انطلقت صباح اليوم الثلاثاء، بقصر المؤتمرات "المرابطون" في نواكشوط، أعمال الملتقى الدولي الرابع، للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، بالشراكة مع الحكومة الموريتانية.
وينعقد الملتقى تحت الرعاية السامية لصاحب الفخامة؛ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، محمد ولد الشيخ الغزواني، وبرئاسة معالي الشيخ عبدو الله بن بيه، رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بدولة الإمارات، رئيس منتدى أبوظبي للسلم.
وفي كلمته الافتتاحية بيّن معالي الشيخ عبدالله بن بيه، أن الملتقى هذا العام هو محطة جديدة على دروب السلام، التي سلكها المؤتمر من انطلاقه، في بحثه الدائم عن أسباب الوئام والأمن، والعافية والسكينة، متنقلاً بين الموضوعات، ومتحرياً أفضل المقاربات.
واعتبر فضيلة الشيخ أن اختيار موضوع المؤتمر في هذه النسخة؛ التعليم العتيق في إفريقيا.. العلم والسلم، يتنزل ضمن البحث المستمر عن معززات السلام وأسباب الوئام من خلال تناول أحد أهم مرتكزات مقاربة السلم وهو مرتكز التعليم والتربية.
فيما نوه في هذا السياق إلى أن اختيار هذا الموضوع على وجه الخصوص هو بغية التركيز على ما أبدعته التجربة التاريخية للمجتمعات الإفريقية من مؤسسات تعليمية أهلية، كانت وما تزال في كثير من الأحيان جذورا للمعرفة المؤصّلة وجسورا للتواصل والتعايش السعيد، وحصونا منيعة في وجه الغُلو والتطرف، وحواضن لقيم السلم والأخوة، وروافد للهوية الإفريقية الإسلامية الأصيلة. ودعا معالي الشيخ عبدالله بن بيه، إلى توفير التمويل اللازم للمحافظة على تجارب التعليم العتيق، مقترحا في ذلك دعم المدارس بصناديق وقفية، والاستفادة من أموال الزكاة.
وشدد على ضرورة التوصل إلى صيغة تساهم في الاستفادة من خريجي هذا النوع من التعليم في سوق العمل، إما مباشرة أو عبر برامج تدريبية وتأهيلية مُصَممة خصيصا لهذه الفئة من الخريجين.
كما أشار في سبيل ضرورة تطوير التعليم العتيق، إلى أهمية إيجاد مُواءمة بين الأصالة والمعاصرة، ومشاركة في الازدهار والتنمية، ومستمرة كوسيلة من وسائل السكينة في المجتمع والمحافظة على قيم الإسلام الحنيف، قيم التسامح والاعتدال بعيداً عن التطرف والغلو.
بدوره أشاد وزير الأوقاف المصري؛ محمد مختار جمعة، بهذا المؤتمر، موضوعا وتنظيما وإعدادا؛ معربا عن شكره للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، على إشرافه على فعالياته التي قال إنها تشكل فرصة لتعزيز السلام ونشر قيمه.
واستعرض جمعة العلاقة بين العلم والسلم، معتبرا أنه كلما تحقق صحيح العلم الشرعي كلما مُهدت طريق السلم، وكل ما طغى الجهل كان الغلو والتطرف.
وأكد على أهمية وضرورة المحافظة على السلم المجتمعي بين مختلف أفراد البلد الواحد والسلم العالمي بصفة عامة، مطالبا علماء الأمة ببذل أقصى جهودهم لتعزيز السلم في مختلف أوطان الأمة باعتبارها أمة سلام لا أمة حرب ولا استسلام.
وأكد على ضرورة تقنين أوضاع نظم التعليم العتيق وجعله تحت إشراف الدولة ومراقبتها ومتابعتها لكي لا يتم استغلاله من طرف جماعات العنف والتطرف.
أما وزير الشؤون الدينية بجمهورية مالي؛ محمد كونى، فأكد على أهمية هذا المؤتمر لما يلعبه من دور في تعزيز السلم ومحاربة التطرف، مبرزا أهمية التعليم العتيق في التوجيه والتثقيف والتعليم، ونشر المبادئ والقيم الإسلامية.
ويحضر المؤتمر رئيس جمهورية غامبيا السيد آداما بارو؛ كضيف شرف النسخة الرابعة، وزراء الشأن الديني والتعليم والتربية، ورؤساء مجالس الإفتاء في إفريقيا، فضلا عن رؤساء وعمداء مؤسسات علمية جامعية وعتيقة بالقارة. هذا إضافة إلى مئات العلماء والمفكرين والباحثين، وعدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشبابية والنسائية من جميع دول القارة، ناهيك عن شركاء المؤتمر من الهيئات، والمنظمات، والمراكز الإقليمية والدولية.
وتُنظم النسخة الرابعة للمؤتمر هذا العام تحت عنوان: "التعليم العتيق في إفريقيا.. العلم والسلم"؛ حيث ستطرح للنقاش خلال الجلسات والورشات العلمية، في الأيام الثلاثة أبرز التحديات التي تواجه مدارس التعليم العتيق والدور العلمية العتيقة، في سبيل محافظتها على الهوية والسلم الأهلي، عبر استلهام ما أبدعته التجارب التاريخية للمجتمعات الإفريقية، عبر مدراسها الأهلية العتيقة، ما شكّل تاريخيا وحاضرا، حصونا منيعة في وجه الغلو والتطرف، وحواضن لقيم السلم والأخوة.
وتقام ضمن أعمال الملتقى قمة الشباب والمرأة في نسختها الثانية، ومعرض بعنوان: "التعليم.. جذور المعرفة وجسور السلام".
ونُظمت النسخة الأولى من الملتقى في يناير عام 2020، والثانية في فبراير 2022، فيما عقدت الثالثة في يناير 2023.