قبل عام ...وبين المغرب والعشاء، انطلقت شرارة الخبر، وانتشرت بسرعة في كل الوطن، كان الأمر غريبا جدا تمزيق نسخ من المصحف الشريف ورميها في المراحيض.
بدأت الصورة تدريجيا، يكتشف إمام المسجد الحادثة بعد أن يبلغه طفل مراهق بما حدث ويؤكد أن رجالا سمرا، دخلوا المسجد وارتكبوا الجريمة المذكورة قبل أن يفروا في سيارتهم.
يتم إبلاغ الرئاسة بعد ذلك بقليل من قبل أحد جيران المسجد، ثم تخرج المسيرات الغاضبة، كان أبرزها مسيرة ضخمة قادها الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي من قريته شمالي نواكشوط.
بدأت الأزمة تشتد، وانتقل الآلاف من الموريتانيين إلى محيط القصر الرئاسي، الذي استقر في أذهان الموريتانيين منذ فترة أنه الوجهة الوحيدة للاحتجاجات والشكاوى والإضرابات.
بدأ الرعب يأخذ بقلوب القيادات السياسية والأمنية للبلاد، فمن أين أتت كل هذه الأفواج البشرية لتهتف بقداسة المصحف أمام القصر الرئاسي.
كان من الغرائب أن عملية تمزيق المصحف الشريف جاءت ساعتين فقط عقب إعلان تأسيس منتدى الديمقراطية والوحدة المناوئ للنظام.
استدعت الرئاسة قوات التدخل الخاصة، وأعادت كتائب عسكرية من ولاية إنشيري إلى العاصمة نواكشوط، قبل أن تشرع قوات مكافحة الشغب في تفريق الجموع
في صباح اليوم الموالي هب الآلاف أيضا من الموريتانيين من جديد إلى القصر الرئاسي وبدا أن طوفان الغضب يزداد مع كل ساعة.
تسارعت وتيرة القمع أيضا وبشكل مروع، وفجأة سقط الشاب أحمد ولد حمود برصاصة من أين جاءت، قال الوكيل إن المتوفى مات بسبب الاختناق، وقال ذووه إن الرصاصة استقرت في وجهه وأردته قتيلا.
كان الشاب طالبا في محظرة مسجد الشرفاء، وفي المعهد العالي للدراسات الإسلامية وبعد وفاته خرجت كشوف الدرجات ليكون الأول على دفعته، لقد كان مجدا...
بدأ الهلع الحكومي يأخذ مسارا متصاعدا، أرسل ولد عبد العزيز وزيري الإعلام والشؤون الإسلامية ليؤكدا للجماهير أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو أحرص الناس على حماية المصحف وتكريم حملته، قبل أن يتحدث وزير الإعلام عن الشاب القتيل بمستوى كبير من الاستخفاف وتكذيب الرصاصة القاتلة.
عنز تحملت المسؤولية
ألقى وزير الإعلام بالمسؤولية على الماعز، فربما تكون عنز " فاسقة" هي التي مزقت المصحف، ترى من فتح للعنز باب المرحاض.
وتوالت الردود الغاضبة والساخرة من تحميل " الماعز" المسؤولية عن أكبر جريمة تشهدها موريتانيا في تاريخها.
وبدأ البحث عن ضحية جديد، يتم إبلاسه التهمة، سارعت الأجهزة الأمنية إلى نسج روايات وفرضيات هدفها الأساسي تبرئة تلك الأجهزة من التقصير، ولم يكن هنالك وسيلة لذلك غير تحميل "جهات سياسية" المسؤولية والقول إنها دفعت جماهيرها إلى محاصرة القصر الرئاسي
وهكذا اتخذت السلطة وبسرعة قرارا بحمل جمعية المستقبل، ضمن سعي لإنهاء ترخيص أكبر عدد من المؤسسات التي يديرها إسلاميون في موريتانيا، وهكذا بدأت مضايقة مستشفى النور ومدارس الأطلس قبل أن تتراجع السلطة من جديد عن ذلك القرار.
بدأ الدرك التحقيق وبدأ أصابع الاتهام تشير إلى جهات أخرى، تحدثت المصادر الأمنية يومها عن منظمات تنصيرية في موريتانيا يمثلها موريتانيون من نخبة المجتمع.
وبدأ الجهات الأمنية العليا تلمم الملف وذلك سعيا إلى أن لا تنكشف كوارث أخرى يمكن أن ترفع سقف الغضب.
وبعد عام كامل لا يزال السؤال مطروحا، من مزق المصحف الشريف، ومن قتل أحمد بن حمود