أعادت طريقة توزيع المبلغ السنوي لصندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة في موريتانيا؛ وما صاحبها من جدل حاد حول طبيعة المعايير التي تم اعتمادها لتحديد المؤسسات والهيئات الإعلامية المؤهلة للاستفادة منه؛ وضعية الصحافة في البلد إلى واجهة الاهتمام، من خلال موجة من الاستياء العارم داخل أوساط الفاعلين في الحقل الإعلامي والعاملين فيه.. وانصب هذا الاستياء، أساسا، حول طريقة تصنيف وتنقيط المؤسسات المترشحة للاستفادة من صندوق الدعم؛ سواء من حيث الملفات المطلوب تقديمها، أو من حيث المعايير المعلن عنها كشروط لنيل نصيب من تلك المنحة "السخية" التي تتخذ منها السلطات الموريتانية ذريعة تتبجح من خلالها بأنها "حريصة" على حرية الصحافة في البلد؛ أو حتى من حيث اعتماد هيئات غير معنية ـ أصلا ـ بهذا الدعم العمومي باعتبارها ليست مؤسسات صحفية، وإنما روابط ونقابات وتجمعات واتحادات يفترض أن تخضع لما تخضع له باقي هيئات المجتمع المدني الأخرى من جمعيات ومنظمات غير حكومية، وهيئات نقابية.
ولعل إدراج تلك الهيئات ضمن قائمة الجهات المستفيدة من صندوق الدعم العمومي للصحافة الخاصة هو ما جعلها تمتدح لجنة الصندوق وتزكي عملها وتعلن رضاها عنه، بالثناء والإشادة، تارة، كما فعل نقيب الصحفيين الموريتانيين عبر شاشة قناة الجزيرة، أو بالصمت المعبر عن الرضى تارة أخرى كما فعل قادة الهيئات الأخرى؛ باستثناء اتحاد الصحفيين الشباب الذي تم إقصاؤه؛ ليشكل الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
لقد أثبتت طريقة اختيار أعضاء لجنة تسيير وتوزيع صندوق دعم الصحافة، وحرص الوزارة الوصية على إشراك تجمعات ومنظمات بعينها في تلك التشكيلة، لحد تأخير موعد صرف هذا الدعم لأزيد من شهرين، ثم إصرار السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية على عقد لقاءات تشاورية مع تلك الهيئات من أجل تنفيذ رغبة القائمين عليها؛ مدى انغماس السلطات المختصة في عملية الإجهاز على أي بصيص أمل في إخراج الصحافة الموريتانية من مستنقع التمييع والترويض الذي تتخبط فيه منذ أمد غير قصير..
ولعل جملة الملاحظات التالية تبين جوانب من أبرز ما اتسم به مسار توزيع مخصصات صندوق دعم الصحافة لسنة 2014:
1 ــ أعلنت اللجنة نتائج عملها بعد خمسة أيام فقط على انقضاء أجل تقديم ملفات المؤسسات والهيئات الصحفية؛ أي بين نهاية وقت الدوام الرسمي (الساعة الخامسة عصرا) من يوم الثلاثاء 20 يناير 2015 ومساء الأحد 25 من نفس الشهر؛ وهو زمن قياسي غير مسبوق بالنظر إلى عدد الملفات وكثرة الوثائق الموجودة في كل واحد منها (أكثر من 200ملف) يضم كل منها سيرا ذاتية، ووصل اعتراف، وعقود عمل، وعقد إيجار، وترقيما ضريبيا، وسجلا تجاريا، وكشفا محاسبيا، ونظاما أساسيا، وضمانا اجتماعيا؛ كلها مسجلة لدى الجهات المختصة..
تمكنت اللجنة من فرز ملفات وتدقيق وتنقيط 94 موقعا إلكترونيا، و52 صحيفة ورقية، و12 هيئة ما بين روابط ونقابات وتجمعات واتحادات، وشبكات؛ و10 محطات إذاعية وتلفزيونية، في ظرف زمني يذكر بقصة عفريت سليمان عليه السلام مع عرش ملكة سبأ!!
2 ـ ظهرت كل المؤسسات المنضوية ضمن الروابط والاتحادات والنقابات الممثلة في اللجنة في صدارة تنقيط هذه الأخيرة، علما بأن بعضها غير مكتمل الملفات والبعض الآخر لم يتم تحديثه منذ نصف سنة تقريبا، فيما كان ذيل الترتيب من نصيب المؤسسات غير الممثلة رغم احتواء ملفاتها على جميع الوثائق، بما فيها سير ذاتية تثبت مؤهلات القائمين عليها ومحرريها، وتلبيتها لجميع الشروط والمعايير المعلنة أصلا من قبل الجهات المعنية بالصندوق.
3 ـ تم توزيع الدعم على ثلاث فئات: دعم الأجور والاستضافة والإيجار؛ ودعم الاستضافة والأجور؛ ودعم الاستضافة فقط. ويلاحظ أن كل المؤسسات التي يديرها أشخاص لهم علاقة بجهات في دوائر السلطة وأجهزة استخباراتها توزعت بين الفئتين الأوليين، فيما خصصت فئة دعم الاستضافة لمؤسسات لا مطعن في استقلاليتها ومهنيتها..
4 ـ خصصت حصة معتبرة من الدعم العمومي للروابط والنقابات والاتحادات والشبكات والتجمعات الصحفية؛ رغم كونها ليست مؤسسات صحفية وإنما هيئات يفترض أنها تضمصحفيين أو مؤسسات صحفية تدعي حماية مصالحها والدفاع عن حقوقها؛ في الوقت الذي تنافسها فيه حتى على مبلغ سنوي هزيل كهذا.. فإما أن تترك أعضاءها يحصلون على الدعم وإما أن تأخذ هي هذا الدعم بكامله ثم تتولى توزيعه بينهم.. فضلا عن كون غالبية أعضاء تلك الهيئات هم عمال في مؤسسات عمومية غير معنية ـ أصلا ـ بصندوق دعم الصحافة الخاصة.
5 ـ يتضح جليا من نتائج عمل لجنة صندوق دعم الصحافة أن هناك إرادة جدية في الإبقاء على المشهد الإعلامي في البلد بأيدي مجموعات من "البشمركة" و "الدواعش" و "الشبيحة"؛ بدعم ورعاية رسمية وشبه رسمية من خلال الوقوف بالمرصاد في وجه أية إرادة صادقة في إصلاح وتطوير صحافة موريتانية حرة، جادة، مهنية وذات مصداقية..
6 ـ بين ترتيب المؤسسات الصحفية، حسب بيان لجنة تسيير وتوزيع صندوق دعم الصحافة أن اشتراط تقديم طلبات خطية وسير ذاتية لمسؤولي المؤسسات الصحفية كان بهدف تحديد طبيعة "معايير" المهنية والكفاءة وفق نفس التوجه المشار إليه آنفا؛ إذ حلت مواقع وصحف يملكها ويديرها أصحاب المؤهلات العلمية العليا والتجربة المشهودة في مجال الصحافة ضمن آخر فئة تستفيد من الدعم؛ بينما كان عديمو التأهيل الدراسي وأصحاب التجربة العسكرية والأمنية، ومن لهم خبرة مشهودة في المهن الحرة في القطاع غير المصنف، في صدارة الترتيب؛ والموظفون السابقون من أساتذة ومعلمين ومفتشين وممرضين وفنيين في منزلة بين المنزلتين!!
7 ـ انتهجت اللجنة المغلوبة على أمرها طريقة بدائية، فجة ومكشوفة، للتمويه والمغالطة من خلال منح المرتبة الأولى في تنقيط الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية لمؤسستين لا ينكر أحد أنهما تستجيبان للمعايير المطلوبة بشكل كامل؛ لتخلط الأوراق بعد ذلك رأسا على عقب، وهي طريقة يمارسها المهربون عادة عبر وضع الممنوعات داخل أكياس مخصصة لمواد غذائية أو في قوارير مستحضرات التجميل أو الأدوية ويتم صفها، بعد ذلك، ضمن صناديق وأكياس تحوي تلك المواد غير المحظورة؛ فيخدعون بذلك الجمارك وفرق الرقابة في المعابر الحدودية والموانئ والمطارات، لكن العملية تمت، هذه المرة، بكثير من الارتجالية وانعدام الحرفية..
اللافت في الأمر أن غالبية أعضاء اللجنة الموقرين لم يجدوا ما يردون به على من عبروا لهم عن استهجان طريقتهم في أداء المهمة الموكلة إليهم سوى إقبال بعضهم على بعض يتلاومون؛ مظهرين نوعا من الأسف على "ما جرى"، إذ يقول أمثلهم طريقة: "بل فعله صغيرنا هذا فسألوه إن كنتم فاعلين"؛ فيما تذهب إحدى رواياتهم إلى أنهم بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة لينظر أيها أزكى طعاما فيأتيهم بوجبة شهية بعد أن أخذ منهم "الجوع" كل مأخذ..
أخيرا هذه جولة سريعة بين عناوين المواقع الإلكترونية التي تصدر أغلبها قائمة "المؤسسات" الصحفية المستفيدة من صندوق الدعم العمومي للصحافة "الخاصة"؛ توضح ـ بجلاء ـ حقيقة معايير المهنية والمقروئية والمصداقية؛ كما تحددها الجهات المختصة من قمة هرم السلطة إلى هيئة تسيير وتوزيع صندوق الدعم، مرورا بـ "هابا"، ووزارة العلاقات والخصامة الرسمية باسم الحكومة؛ ومصالح "الاتصال" بأجهزة الأمن الداخلي والخارجي؛ برعاية القائمين على إذاعة " موريتانيا ـ م. ش"، وقناة "الموريتانية ـ خ. ش"؛ وإشراف كل من تجمع أمن شركات الاتصال والمناجم والمؤسسات العمومية، واتحاد صحافة العجوز؛ ورابطة لائحة رياض، ونقابة الـ 50%....
ومن تلك العناوين:
ـ عاجل/ اعتقال المشتبه به الذي اغتصب الصبية في "تكند"
ـ غريب/ امرأة تتزوج مع نفسها.. بعد قنوطها من رجل مناسب
ـ الله أكبر/ شجرة تذرف الدموع بعد قطع أحد أغصانها (شاهد الصورة)
ـ عاجل وبالغ الأهمية/ تنقلات في الأمناء العامون لبعض الوزارات
ـ فضيحة مدوية: وزير ضبطته زوجته في وضعية مخلة
ـ طير يسرق عجل ويحمله على منقاره ويطير (صورة)
ـ حادث مروع: سيارة تدهس حمارا في ملح (صورة)
ـ عاجل/ إحالة زاكو للسجن (هوية اللص)
ـ سبحان الله: سمكة تسبح إلى الوراء لتنجو من الصيد (شاهد الفيديو)
ـ لص قاتل يسلب المارة في وضح النهار (تفاصيل)
ـ عاجل/ ما سر بقاء وزير الداخلية في منصبه؟
ـ حصري/ نص بيان مجلس الوزراء (إجراء خصوصي وحيد)
ـ خاص/ الرئيس غاضب من أداء شركة ENER
ـ الله أكبر/ عجوز تنجب 4 توائم (صورة)
ـ عمال CDD يودعون ولد مولاي أحمد بالثناء والكيفان (صور)
ـ فضيحة كبرى: مسؤول حكومي يأكل المشوي على شارع عزيز
ـ ميتة تتحرك أثناء الغسل وتخيف عمال الغسل (شاهد الفيديو)
ـ فوائد أكل الرمان قبل الجماع
ـ عاجل/ أبشع وأفظع فضيحة... أم في أحضان زوج ابنتها.. تفاصيل الحادثة حسب المصادر
ـ بالصورة: القصر مغلق حتى عودة الرئيس
ـ الاسترقاق في بلد يضم 8 وزيرات رقيقات
ـ اتفاق بين العمال والإدارة لتجنب أي احتكاك بالمدينة
ـ الوثائق المؤمنة تنفي رفع سعر الوثائق المدنية
ـ "المحظرة" جامعة موريتانية متنقلة على ظهور الإبل وتحت الخيام
ـ عادات سيئة تضر بصحة القلب
ـ تناول الفلفل الأسود يضعف الخصوبة عند الرجل
ـ ثمانيني يضرب زوجته السبعينية بفأس على رأسها
ـ عصابة نسائية تخطف الرجال
ـ شرطي يخطف زوجته
ـ عاجل/ فضيحة مدوية: رجل أعمال كبير يتعرض للضرب والسلب وهو في حالة سكر
ـ إضغط هنا لمشاهدة (صورة اليوم) قبل الحذف...!
ـ انضمام مجموعتان لاتحاد قوى التقدم (إيجاز صحفي)
مصدر إعلامي/ عصابة لصوص ولوطيين في قبضة الأمن (تفاصيل عملية بشعة)
عظم الله أجركم.. وإنا لله وإنا إليه راجعون..