في عرف البلدان؛ من يوم الديموقراطية الأول، ساد مفهوم الدبلوماسية كوريث حضاري للسيف، وحلت التفاهمات محل التعصب والتعقل محل العنف، فكانت - أي الدبلوماسية - الحد بين الوسائل الفعالة وتلك القاصرة وبين تحقيق الهدف وتحقيق الزوبعة. حتى قال بعضهم أن الكتاب اليوم أصدق أنباء من السيف وكيف لا ونحن في زمن يحكم فيه العقل العضل.
في موريتانيا تحديدا كان التعقل المنصف مطلبا لابد منه في وجه ذلك الشرر التي ترمي به جهات سياسية داخلية وخارجية ضد مبادئ وطن ظل صديقا شقيقا للجميع.ذلك الشرر الذي كان لابد سيوصلنا لثورة عكسية في الأخلاق أو في السياسة أو حتى في الأمن، ولكن حكمة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الذي بدأ في لملمة الوسط السياسي الداخلي بمقابلة كل الفاعلين السياسيين من مختلف التيارات بوصفه رئيسا للجميع دون تمييز؛ ودون استدارة عن أي قضية للوطن فيها مصلحة وللمواطن فيها حق.. فكان ما كان مما نراه اليوم يتجسد جليا من محبة وتفاهم بين الأطراف السياسية الوطنية عموما.
ولكن ومن المعروف أن بناء وسط وطني صالح يحتاج إصلاحا خارجيا يراعي وينطلق من كل الأبعاد الوطنية.ومما لا يفوتكم تلك التفاهمات السياسية التي وضعت فيها موريتانيا نفسها قائدا وشريكا لا تابعا ينقاد بقوانين الآخرين، وتشهد واشنطن وبكين وباريس ولندن وموسكو والرياض وأبوظبي والجزائر والقاهرة وأديس أبابا على ذلك. لو أرجعت بصرك جنوبا وشرقا لوجدت موريتانيا حاضرة في كل المشهد الأفريقي وليس أقلها مشكلة مالي التي لاتزال قائمة لحد الساعة والتي نجحت الدبلوماسية الموريتانية في الحضور بها بمنتهى الرقي القيادي حيث كان الطيران الوحيد الذي يدخل باماكو لفترة طويلة هو الموريتانية للطيران، والجهة الوحيدة التي تثق كل الأطراف بها هي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.وهذا قليل من كثير يمكن للمتتبع العادي أن يفهمه حين يلاحظ الزيارات المتعددة للرؤساء الأفارقة لبلادنا، كان آخرهم الرئيس النيجيري كما كانت نواكشوط دوما علي مواعيد مع زيارات مسؤولين من كل القوى والأطراف المؤثرة إقليميا ودوليا.
حكمة ورزانة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أبانت للموريتانيين أن ما انتخبوه من أجله سيرونه وسيراه غيرهم فالخير لا يقتصر على صاحبه والشجرة الطيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.تكفي قراءة ثلاثة عناوين حديثة: الرئيس في بكين والصين تعفي موريتانيا من مليارات من ديونها.الوزير الأول في موسكو، وموريتانيا فاعل بارز في علاقات روسيا بإفريقيا.ودوزينة جنرالات أمريكيبن تحط في نواكشوط في إطار زيارة تبرهن على دفء علاقات نواكشوط- واشنطن. إنه فن إمساك العصا من المنتصف.فهنيئا لموريتانيا التحليق شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
بقلم/ النائب الداه صهيب