الأناضول / هل تفقد موريتانيا ورقة التأثير في إفريقيا بعد تسليم رئاسة الاتحاد الأفريقي؟ سؤال بات يطرح نفسه بقوة عقب تسليم نواكشوط المنصب لزيمبابوي في نهاية يناير/ كانون ثان الماضي، وذلك بعد أن أعطت فرصة رئاسة موريتانيا للاتحاد الأفريقي حراكا جديدا للدبلوماسية الموريتانية في محيطها الأفريقي بعد سنوات من الانكماش والغياب عن ساحة التأثير الأفريقي.
فقدرة موريتانيا على تأسيس إستراتيجية دبلوماسية تضمن لها المزيد من التموقع في دوائر صنع القرار الأفريقي، والحفاظ على العلاقات التي تم اكتسابها في الفترة الأخيرة، أمور تعتبر أكبر تحد أمام الدبلوماسية الموريتانية في الفترة المقبلة.
ويرى الكاتب الموريتاني "سيري وان" أن "المزاوجة في إدارة ملف رئاسة الإتحاد الأفريقي من جهة وملف مجموعة الساحل شكلت أكبر تحد لدى الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز".
ويشير وان وهو متخصص في القضايا الأفريقية في تصريحات لـ"الأناضول" إلى أن "الرئيس الموريتاني طغت عليه سابقا في أكثر من مناسبة صفة رئيس الاتحاد الأفريقي للتوسط في نزاعات وأحداث بعض دول المجوعة كأزمتي شمال مالي وأزمة بوركينا فاسو أكثر منها صفته كرئيس لمجموعة دول الساحل".
ولفت إلى أن "موريتانيا لا تمتلك موارد بشرية أو اقتصادية كبيرة تتيح لها أن تشكل قوة تأثير في صنع القرار الأفريقي، إلا أن حضورها المتنامي خلال السنوات الأخيرة في بعض الملفات الأمنية بمنطقة الساحل عزز من أهميتها الجيوسياسية بالمنطقة كفاعل لا غنى عنه في تثبيت ودعم الاستقرار بالمنطقة".
ويتوقع وان أن "تتفرغ موريتانيا بعد تسليم رئاسة الاتحاد الأفريقي لقضايا الأمن والتنمية بالساحل"، مشيرا إلى "قيام النظام (الموريتاني) قبل أيام بعقد لقاءات بمسؤولين إزواديين للتباحث معهم في قضية الوساطة بمالي. وتحدثت وسائل إعلام موريتانية قبل أيام عن قيام الرئيس الموريتاني بتوجيه دعوة لرئيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد، بلال آغ شريف، من أجل الخوض في تحديات ومشاكل إقليم أزواد، الذي يشهد منذ سنوات أحداثا أمنية ملتهبة بعد سيطرة الجماعات الانفصالية والجهادية على شمال مالي.
وأعلن قادة خمسة من قادة دول منطقة الساحل هي: موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد، وبوركينا فاسو في 16 فبراير/ شباط 2014 عن تشكيل إطار إقليمي يُعنى بقضايا الأمن والتنمية بمنطقة الساحل. ويُشير وان إلى أن "تأسيس مجموعة الدول الخمسة تعتبر أهم حدث إقليمي ميز الدبلوماسية الموريتانية في مطلع عام 2014، حيث استطاعت موريتانيا إقناع أربعة دول لها وزنها في منطقة الساحل من أجل إنشاء إطار إقليمي يُعنى بمحاربة الإرهاب وقضايا التنمية بالفضاء الساحلي"، بحسب قوله. ويرى أن "تركيز وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم الأخير، هذا الأسبوع، على تعزيز الحوار السياسي مع مجموعة دول الخمسة بالساحل سيحفز موريتانيا على تفعيل حراكها الإقليمي من أجل استدرار مكاسب مادية والحصول على مواقع إستراتيجية متقدمة بالمنطقة"، بحسب قوله.
ويعتبر وان أن بروز عملية "بارخان" العسكرية التي أعلنتها فرنسا مطلع أغسطس/ آب 2014، كشفت بشكل أكثر "دور الوكالة" الذي ستتطلع به هذه الدول في محاربة الإرهاب بالمنطقة، حيث أعلن وزير الدفاع الفرنسي جان اييف لودريان أن عمليات فرنسا العسكرية بالمنطقة ضد الجماعات الإرهابية ستتم بالتنسيق والتعاون الأمني والعسكري من دول مجموعة الساحل الخمسة، مما سيُعزز دور موريتانيا بهذا الفضاء الإقليمي، بحسب رأي الكاتب. وختم بأن "الأدوار الأمنية والعسكرية والسياسية التي لعبتها موريتانيا في أزمة شمال مالي تزيد من قناعة الفرنسيين بموريتانيا كدولة مهمة وشريك محوري في الجهود العسكرية والأمنية بالساحل".