمشة و الشباب وكل جهات ومجموعات المقاطعة.
3. عمل حلف منصفون على نقل قرارات واقتراحات كل مجموعة أو منطقة على التشاور من داخلها وهو مبدأ تفتقده بعض الأطياف السياسية التي اعتمدت سياسية مبدأ نفسي نفسي فقط وهو ما تجلى بصورة واضحة من خلال الترشحات المقدمة لشغل المناصب الانتخابية. فمنهم من قدم للنيابيات نفسه ومنهم من قدم شقيقه ومنهم من قدم ابنه في أسلوب ارستقراطقي متكرر لا ينتمي قطعا لمرحلة الإنصاف.
كما أن ترشيحاتهم في البلديات الأخرى جاءت فقط لذر الرماد في العيون كردة فعل على المقترحات التي قدمها حلف منصفون كما هو ملاحظ في بلديات بورات ولم عود ومال وهو استغلال مكشوف لأبناء المهمشين من أجل المناورة والمناورة فقط دون أن تكون هناك جدية مصاحبة لتلك القرارات.
4. كانت الممارسة السياسية لجماعة التأطير السياسي لحلف منصفون إبان فترة إقامة البعثة الحزبية درسا ديمقراطيا يحتذى فلم يتم قلب الحقائق أو مغالطة البعثة حيث كان ممثلو القرى والتجمعات حاضرين عن قرب ليشهدوا ويباركوا خيارات منصفون في نفس الوقت الذي ركزت فيه بعض القوى السياسية على إقامة المهرجانات الاستعارضية أمام البعثة وهي محاولة لإلهاء الرأي العام المقاطعي والجهوي عن الأهداف الأساسية لزيارة البعثه، كما أن حلف منصفون قدم نموجا من الوحدة والاتزان في الطرح والتوافق في المبدأ فلم يطبع لقاءاتهم مع البعثة الحزبية شطط أو شحان أو شجار كما كان حال بعض القوى والأحلاف أمام البعثة الحزبية حيث ظهر عدم التنسيق والغبن والتهميش في الاختيارات المقدمة وصل حد العراك والشتم بالكلام في مشهد من الفوضوية كان كفيلا بتحول بعض القوى أثناء الزيارة وتغيير وجهتها السياسية إلى حلف منصفون، حيث التحقت مجموعات وازنة بحلف منصفون استجابة للضمير ووعيا بالمصلحة وتصويبا للرأي ومراجعة للتوجه.
5. كان حلف منصفون خلال هذه الزيارة الحزبية الحلف الوحيد الذي قدم الدعم للرئيس الحالي للمجلس الجهوي في حين تجاهلت الأحلاف الأخرى هذا المنصب الانتخابي الهام والشخصية التي يمكن أن تشغله مما يعكس مكانة الحلف جهويا ويبين مدى اهتمام قادته بكل بالحلف الذ يجمعهم جهويا بحلف المسار بمكطع لحجار مع متداداته الكبيرة في مقاطعات الولاية لاخري .
6. كان حلف منصفون الحلف الوحيد الذي قدم اطارا بارزا كمرشح اجماع في المقاطعة للائحة الوطنية وهو من قري صدات في بلدية بورات التى تمثل بحق عنوانا بارزا لمحاربة التهميش والإقصاء ومؤازة المواطنين الأكثر احتياجا.
في جميع الأحوال تدل المؤشرات على أن حلف منصفون بامتدادته وبتنظيمه وتماسكه واستراتيجته في تقديم المترشحين سيكون بحول الله تعالى صاحب الحظوة في نيل ثقة الحزب لكل المقاعد النيابية والبلدية وذلك لعدة اعتبارات، من بينها الأمور سابقة الذكر، إضافة إلى قدرة الفاعلين السياسيين في الحلف على التأثير الإيجابي على الساكنة و قدرتهم على تصميم وتنفيذ البرامج الانتخابية الموضوعية.
ختاما إن مما لا شك فيه أن التنافس أو الصراع السياسي أخذ طابعا مختلفا عن الصراع التقليدي الذي عهدناه في الانتخابات البلدية السابقة وبنكهة سياسية مغايرة بدت بصمات حلف منصفون فيها واضحة مما سيلغي أسلوب المحاصصة الطائفية إضافة إلى تقليص نفوذ القوى السياسية القديمة التي لم تعد تنتمي للعنوان الأبرز المرحلة، حيث مثلت القوى التقليدية التي تصارع مناجل البقاء حاليا فقد هذه القوى مثلت الفاعل الرئيسي لإقصاء وتهميش المستضعفين في المنطقة منذ بداية المسار الديمقراطي في البلاد بشكل عام.
الأستاذ: سيد احمد ولد عبدي.