أظهرت الخريطة السياسية المنبثقة عن أول انتخابات بلدية ونيابية تشهدها مال منذ تحولها من مركز إداري إلى مقاطعة من مقاطعات ولاية لبراكنة، سيطرة واضحة لحزب "الإنصاف" الحاكم، ممثلا في حلف "منصفون" كقوة سياسية محلية منضوية تحت لواء التحالف الجهوي في الولاية الذى يقوده الوزير السابق المختار ولد أجاي.
وقد أظهرت هذه المرحلة بروز الدور الفاعل لرجل المقاطعة القوي المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير، الوزير السابق سيدنا ولد أحمد اعل.
حيث نجح الحزب في كسب مقعدي مقاطعة مال النيابيين من خلال فوز السيد سيدنا ولد أحمد أعل مرشح حلف "منصفون" و السيد زينى ولد أحمد الهادي مرشح حلف "مال"، كما حقق الحزب فوزا باهرا في اثنتين من بلديات المقاطعة الخمس؛ هما البلدية المركزية مال وبلدية جلوار، وذلك بأغلبية مريحة من أصوات الناخبين، بينما خسر بلديتين كان حزب الانصاف قد منح تسمية عمدهما للأمين التنفيذي للحزب السيد علي ولد عيسي وما تزال الثالثة (الرومد) تنتظر الحسم في الطعن المقدم بشأن نتائجها أمام القضاء.
وهكذا أفرزت انتخابات 13 مايو الأخيرة فوز عمدة مال المنتهية ولايته القيادي في حلف منصفون عيسى ولد بوحمادي اعتمادا على خارطة سياسية جديدة ، حيث ظهرت البلدية بشكل جزئين متمايزين أولاهما منطقة بحيرة مال وقد شهدت الأصوات فيها انقساما بين المجموعات الاجتماعية و بعض الاحزاب المغاضبة والمعارضة وظل حزب الإنصاف متصدرا فيها بفوارق ضعيفة.
أما الجزء الثاني من البلدية فيضم منطقة واد كتي التي تضم خزانا انتخابيا وازنا وقد أعطت دفعا قويا لمرشحي الإنصاف خاصة في قري تمباره، بنار ، الشكه، عظم آدرس، مقطع التيشطاية، فيرول، لصالح منصفون و تجمع قري صاك المهر التي يتقاسم أصوات ناخبيها حلف "منصفون" مع حلف "مال" بقيادة النائب زيني ولد أحمد الهادي بينما يسيطر حلف على ولد عيسى على مكتب اتويدمة و يسيطر حلف اسماعيل ولد أعمر على مكتب طيرطوكل.
بالنسبة لبلدية جلوار يتبين أن حلف "منصفون" أحرز نسبة 80% من الأصوات المعبر عنها في جميع مكاتب التصويت في قري أمبيدان والواسطة والعذيب و تامورت الرحمة و اظليم و ازرك عينو ، بينما كانت أغلبية الأصوات في مكتبي جلوار عاصمة البلدية من نصيب حزب الكرامة في البلدية وحلف على ولد عيسى في النيابيات على حساب حزب الإنصاف الذي لم يحصد فيهما سوى 15صوتا مقابل 468 صوتاللكرامة .
وفي بلدية بورات فاز مرشح حزب الكرامة؛ الشيباني ولد أحمد جابه، المحسوب على حلف "منصفون" سابقا، مدعوما من طرف مجموعات وازنة صوتت لصالح الحزب الحاكم في كافة اللوائح الأخرى، على مستوى النيابيات و اللائحة الجهوية و اللوائح الوطنية، فيما خسر مرشح حزب "الإنصاف" في بورات و هو مرشح من حلف علي ولد عيسى ، كما شهدت البلدية بروز حزب تواصل في منطقة باسنكدي .
وفي بلدية الرومد حصل مرشح الحزب الحاكم على 994 صوت، مقابل 169 لصالح شقيقه مرشح حزب "تواصل"، بينما أحرز مرشح حزب الاصلاح الفائز بالبلدية 1028 صوتا، بفارق 34 صوت أمام حزب "الانصاف".
وشهدت أوساط من حزب الإنصاف في هذه البلدية هزت عنيفة اثر التحاق مجموعة من وجهاء منطقة اللية بحلف السيد علي ولد عيسي الداعم الرئيسى لحزب الإصلاح المغاضب الذي قاد شقيقه لائحة النيابية.
و ما زالت قضية بلدية الرومد أمام القضاء الذي لم يبت فيها بعد.
في بلدية الواد الابيض فاز مرشح حزب "تواصل"، النور ولد حمادي، بمنصب العمدة بحصوله على 1120 صوتا؛ حيث نال دعم جماعات قوية من حزب "الانصاف" من محيطه الاجتماعي؛ وفق مراقبين محليين، وحل بده ولد أمخيطير من حزب UDP في المرتبة الثانية؛ وهو فاعل سياسي سابق في حلف مال.
وحل ثالثا مرشح حزب الانصاف الذي اقترحه حلف على ولد عيسى بحصوله على 697 صوتا .
يتبين من هذا المشهد العام للخريطة السياسية الجديدة على مستوى مقاطعة مال، أن ما حققه حزب "الإنصاف" الحاكم من نتائج زادت من اتساع نطاق سيطرته كأكبر قوة سياسية محلية محورية، وما أحرزته لوائحه من نجاح باهر في عموم المقاطعة، جاء ثمرة لجهود حثيثة ومكثفة أنجزها الفاعلون في حلف "منصون" على رأسهم الوزير السابق سيدنا ولد أحمد أعل النائب المنتخب ، و المهندس اعمر ولد يعقوب ولد اعمر والدكتور سيد ابراهيم ولد محمد احمد والدكتور سيد ولد بوحمادي اضافة الى مبادرات عديدة منها مبادرة المجتمع بقيادة محمد بمب ولد حمادي و مبادرة الوحدة بقيادة يحي ولد ويس وغيرها.
هذا النجاح لم يتردد أغلب المتابعين للمسار الانتخابي الأخير، في ربطه بنجاعة المقاربة السياسية التي اعتمدها الحلف، والتي ترتكز على ثلاثة محاور كبرى هي :
1. إصلاح ذات البين وتقوية اللحمة الاجتماعية بين كافة المجموعات السكانية في المقاطعة؛ ما شكل حاضنة انتخابية حزبية واسعة للحزب الحاكم بشكل عام.
2. التركيز على التنمية المحلية و العمل على إقامة المشاريع التنموية الجماعية في القطاعات الانتاجية ( الزراعة التنمية الحيوانية، المياه),
3. الانفتاح على كافة الفرقاء السياسيين؛ ضمن توجه يجسد صدق تمثيل الرؤية المرجعية لحزب "الإنصاف"، انطلاقا من نهج التهدئة والانفتاح الذي أرساه رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني فور تسلمه مقاليد السلطة قبل نحو أربع سنوات.