أطلق رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم (الجمعة) في بلدة جول بولاية كوركول؛ فعاليات النسخة الأولى من المهرجان الثقافي لهذه البلدية الواقعة على ضفاف نهر السنغال، على بعد أقل من 20 كيلومتر جنوب مدينة كيهيدي؛ عاصمة الولاية.
ويسعى القائمون على هذه التظاهرة الثقافية إلى صيانة التراث الثقافي لمنطقة الضفة وتثمين مقدراته و إبراز دوره في التنمية الاقتصادية و تطوير المنتجات السياحية؛ وكذا إلى تحسين الظروف المعيشية لساكنة هذه المنطقة وتعزيز الترابط الاجتماعي بين مختلف مكوناتها، وتثمين الموروث الثقافي المشترك والمحافظة عليه عبر تعزيز الإشعاع الثقافي والتذكير بالأدوار المتميزة التي لعبها شيوخ هذه المنطقة في نشر الثقافة العربية الإسلامية.
تميز حفل افتتاح المهرجان بخطاب لوزير الثقافة والشباب والرياضة و والعلاقات مع البرلمان، محمد ولد اسويدات، أكد فيه أن مهرجان جول الثقافي "سيكتب صفحة أخرى من صفحات عمقنا الثقافي الثري، صفحة تحمل سطورها أكبر معاني العطاء والإخاء والتعايش، حيث حديث الضفاف.. حيث الرمل والماء يمتزجان بعرق الكادحين وهم يستمدون القوة والعزيمة من ملامحهم التاريخية وممالكهم الإسلامية الخالدة".
وأضاف ولد أسويدات أنه "على أديم هذه الأرض، قامت دول وممالك شكلت وجها مشرقا من وجوه تاريخنا الثقافي والجهادي والوطني. فهاهنا وصل امتداد دولة الامامات الفوتية، ودولة التكرور، والسانغاي..هنا أيضا بعض من حضارة غانا واوداغوست والمرابطون..هنا فصل باذخ من تاريخ موريتانيا.. الذي نعتز به جميعا..نزهو به.. ونتفاخر".
وخاطب ولد اسويدات رئيس الجمهورية قائلا : “إن إصرار فخامتكم على تنظيم هذا المهرجان وجعله مناسبة ثقافية سنوية لهو دليل صادق على إيمانكم بموريتانيا الموحدة، موريتانيا المنتشية بتاريخها وثقافتها المتنوعة.
إن إيمانكم بأن رصيدنا الثقافي هو نتاج تكامل الأدوار بين جميع مكونات المجتمع، وما يترتب على ذلك من ضرورة الاعتراف بكل الجهود والمساهمات، بما يضمن بناء ذاكرة جمعية وطنية تتيح لكل مكون من مكوناتنا المساهمة الفعالة في بناء تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا المنشود، وطبيعي جدا – في ظل هكذا مقاربة – أن يتم خلق مناخ وطني جامع تنصهر فيه تلك الجهود ويكمل بعضها بعضا من أجل مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، سبيلا سد الطريق أمام دعاة العنف والغلو والتطرف"؛ مبرزا أن "منطقة الضفة شكلت دائما حاضنة من حواضن الثقافة العربية والإسلامية، فأنجبت علماء وفقهاء وشعراء، ومربين، واصلو حمل مشعل الدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة وبما ينفع الناس ويمكث في الأرض، وهاهي مدينة جول تقطع ليلها بتلاوة القرآن العظيم وتسوس نهارها بالعلم والعمل، فمازال للمحظرة فيها صوت لايخفت، ومازال لبيوتها العتيقة وفاء لصورة الماضي الأخاذة، ومازال لأهلها مع النهر والجبل حكاية تفيض عطاء ومتعة".
واستطرد وزير الثقافة في حديثه عن جول مذكرا بميلاد أحد أهم أعمدة "دبلوماسيتنا الثقافية بها، وهي (مدارس الفلاح) التي أسسها ورعاها الحاج محمود با رحمه الله"؛ مبينا أن هذه المدارس شكلت "حصنا منيعا من حصون حماية الهوية الثقافية للبلاد، كما استطاعت بث اشعاعها في بلدان افريقية قريبة ونائية، إضافة إلى دورها الاجتماعي والمتمثل في إفشاء روح السلام والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع".