في خضم الأحداث التاريخية التي ترسم مسار التنمية والتطور في وطننا، تبرز زيارة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى ولاية الحوض الشرقي كمحطة مهمة تفتح آفاقًا جديدة للتضامن والتنمية، تتجاوز حدود اللقاءات و الزيارات الرسمية المعتادة.إنها زيارة أثرت بشكل عميق في نسيج الحياة المحلية، حيث ارتقت إلى مستوى يتجاوز مجرد لقاء رسمي، بل كانت تجربة تفاعلية للمواطنين والمسؤولين على حدٍ سواء. إن اندماج المجتمع بأسره في استقبال الرئيس ووفده كان يحمل في طياته دروسًا عميقة حول التلاحم الوطني والرغبة المشتركة في بناء مستقبل أفضل.
و بما أن زيارة رئيس الجمهورية هذه تشكل حدثًا مهمًا يستحق التأمل والاستفادة، فإن الدروس المستخلصة منها قد تكون البوابة لفصل جديد من التنمية والتطور. و لكي لا تفوتنا نحن - و الأجيال اللا حقة - فرصة استلهام تلك العبر ، سأستعرض في هذا المقال الدروس والمكاسب المستخلصة من الزيارة؛ بدء من التعبئة الشعبية إلى دعم المشاريع الاستراتيجية.سنلقي نظرة على كيف أثرت هذه اللحظات في صياغة رؤية جديدة لتنمية ولاية الحوض الشرقي.
1. التلاحم الوطني:
إن استجابة المواطنين لزيارة الرئيس تبرز قيم التلاحم الوطني، حيث شهدت الشوارع والميادين تفاعلاً كبيرًا يعكس الوحدة الوطنية.فالاستقبال العفوي والمليء بالحماس من المواطنين فى جو تطبعه السكينة و الهدوء، يبرز التآلف والاستجابة الإيجابية لهذا الحدث، مما يعكس التكامل الاجتماعي بين المواطنين، و التعلق بخيارات الرئيس التى أعلن عنها فى حملته الانتخابية، و التى تحققت بمجملها، كما يبرز أيضا التقدير الكبير الذى يكنه ساكنة المنطقة لشخص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
2. تعبئة الفاعلين السياسيين:
مشاركة فاعلة وقوية من قبل الفاعلين السياسيين فى جميع المقاطعات تؤكد على التعاون والتضافر من قبل جميع القوى الحية في سبيل تحقيق التنمية.كما شهدت الزيارة مشاركة فاعلة من مختلف الأحزاب والفاعلين السياسيين، مما يعكس نجاح بناء للحوار السياسي وتضافرًا منقطع النظير في سبيل تعزيز المشهد السياسي.
3. تجاوز الخلافات المحلية:
التغلب على الخلافات المحلية في وجه التجمع حول الرئيس يظهر وحدة الفعل في سبيل تحقيق الاستقرار والتقدم، حيث غابت الخلافات المحلية أمام الإجماع العام حول استقبال الرئيس والترحيب به ورفع اللافتات المطالبة بترشحه لمأمورية ثانية.
مكانة الحوض الشرقي:
تأتي الزيارة في سياق تعزيز دور ولاية الحوض الشرقي كمركز استراتيجي، حيث ألقى الرئيس الضوء على أهمية الاستثمار في هذه المنطقة، و أصدر توجيهاته بضخ المزيد من الاستثمارات فيها، و تعزيز دورها الريادي فى التنمية.
5. تعزيز البنية التحتية:
تدشين مشاريع استراتيجية يمثل خطوة هامة نحو تطوير البنية التحتية وتحفيز التنمية في المنطقة.حيث بدأ رئيس الجمهورية بتدشين بعض المشاريع الاستثمارية الاستراتيجية التي كانت الولاية تحتاجها والتي تكون أساسا ضروريا للنهوض بالولاية؛ فتصنيع الألبان لا معنى له إذا لم يستند على تنمية حيوانية تمده على مدار فصول السنة، والطرق الرابطة بين المقاطعات من البنية التحتية التي يستند عليها الإقلاع الاقتصادي، والتكافل الاجتماعي هو العمود الفقري إذ عمدت مختلف الوزارات الخدمية إلى إنشاء مشاريع يستفيد منها مواطن الولاية بشكل مباشر و تعود عليه بالنفع الاقتصادي السريع، على عكس ما كان متبعا فى السابق.
6. المسؤولية الاجتماعية و الدعم المالي للمشاريع:
تركز الزيارة على الجوانب الاجتماعية، حيث قدم الرئيس دعمًا ماليًا لمشاريع تؤثر إيجابيًا في حياة المجتمع المحلي، و تجلى ذلك فى التزام قوي بدعم مشاريع محلية بمبلغ يتجاوز 10 مليارات أوقية.هذا الالتزام يعكس رغبة الرئيس في تعزيز التنمية المستدامة، وتوجيهاته بدعم أنشطة محاربة الفقر من خلال تآزر و مفوضية الأمن الغذائي و الوكالات المشابهة، وهو ما تم البدء به مباشرة.
التأكيد على الثقافة والتنمية:
أبرز الرئيس أهمية الحفاظ على التراث الثقافي كعنصر أساسي في بناء مستقبل موريتانيا، مما يعزز الهوية الوطنية.و أكد فى خطاباته على أن التركيز على العلاقة الوطيدة بين الثقافة والتنمية يعكس الوعي بأهمية الهوية الثقافية في بناء مجتمع قوي، وهو ما تميز به سكان الحوض الشرقي على مر الأزمان.
8. المشاركة في COP28:
الزيارة الفورية بعد مشاركة فعّالة في مؤتمر المناخ (COP28) تعكس التفاعل الإيجابي مع الاتفاقيات الدولية وتعزيز فرص التنمية المستدامة.
الخلاصة:
في الختام، تعتبر زيارة الرئيس لولاية الحوض الشرقي خطوة استراتيجية هامة تعزز التضامن والتنمية في إطار الرؤية الموريتانية، و يظهر التفاعل الوطني والتأثير الإيجابي الذي تركته الزيارة بوضوح كمؤشر على الاستعداد لتحقيق مستقبل واعد يرسخ مكانة موريتانيا في التطور الإقليمي والدولي. هذه الدروس المستوحاة من الزيارة تشكل دعوة لنا معشر الفاعلين السياسيين و المثقفين و المهتمين بالشأن الموريتاني عموما للتأمل في مسار التنمية والتعاون الوطني، مما يشير إلى تحول إيجابي نحو مستقبل أفضل. إن الإجماع الواسع لدعم فترة رئاسية جديدة يعكس رغبة السكان في الاستمرار في هذا المسار الواعد.
البكاي ولد عبد القادر ولد الخو النائب السابق لمقاطعة النعمة