بالٱمس و في طريق العودة من حلبة روما إلي سجن باستل، وفي مضمار الجولة الٱخيرة الذي رصعت جوانبه بالعساكر المرصوصة على جانبي الطريق القصير بين قاعة المحكمة و زنزانة الجلاد، مدججين بمختلف الٱسلحة و العربات المصفحة و أدوات التواصل اللاسلكي و مختلف أشكال الٱقنعة الغازية والواقية ، وكنت و سط ذلك المشهد الرهيب القادم من أعماق تاريخ و شواطئ ٱثينا و جادات فرنسا الملكية البورجوازية و صحاري روسيا القيصرية الاستبدادية، هناك كنت ألمح على و هج أضواء سيارات شرطة القمع تدافع سياط و صياح وٱناس سود لم ٱسمع بما ينطقون لكنهم كانوا يتساقطون وتحت أحذية الجند الخشنة يداسون، هناك أيضا تذكرت جزر الكوريل ميناء العبيد بالسنغال حين كان التدافع بباب اللاعودة المطل على الأطلسي إلى سفن شحن العبيد إلى العالم الجديد و كان من يسقط عند ذالك الباب تلتهمه التماسيح، ولوهلة كدت أتخيل أنني فرعون و أن صاحبي يعقوب هو همان و أن من يحيط بنا هم جنودنا و أن من يتدافع و يسقط تحت السياط هم عامة شعبنا المقهور و المستعبد و المظلوم. لكنني في غمرتي الملكية الفرعونية تذكرت النبلاء مالي لا أراهم في حاشيتي و صفوتي و ليلة زينتي، بيد ٱن قنبلة غازية ٱفاقتني و بسرعة الضوء من سباتي العميق لأكتشف أن النبلاء تركتهم خلفي في قاعة المحكمة حيث كانوا يرافعون و باستبسال أمام القاضي لينتزعوا من بين أنياب نيابة الدولة حريتي و حرية شعب لحراطين العظيم. القاعة التي تحولت على مدى خمسة عشر يوما إلى قبلة تشرئب إليها أعناق البؤساء التواقين إلى الحرية و الحالمين بالانعتاق وكانت هي القاعة التي شهدت يومين من السجال الفكري والثقافي والقانوني رفدته كوكبة من أبناء النبلاء تخطوا عقدة الاستعلاء والمكابرة و الإنكار تسندهم ثلة من أبناء العبيد والفئات المهمشة ممن قيضت لهم الأقدار تجاوز حالة الجهل والشعور بالدونية ، لكنني تذكرت أيضا تلك القامات العلمية و الأكاديمية القانونية و المحاماتية من ٱبناء نبلاء البيظان وعلى رأسهم محمد ٱمين و صنوه محمد لمين ولد المسلم والدكتور سيد المختار و الاستاذ محمد ولد احمد مسكه و الأساتذة المتألقون في ساحة الشرف تلك ويوم الكرامة الذي كان، أحمد سالم ببكر والنقيب الشيخ ولد حندي والمصطفي ولد ديدي و الشيخ ولد سيدي محمد و العميد محمد معروف بوصبيع والزعيم ولد همد فال و محمدن ولد السفاح و الغائب الحاضر العميد ولد أبتي و اللؤلؤة السوداء البولارية فاتماتا ٱمباي ، بهم جميعا تلألأت قاعة المحكمة وارتفع سقف الأداء بالمرافعة الرائعة و الفريدة التي افتتح بها المحامي و الروائي والوزير محمد ٱمين الذي ٱبكى الجمهور و ٱلهم الحضور، حين مزج وبإتقان بين القانون و القصة و الرواية و الحقيقة ودافع و بحصافة وأناقة و خبرة ووطنية عن المهمشين والمعذبين وعني وعن الدولة والمجتمع والقضاء والحرية والقيم المدنية الديمقراطية ، لكن صمت رئيس المحكمة المطبق وقدرته الفائقة على التحمل والاستماع والتحكم وضبط النفس والقاعة، جعلني ٱنزل من عربة المستبد الظالم حين الوصول وأودع زبانيته مكان نفي الوصل مودعا جموع ابناء العبيد الذين كانوا على إثرنا يركضون وعلى جانبى عربة الجلاد يتدافعون ، لٱدخل زنزانتي دون حريتي و لا حرية شعبي ... الأغتسل من غبار معركة واستعد لمتاعب درب طويل ، في انتظار حكمهم على ٱنفسهم قبل ٱن يكون حكما علينا وعلى شعب لحراطين البائس المسكين و في انتظار ذلك اليوم الموعود سٱبقى ٱكرر...بيظاني .. حرطاني ... معلم ... إيكيو ... آزناكي ... بولاري ولوفي سونوكي ، تماما كما كرر محمد ٱمين ترنيمتي المقدسة .. ٱمجمبرين ... ٱمجمبرين ... ٱبيقين ...... ٱمجمبرين .... المستوحات من جامبور ٱسرماغ بكيفة ... إن محمد ٱمين يمثلني ما حلى طعم الحرية و ما ٱروع شمس الإنعتاق .