الثابت في السياسة هو عدم الثبات، و التغيير في المواقف و المنهج و السلوكيات هو روح الديمقراطية ،إن فهم التغيير في كونه تغييرا في رأس السلطة فهم سطحي للتغيبر و اختزال للديمقراطية في إجراء شكلاني .لقد كان انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني و إن كان ولادة من رحم الاستبداد و التفرد في القرار تغييرا وجدت فيه المعارضة الراديكالية ما ناضلت من أجله طيلة عشرين عاما و وجد فيه الحالمون بدولة اجتماعية ما كانوا يصبون إليه منذ أمد بعيد .إن انتخاب الرئيس غزواني شكل حراكا سياسيا أسس لجمهورية ثانية تختلف في الممارسة و النهج و السلوك عن جمهوريتنا الأولى و أدبياتها و علينا أن نفهم هذا التغيير في السلوك السياسي و ندرك أن المعارضة لا تعني تناطحا و خصاما أزليا بقدر ما تعني نصحا و تنويرا .
لقد جسد الرئيس غزواني أسمى أدبيات الديمقراطية متجسدة في الشورى التي هي نهج إسلامي قبل أن تكون النسخة الأرقى من الديمقراطية التشاركية، ففتح أبواب مكتبه لجميع الفرقاء و استمع بإنصات لكل الرؤى و الأفكار، فجاءت طريقته في الحكم و التسيير مختلفة بتعدد مشاربها ،ثرية بصلابة أفكارها ،متبصرة باختلاف الرؤى التي شكلت عيونها الثاقبة.
إن احمد ولد داداه وجد في الرئيس غزواني الإرادة و التبصر الذي يبحث عنه كما وجدنا فيه نحن معشر الحالمون بدولة اجتماعية تأسيسا جادا لدولة الرفاه، و لم تكن تآزر و صندوق التضامن الصحي سوى بدايات ستتوسع لاحقا بصندوق الزكاة الذي سيكون له الأثر البالغ في التخفيف من آثار الفقر و الهشاشة التي يعاني منها الجزء الأكبر من هذا الشعب .
يتوجس البعض من هذا الالتفاف حول غزواني معتقدا إنه اجماع مغشوش غير مؤسس على قاعدة فكرية و إنما هو من قبيل " إن المصائب يجمعنا المصابينا" ملوحا أو مشيرا إلى أن كل هذا الطيف السياسي يجمعه عداء الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز و هو توجس في غير محله، فالرئيس السابق لم يعد يشكل خطرا و التوليح به مجرد ورقة سياسية مفلسة.إنما يجمع الطيف السياسي بمنهج غزواني أعمق من ان يختزل في تحالف تكتيكي. إن الرئيس غزواني يؤسس لدولة مواطنة ذات هوية عربية إسلامية مرنة يجد فيها كل سياسي قدما لأفكاره و رؤاه و تطلعاته إنه يمزج بين البعد المحافظ و الحداثي في تعاطيه مع السياسة و التنمية و يتحرك بخطوات ثابتة نحو دولة رفاه تلبي لكل مواطن مطالبه في أمن و سكينة.
عبد الرحمن (النح) سيدينا