العربي الجديد- نشر صندوق النقد الدولي يوم 12 فبراير/شباط الماضي نتائج تقريره عن زيارته موريتانيا، وتصدر التقرير بعبارة لا يمكن تفسيرها إلا على أنها محاولة لتجميل وجه اقتصاد موريتانيا، والعبارة هي "وقد استفاد الاقتصاد الموريتاني في السنوات الأخيرة من استقرار الاقتصاد الكلي وارتفاع معدل النمو في سياق يتسم باحتواء التضخم، واتباع سياسات اقتصادية كلية مسؤولة، وارتفاع أسعار خام الحديد، والحصول على مساعدات استثنائية من المانحين، وتكثيف الاستثمارات العامة".
هناك إذن مؤشرات تعكس حالة الاستقرار في واقع الاقتصاد الموريتاني، لكن ما يذكره الصندوق، ومن خلال جدول بيانات مرفق بالتقرير، أن نتائج معدل التبادل التجاري سالبة بنسبة 16.4 بنهاية 2014، وأن رصيد الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي سالبًا بنسبة 24.7%، وأن رصيد البلاد من الاحتياطي الأجنبي تراجع 35.8% بنهاية 2014، مقارنة بعام 2013، وأن دين القطاع العام ارتفاع لنسبة 87.4% من الناتج المحلي مقابل 73.7% .
ولا يدري أي اقتصادي عن أي استقرار كلي يتحدث تقرير صندوق النقد؟ هل عن تراجع مجموع المؤشرات الاقتصادية، باستثناء معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، الذي أتت زيادته من خلال الاستثمارات الأجنبية في قطاع الصناعات الاستخراجية، علماً بأن هذه الصناعات كثيفة استخدام رأس المال، ولا توفر فرص عمل كافية لأبناء البلد، وهو واقع موريتانيا وباقي الدول التي تعتمد على هذه الصناعات مثل دول الخليج، وغيرها من الدول النامية، وحسب بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2014، فإن معدل البطالة بموريتانيا بلغ 30%.
ولا يزال الصندوق يروج أجندته من خلال الدعوة لتقليص دور القطاع العام في النشاط الاقتصادي، وفتح الباب للاستثمارات الأجنبية، وقد تتحسن بعد المؤشرات الاقتصادية الكلية ببعض البنود، ولكن النتيجة والمردود الاقتصادي والاجتماعي يكون محدودًا، كما هو الحال في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لموريتانيا.
فما تحقق من زيادة في معدل النمو، لم ينعكس على معدلات البطالة في موريتانيا، ومن المسلم به أن زيادة معدل النمو إذا كان خارج القطاعات الاستخراجية يكون مردوده ملحوظًا وإيجابيًا، بينما حالة موريتانيا لم يتغير فيها واقع البطالة. والحديد الذي اعتبر التقرير أن ارتفاع أسعاره طوال السنوات الماضية أحد مظاهر استقرار اقتصاد موريتانيا، يبين الجدول المرفق بالتقرير أن الأسعار تشهد حالة من التذبذب بدأت بـ167.8 دولارا للطن بعام 2011 ولتنتهي بـ 96.4 دولارا في 2014.
/ عبد الحافظ الصاوي