احتضنت إقامة سفير المملكة المغربية المعتمد لدى موريتانيا حميد شبار؛ الليلة البارحة حفل استقبال حاشد بمناسبة الذكرى الـ 24 لعيد العرش؛ حضره كل من محمد سالم ولد مرزوك؛ وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، لمرابط ولد بناهي؛ وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة؛ انيانغ مامادو، وزير التعليم العالي والبحث العلمي؛ محمد يحي ولد سعيد، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، المكلف بالموريتانيين في الخارج.
كما حضر حفل الاستقبال جمع من كبار الموظفين في الدولة، بينهم د. يحيى كبد، المكلف بمهة في رئاسة الجمهورية، هند بنت عينينا، مستشارة الوزير الأول المكلفة بالشؤون السياسية، العالية بنت منكوس، السفيرة الامينة العامة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، عمر محمد بابو، السفير مدير العالم العربي بالمديرية العامة للتعاون الثنائي بوزارة الشؤون الخارجية، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والشخصيات العلمية وقادة الأحزاب السياسية، و الاعلامين ، وقادة الرأي من الفاعلين في المشهد الثقافي والأدبي؛ وجمع غفير من المدعوين.
تميز الحفل بخطاب ألقاه السفير حميد شبار، أعرب فيه عن تهانيه لموريتانيا على ما حققته من إنجازات ومكتسبات نوعية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعلى دورها الدبلوماسي المحوري الفعال في محيطها الإقليمي والقاري، متمنيا لها التوفيق في تنظيم القمة الاقتصادية العربية المرتقبة في نوفمبر القادم.
و أشاد الدبلوماسي المغربي بمستوى علاقات التعاون المثمر بين البلدين الشقيقين والتي "تستمد قوتها من الإنتماء المشترك، وتثريها روابط ووشائج القربي والدم والجوار، والأخوة الصادقة لقائدي البلدين فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وجلالة الملك محمد السادس".
وذكر السفير شبار بالمؤهلات المتعددة التي قال إنها كفيلة بتمكين "البلدين من تحقيق تنمية شاملة في فضائهما الاقليمي"؛ لافتا إلى أن العلاقات المغرب وموريتانيا "شهدت زخما كبيرا خلال السنوات الأخيرة".
نص الخطاب:
"يخلد الشعب المغربي في هذا اليوم المبارك الذكرى الرابعة والعشرين لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، عرش أسلافه المنعمين، وبهذه المناسبة الغالية يستحضر المغاربة قاطبة بأسمى مظاهر الفخر والاعتزاز، قوة الالتحام المكين الذي يجمع الشعب المغربي، بالعرش العلوي المجيد، على امتداد التاريخ العريق للأمة المغربية.
حضرات السيدات والسادة؛ وأنتهز هذه السانحة، كسفير لجلالة الملك لدى الجمهورية الإسلامية الموريتانية، لأعبر لهذا البلد الشقيق والعزيز، وعلى رأسه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، عن أحر التهاني وأصدق المتمنيات لما تم تحقيقه من انجازات ومكتسبات نوعية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذا على المستوى الدبلوماسي حيث أضحت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، بفضل دبلوماسية هادئة وناجعة، تلعب دورا فعالا ومحوريا في محيطها الإقليمي والقاري.
وتجسدت هذه الدينامية في الحضور المتزايد والنوعي لموريتانيا في المحافل الدولية والإقليمية و كذا باحتضانها لمؤتمرات و تظاهرات كبيرة على المستويات الأقليمية والعربية والقارية والدولية. وفي هذا الإطار، نتمنى للشقيقة موريتانيا كل التوفيق في تنظيم القمة الاقتصادية العربية المرتقبة في نوفمبر القادم، بنواكشوط.
السيدات والسادة الحضور الكريم، كما لا يفوتني، بهذه المناسبة، التنويه والإشادة بمستوى علاقات التعاون القائمة بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والتي تستمد قوتها من الانتماء المشترك ويُثريها البعد الإنساني الروحي وروابط ووشائج القربى والدم والجوار قلما اجتمعت بين بلدين، وهي كذلك تأكيد لوشائج الأخوة الصادقة التي تجمع قائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، وأخيه فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. ومن البديهي التذكير ،حضرات السيدات والسادة، بـأن المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية يتوفران على مؤهلات ضخمة ومتكاملة كفيلة بتمكينهما من تحقيق تنمية شاملة في فضاءهما الإقليمي، باعتبارهما بلدين مستقرين أمنيا وسياسيا في محيط إقليمي مضطرب، كما يشكل البلدان الواجهة الأطلسية الشمالية الغربية لأفريقيا التي تعتبر فضاء جيو استراتيجيا واعدا لرفع التحديات الأمنية والطاقية و البيئية بالإضافة إلى تلك المتعلقة بالاقتصاد الأزرق.
وأحيى بهذه المناسبة انخراط الجمهورية الإسلامية الموريتانية في مسلسل الرباط الرامي لإرساء آلية جديدة وواعدة للتعاون بين الدول الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي. وعلى المستوى الثنائي، فقد شهدت علاقات التعاون بين البلدين زخما كبيرا خلال السنوات الأخيرة توج بانعقاد الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة بين البلدين، بالرباط، في مارس 2022، برئاسة رئيسي حكومتي البلدين.
وقد تمخضت هذه اللجنة المشتركة عن وضع خارطة طريق لآفاق التعاون كما تم التوقيع على 13 اتفاقية تعاون همت مختلف المجالات. كما تجدر الإشارة إلى أن التعاون في المجال الأمني والعسكري عرف بدوره دينامية كبيرة، حيث تم عقد دورتين للجنة العسكرية المشتركة بكل من الرباط ونواكشوط، ذلك بالإضافة إلى زيارة كبار المسؤولين الأمنيين الموريتانيين إلى المملكة وعلى رأسهم السيد المدير العام للأمن الوطني والمدير العام للتجمع العام للأمن الطرق. وقد أسفرت هذه الدينامية عن تعاون ملموس في مجالات التكوين والدعم التقني.
على مستوى التعاون البرلماني، سجل تبادل للزيارات و تنسيق ومشاورات منتظمة بين ممثلي المؤسسات التشريعية بين البلدين.
وفي هذا الإطار، أود التنويه بالدور الفعال والنشيط الذي قامت به مجموعة الصداقة البرلمانية الموريتانية المغربية، في الولاية السابقة للجمعية الوطنية الموريتانية، برئاسة السيدة الرئيسة، زينبو منت التقي، ونتمنى أن تكون مجموعة الصداقة الجديدة في الولاية الحالية خير خلف لخير سلف.
وفي إطار التضامن الفعال والأخوي وتطبيقا لتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في مساعدة الدول الشقيقة في جهودها لتحقيق الأمن الغذائي، بادرت المملكة بتمكين الشقيقة موريتانيا من منحة مشكلة من 5000 طن من الأسمدة الفوسفاطية، في دجنبر 2022، و هو حجم الحاجيات السنوية للفلاحين الموريتانيين من هذه النوعية من الأسمدة الضرورية لتحسين الإنتاجية وضمان الأمن الغذائي. في نفس إطار التضامن الملموس، تبادر بلادنا، بتعاون مع السلطات الموريتانية المختصة، في بناء مركبين سوسيو-رياضيين للقرب في كل من مقاطعة توجنين و تفرغ زينة، كما ستتكلف وزارة الثقافة المغربية بتكاليف ترميم وإعادة تأهيل مقر المعهد الوطني للفنون، بمقاطعة الميناء، بنواكشوط.
في الجانب الاقتصادي، نود التذكير بكون المغرب يعتبر الشريك التجاري الأول والمورد الأول لموريتانيا على الصعيد الأفريقي و تبلغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين ما يناهز300 مليون دولار، برسم سنة 2022، وبهذا تكون قيمة هذه المبادلات قد حققت نموا بنسبة %58 بالمقارنة مع سنة 2020.
و يعتبر المغرب كذلك المستثمر الأول في موريتانيا على المستوى الأفريقي وهو حاضر عبر قطاعات مهمة مثل الاتصالات والأبناك وتحويل وتثمين منتجات الصيد البحري وقطاع الزراعة وقطاع إنتاج الأسمنت ومواد البناء وتوزيع الغاز المنزلي بالإضافة إلى توزيع المواد البترولية.
وفي مجال التعاون العلمي والثقافي، وجب التذكير بكون الطلبة الموريتانيين يحظون بعناية خاصة من طرف المملكة المغربية، إذ تحتل موريتانيا الصدارة من حيث الاستفادة من المنح الدراسية المخصصة من طرف المملكة للطلبة الأجانب، حيث يتجاوز عدد الطلبة الموريتانيين الممنوحين سنويا 400 طالب، يتابعون تحصيلهم العلمي في مختلف التخصصات بالجامعات والمعاهد المغربية.
ونود هنا أن نشيد بالجهود التي تقوم بها الوكالة المغربية للتعاون الدولي التي تولي اهتماما وعناية خاصين للطلبة الموريتانيين. و قد مكنت هذه الرعاية وهذه الجهود المتواصلة من تكوين آلاف الأطر الذين يساهمون الآن في تنمية القطر الموريتاني الشقيق من خلال تبوءهم مناصب و مسؤوليات كبرى في القطاعين العام والخاص. في سياق متصل، أود الإشادة بعمل المركز الثقافي المغربي بنواكشوط، الذي أصبح منذ انشاءه سنة 1987،عنوانا بارزا للتعاون المغربي الموريتاني، بفضل انفتاحه على جميع الفعاليات الثقافية بمختلف مشاربها.
السيدات والسادة الحضور الكرام لايفوتني بهذه المناسبة، التنويه بسادتنا العلماء والمشايخ الأجلاء بهذا القطر الشقيق لما لهم من دور كبير في تعزيز الأواصر الدينية والروحية بين بلدينا وكذا في النهوض بالتعاون الديني عبر حرصهم الدؤوب على المشاركة في مختلف التظاهرات الدينية المقامة بالمغرب وعلى رأسها الدروس الحسنية المنيفة.
وننوه بهذه المناسبة بالعلماء والشيوخ الذين شرفونا اليوم بالحضور معنا على عملهم المتميز وحرصهم على تحصين مجتمعاتنا، المعروفة بوسطيتها وتسامحها، من دعوات التطرف والغلو الديني.
وانتهز الفرصة للتنويه بعمل فرع موريتانيا لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وللترحم على روح رئيسه السابق العالم الجليل والدكتور الموسوعي محمد المختار ولد أباه، الذي غادرنا هذه السنة تاركا وراءه إرثا علميا وجب علينا جميعا حفظه وتوثيقه.
كما انتهز هذه المناسبة لأنوه بممثلي المجتمع المدني والجسم الإعلامي الموريتاني لما يبذلونه من جهود في سبيل دعم وتعزيز أواصر المحبة والتواصل بين الشعبين الشقيقين.
كما لا يفوتني أن أشيد وأنوه بأعضاء الجالية المغربية المقيمين في بلدهم الثاني مسجلا باعتزاز انخراطهم الجدي في تنمية هذا القطر الشقيق واحترامهم للقوانيين والمؤسسات واندماجهم السلس في النسيج الاجتماعي بحكم مرتكزات التراث والتقاليد والعادات المشتركة بين شعبي البلدين الشقيقين.
السيدات والسادة، منذ تولي جلالة الملك محمد السادس، نصره الله،عرش أسلافه الميامين، في يوليوز 1999، يعيش المغرب على ايقاع تحولات نوعية بفضل المخططات والأوراش الكبرى التي بادر جلالته إلى إطلاقها في كافة المجالات.
وقد حققت المملكة خلال العقدين الماضيين تطورا ملموسا بفضل تلك المشاريع المهيكلة التي مكنت من تحديث وتطوير وتنويع الاقتصاد الوطني، مما أهل المملكة لولوج نادي الدول الصناعية، حيث يعتبر المغرب اليوم أول منتج للسيارات في إفريقيا بمعدل يقارب المليون سيارة في السنة، وكذلك رائد إفريقيا في مجال صناعة الطيران والرقائق الالكترونية وصناعة الأدوية واللقاحات والتجهيزات الطبية المتطورة. ولم تستثن هذه الطفرة التنموية النوعية مجال الرياضة حيث مكن الاستثمار الجدي في تكوين العنصر البشري والتجهيزات الأساسية من تحقيق نتائج مبهرة، تجسدت في تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى نصف نهائي كأس العالم 2022، المقامة بدولة قطر الشقيقة. وقد انعكست هذه الدينامية الايجابية على مضاعفة الناتج الوطني الخام للمغرب خلال العشرين سنة الأخيرة.
ويعتبر المغرب من بين الدول الأكثر جذبا للاستثمارات الخارجية. هذا كله دون اغفال البنية التحتية بمعايير حديثة ومتطورة التي تم إنجازها بالمملكة، كالموانئ والطرق السيارة والمطارات.
ولا شك أن إنجاز الطريق السريع تزنيت- الداخلة والذي يبلغ أكثر من 1000 كيلومترـ يعتبر من بين المشاريع الكبرى والاستراتيجية التي تم إنجازها في وقت قياسي والتي ستمكن من تعزيز الربط الطرقي بين البلدين الشقيقين بغية تحسين انسيابية تدفق البضائع والأشخاص.
أما فيما يخص مجال السياسة الخارجية، مكنت الدينامية الدبلوماسية للمملكة، بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من تحقيق العديد من النجاحات، معززة بذلك مكانة المملكة على الساحة الدولية والإقليمية.
و وجب التأكيد هنا، بشكل خاص، على التطورات الإيجابية التي عرفتها قضية الوحدة الترابية للمملكة، والمتمثلة بالاعتراف المتزايد بسيادة المغرب على صحراء من طرف عدد متزايد من الدول الوازنة من كل القارات، كما يتوالي افتتاح القنصليات في مدن الأقاليم الجنوبية للمملكة حيث بلغ عددها أكثر من 30 في كل من العيون والداخلة.
وهذا الاعتراف المتزايد إن دل على شيء فإنما يدل على مشروعية ومصداقية وجدية المقترح المغربي الرامي إلى الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل والذي عمر طويلا وحال دون استكمال بناء فضاء مغاربي موحد.
وبجانب الدفاع عن قضية الوحدة الترابية، جعل صاحب الجلالة الملك محمد السادس الدفاع عن قضايا القارة الأفريقية وقضايا العالم العربي والإسلامي في صلب اهتمامات جلالته.
وتأتي بطبيعة الحال على رأس تلكم القضايا، القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما وجب التذكير بالمواقف الثابتة للمملكة في الدفاع المستميت عن الثوابث الإسلامية، التي تجسدت مؤخرا في مصادقة الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع على قرارا تقدمت به المملكة المغربية يدين حرق نسخ المصحف الشريف و خطاب الكراهية.
ويستمر المغرب في مسيرته الوحدوية والتنموية بثبات، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، متمسكا بأصالته كدولة أمة ومحصنا بإجماعه الوطني ووفيا لالتزاماته وصداقاته، شعاره في ذلك الجدية والصدق والطموح.
عاشت المملكة المغربية، عاشت الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة، عاشت الأخوة المغربية الموريتانية..
والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته".