عانت حلب منذ القدم مجموعة من الانتكاسات، وتلقت الكثير من الضربات منذ بداية القرن الـ20، وبعد سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية، سلخت عن حلب أجزاؤها الشمالية، وضمت إلى تركيا عام 1920، بالاتفاق بين أتاتورك والانتداب الفرنسي. خسرت حلب دورها التجاري في هذه الأقاليم، كما خسرت السكك الحديدية التي كانت توصلها بالموصل، وفصل العراق عن سورية إلى كساد وتدهور في اقتصاد حلب، وعلى الرغم من كل هذه الضربات فإنها بقيت عاصمة اقتصادية لسورية، لكونها تضم أهم المعامل الصناعية، وتشكل منطقة زراعية مهمة، بينما أتت الحرب الأخيرة لتشكل الضربة الكبيرة لتجار حلب، لاسيما بعدما حرقت الخانات والأسواق..
مناطق مدينة حلب التاريخية الرائعة تجسد مدن الشرق بحارتها وأسواقها الشرقية والبازارات والمطاعم التراثية الراقية داخل حارات حلب القديمة ولزيارة المناطق والمواقع والقلاع والتلال الأثرية في أرجاء المحافظة فحلب معروفة بتاريخها العريق ففي كل ركن من المدينة أثار تعود لحقبة تاريخية من مباني أثرية وكنائس ومساجد ومدارس تاريخية وأسواق وأثار هي التاريخ، إضافة لشهرة حلب الغنية عن التعريف صناعاتها وجودة منتجاتها التقليدية أو الحديثة التي تنافس أفضل الصناعات العالمية..
وتشتهر محافظة حلب بمناطقها الأثرية الكثيرة المنتشرة في مدن وبلدات المحافظة والتي تدل على عظمة وعراقة هذه المدينة كأهم مدن الشرق كما قال عنها الكثير من المؤرخين والرحالة فهي مفتاح الشرق وبوابته. ومن المواقع الأثرية في حلب :
سيروس النبي هوري منطقة النبي هوري من مناطق الاصطياف الممتعة في محافظة حلب، يرتادها مئات المصطافين أسبوعيا ًمن أهالي المنطقة ومدينة حلب، كما تزورها الفرق السياحية الأجنبية للتعرف على مدينة سيروس وقلعتها وآثارها الرائعة، ولكن وللأسف الشديد، لم يبق من القلعة سوى أجزاء من سورها وتعود هذه التسمية حسب الروايات إلى (هوري) احد قادة بني داوود, وهناك رواية تقول أنها تعود لـ (أوريا ابن حنان) الذي قتل ودفن فيها في الألف الأول قبل الميلاد. مرت سيروس بأربع فترات تاريخية رئيسية وهي: _ الفترة اليونانية _ الفترة الرومانية _ الفترة البيزنطية _ فترة الفتح الإسلامي وما بعده.
قلعة حلب كانت حصنا تعاقب على أشغاله الحثيون والآراميون والسلوقيون والرومان والبيظنطيون تتحلق مدينة حلب حول رابية تعلوها قلعة مرتفعة تشرف على المدينة من جميع جهاتها، وهذه القلعة العربية الإسلامية هي من أشهر قلاع العالم، ومما لا شك فيه أنها أقيمت على أنقاض قلاع متتابعة قديمة، فلقد كانت الرابية المرتفع الأكثر أمناً لإقامة المقر الحكومي المحصّن لمدينة حلب عبر تاريخها الطويل جداً. يعود تاريخ بناء أهم أقسام القلعة إلى عصر الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي وكان ولاه عليها سنة 1190م، فلقد حصّن مدخلها وبنا على سفحها جداراً، وحفر حولها الخندق، وشيد في داخلها مسجداً وعدداً من القصور. وكانت زوجه ضيفه خاتون، التي صارت ملكة حلب، تعيش في أحد قصور القلعة، وفيها دفنت .
الجامع الأموي الكبير جامع بني أمية الكبير، ويعرف اختصارًا بالجامع الأموي، هو المسجد الذي أمر الوليد بن عبد الملك بتشييده في دمشق، ويُعد رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى، كما يُعد واحدًا من أفخم المساجد الإسلامية، وأحد عجائب الإسلام السبعة . يعود تاريخ المسجد الأموي في سورية إلى 1200 سنة قبل الميلاد، حيث كان هذا المكان معبدا للإله “حدد الأراني”، إله الخصب والرعد والمطر، وعندما دخل الرومان إلى دمشق أقاموا فيه معبدا للإله جوبيتر، وما زالت أطلاله باقية من منطقة سوق الحريم وحتى منطقة القيمرية. وعندما دخلت روما في المسيحية أقيم في المنطقة الغربية الشمالية من مكان المعبد كنيسة يوحنا المعمدان، ولما دخل المسلمون إلى دمشق، جرى اقتسام موقع الكنيسة إلى قسمين: القسم الشرقي أصبح للمسلمين والقسم الغربي للمسيحيين. وعندما تولى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك سنة 86هـ (الموافق ل 705 م) الخلافة أراد أن يبني مسجدا جامعا ليس له مثيل في الشرق، ورضي المسيحيون ببيع النصف العائد لهم مقابل كنيسة حنانيا وحقوق أخرى، وبدأ الوليد بالبناء فاستفاد من ما هو موجود، وحول الموجود إلى شكل إسلامي، وكساه وزينه بالفسيفساء والمنمنمات والنقوش وأفضل ما زينت به المساجد في تاريخ الإسلام.
وفي المسجد الأموي أول مئذنة في الإسلام المسماة مئذنة العروس وللجامع تاريخ حافل في كافة العصور قبل الإسلام وفي العصر الإسلامي.
قلعة نجم قلعة أثرية قديمة في منطقة منبج من محافظة حلب. أعاد بناءها نور الدين محمود بن زنكي (الملقب بالشهيد(، بعد الزلازل التي ضربت المنطقة الشمالية.
كانت معبراً للقوافل والجحافل بين العراق وبلاد الشام والجزيرة العليا.
مجمل آثارها الباقية ترقى للعصر الأيوبي أيام الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين، ثم ابنه الملك العزيز غياث الدين محمد، بعده حفيده الملك الناصر أبو المظفّر يوسف (الثاني).
ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان، وكذلك الرحّالة ابن جبير. وقد تعرضت القلعة في عام 1820 إلى تخريب أخير على يد السلطات العثمانية حيث جرى قذفها بالقنابل اثناء مطاردة احدى العشائر واحتمت واعتصمت بالقلعة رفضت دفع الضريبة للحكومة العثمانية. وبعد بناء سد تشرين اصبحت القلعة تطل على مياه البحيرة التي تشكلت وراء السد واضفت على القلعة المطلة عليها جمالاً خلابا.ً
مغارة الديدرية
لم يكن الكثيرون يعرفون شيئاً عن هذا الكهف سوى بعض القرى المجاورة له حيث كان الرعيان يستخدمونه إسطبلاً لماشيتهم، ولكن هذا الكهف المجهول دخل التاريخ من أوسع أبوابه، وذلك حين قامت البعثة الأثرية السورية اليابانية المشتركة التي بدأت بنقيباتها فيه عام 1987 حيث اكتشفت على عمق 3 أمتار تحت مستوى سطح الأرض العديد من الأدوات الصوانية العائدة إلى الحضارة اليبرودية التي قامت قبل حوالي 300 ألف سنة كما عثرت البعثة على بقايا لهياكل عظمية لثلاثة أطفال نياندرتاليين يعودون إلى فترة الحضارة الموستيرية التي استمرت حوالي 1000 عام. كما تبين وجود العديد من المكتشفات المهمة فقد عثر فيها على أكثر من خمسين كهفاً وملجأً أثرياً، تنتشر في عدد من الوديان التي تقطع الجبل، إضافة إلى العثور أيضاً على آثار إقامة إنسان العصر الحجري بمختلف مراحله، وكان كهف الديدرية هو الأضخم من بينها جميعاً، وتبلغ أبعاده 60 15 م وارتفاعه 10أمتار.
قلعة دير سمعان اختار القديس سمعان هذا المكان المنعزل، بقصد التقرب إلى الله للعبادة جريا على عادة الرهبنة. ولد سمعان أو سيمون حوالي عام 368 للميلاد في بلدة (سيس) القريبة من مدينة أضنة الحالية في تركيا. كان في صغره راعياً للماشية، وانضم في ريعان شبابه إلى جماعة من النساك قرب (سيس)، وبقي معهم مدة سنتين، ثم انتقل إلى منطقة دير تلعادة جنوبي جبل شيخ بركات وأمضى هناك عشر سنوات في الصلاة والتقشف، حيث كان يتناول الطعام مرة واحدة في الأسبوع، فطلب منه مغادرة الدير لشدة أذاه على نفسه، فلجأ في عام 412 م إلى بلدة تيلانيسوس (دير سمعان) الحالية وعاش فيها ثلاث سنوات، وصام هناك أربعين يوما دون أن يأكل أو يشرب، إلى أن أصبحت عادة لديه. ثم أرتقي إلى قمة الجبل وربط نفسه هناك بسلسلة حديدية إلى صخرة، وراح الناس يقصدونه من كل حدب وصوب، فبنى لنفسه عمودا ليقيم عليه تلافيا لازدحام الناس وتقربا إلى الله، وظل يعلي العمود بين الحين والآخر إلى أن وصل ارتفاعه إلى /16/ مترا، وأمضى عليه اثنين واربعينعاما لحين وفاته وهو على عموده سنة 459 م .
أبواب حلب القديمة أبواب مدينة حلب القديمة هي المنافذ للدخول والخروج من وإلى المدينة وكانت هذه الأبواب تساهم في ردع الغرباء أو الغزاة من الدخول الى مدينة حلب, ومن هذه الأبواب:
الباب الأحمر والأحمر تحريف الحمر وهي قرية في صحراء حلب من شرقها , وهذا الباب لم يبق له أثر بل انهدم الى الأرض و أخذت حجارته إلى الرباط العسكري سنة 1303هـ . وهذه المحلة تعرف في دفاتر الحكومة بمحلة أغلبك أو أوغلبك أي ابن البك و عند الناس بمحلة باب الأحمر وأغلبك هو عثمان بن أحمد ابن أحمد بن أغلبك المقر العالي الأميري الفحري بن الحناب الأميري الشهابي المشهور بابن اغلبك الحلبي الحنفي وكان من علماء الأمراء و أمراء العلماء . ويقع بين باب الحديد وباب النيرب , ومن عائلاته : آل الصياد , آل الحلاج , آل قناعه , آل عيسى , آل فتال , آل طرابيشي , آل عيروض , وآل دبابو .
باب الأربعين : يقع بين الباب الصغير وباب النصر سد مدة ثم فتح ولا وجود له الآن, قيل سمي بباب الأربعين لأنه خرج منه مرة أربعون ألفا فلم يعودوا, أو لأن بقربة مسجداً فيه أربعون عابداً, وقد هدم . باب أنطاكية: كان يفضي منه إلى أنطاكية, وعندما فتح المسلمون حلب دخلوها من باب أنطاكية , وكان نقفور ملك الروم قد خرب هذا الباب لما استولى على حلب عام 351هـ , فلما عاد إليها سيف الدولة عام 353هـ بناه , ثم هدمه الناصر صلاح الدين بن يوسف وبناه , وبنى عليه برجين . باب الجِنان : يلفظه العامة باب الجنين وسمي بذلك لأنه يفضي إلى جنان حلب حيث كان يجري نهر قويق . هدمته الحكومة سنة 1310هـ ووسعت به الطريق ولم يبق له أثر, وقد كان مركزاً لتحويل النقود وشحن البضائع والتجارة العامة, ويروى أن بباب الجنان طلسما للحيّـات في برج يسمى برج الثعابين حيث لا تضرّ معه حيّة ان لسعت . باب الحديد : سمي بباب الحديد لأن الحوانيت التي تجاوره كان يصنع فيها الحديد ولا يزال حتى يومنا حدّادون قربه, وكان اسمه باب القناة لأنها تعبر منه, وعرف أيضاً بباب بانقوسا , بناه قانصوة الغوري عام 1059هـ . باب دار العدل : وكان لا يركب منه إلا الملك الظاهر غياث الدين غازي وهو الذي بناه, وكان محل السراي حالياً . باب السعادة : يقع بين الكلاسة وباب انطاكية في موقع خراق الجلّوم حالياً , أنشأه الملك الناصر سنة خمس وأربعين وستمائة وبنى عليه أبرجة و دركاهاً و بابين, وقد دثر . باب السلامة : يقع على الجسر الذي على نهر قويق خارج باب انطاكية , دثر بعد أن خربته الروم أيام سيف الدولة سنة 351 هـ . باب الصغير : شرقي دار العدل في موقع حمـّام الناصري حالياً, وقد دثر . باب العراق : كان يخرج منه الى جهة العراق, وكان موضعه شمالي جامع الطواشي عند حمام الذهب غربي سوق الأصيلة, زعموا ان به حجراً عليه كتابه بخط علي بن أبي طالب , جدد الباب أبو علوان ثمال بن صالح المرداسي بعد سنة 420هـ , والآن هو داثر . باب الفراديس : يقع بين باب الفرج وباب النصر, دثر, أنشأه الملك الظاهر غازي وبنى عليه أبرجه, سدَّ بعد وفاته , ثم فتحه الملك الناصر ابن ابنه . باب الفرج : هو الباب الصغير سمي بهذا الاسم تفاؤلاً لما وجد من التفريج بفتحه , فتحه الملك الظاهر الغازي و باب الفرج لم يبق له أثر . باب قِـنّسرين : يفضى منه الى قنسرين وكلمة قنسرين عمورية بمعنى قن النسور , ومحله قديم قبل الإسلام, وذكر أن هذا الباب يمكن أن يكون من بناء سيف الدولة أو أنه جدده, ثم جدده الملك الناصر يوسف سنة 654هـ . باب المقام : وسمي الباب القبلي ومنها باب المقام, لأنه يخرج منه الى المقام المنسوب للخليل , وعرف مدة بباب نفيس . ولصق الباب من الغرب يقع مسجد ومقام الأربعين وهم الأربعون قطباً من الأولياء وخان الشاوي ولصقه من الشرق يقع القسطل وخلفه مسجد وتكية . لا يعرف من أنشأ هذا المقام من ملوك الإسلام لكن من المحقق أن الملك العادل نور الدين زنكي جدده وزخرفه وكان يتعبد فيه . باب النصر : كان يعرف قديماً بباب اليهود, لأن محال اليهود من داخله ومقابرهم من خارجه , فاستقبح الملك الظاهر غازي وقوع هذا الاسم عليه فسماه باب النصر بعد أن هدمه وبناه. باب النيرب : يفصى منه الى قرية النيرب ولهذا السبب سمي بباب النيرب , بناه الملك الاشرف برسباي, موقعه قرب جامع التوبه , وكانت قنطرة الباب موجودة حتى العقد الثالث من هذا القرن ثم هدمت وقد زالت آثاره .
برج الساعة باب الفرج يقع هذا البرج بالقرب من باب الفرج وهو أحد أبواب حلب القديمة فإلى الشرق منها يقع مسجد “بحسيتا” تعتبر ساعة أو منارة حلب كما يسمونها من المعالم التاريخية الجميلة من حيث موقعها السياحي، وطرازها المعماري الفريد من نوعه، بحيث تحتلّ بقعة من أكثر بقاع المدينة جمالا ونشاطاً وتسمى هذه البقعة ساحة باب الفرج. تعد ساعة باب الفرج مركز لمدينة حلب وفيها باب أنشئ في عهد الملك الظاهر غازي ولقد هدم عام 1904 م ولم يبقى إلا برجه الجنوبي.
كتبت: بسمة علي