عندما أفكر في نتائج الانتخابات من الزاوية المكانية والأنثروبولوجية تعود بي الذاكرة إلى دروس مادة التاريخ في الصف الرابع من الإعدادية.
كان أستاذنا الفرنسي السيد "مارزين" (Marzin) في "روصو" لا يتوقف عن سرد أخبار "الدولة الثالثة" (le tiers état).أطلق هذا الاسم (tiers état) في فرنسا الثورة (1789) قبل أسم "العالم الثالث" (tiers monde) الذي ظهر في القرن ال20 بمعنى مماثل.
وأطلق أسم "الدولة الثالثة" على "العوام" أو "الدهماء" من الفئات والمجموعات التي لا تنتمي إلى الطبقة المحظوظة من رجال الكنيسة والإقطاع، وتشكل الأغلبية الساحقة من الشعب..
وقد سئل عنهم إيمانويل جوزيف سييس (Emmanuel-Joseph Sieyès)، فقال كلمته الشهيرة: « من هم "العوام"؟- هم الجميع.
ما تأثيرهم في النظام السياسي؟- لا شيء.
ماذا يريدون؟- أن يصبحوا شيئا ».
مقتضى القول، ألفت الانتباه إلى ضرورة التعامل بحكمة مع "الدولة الثالثة" (le tiers état) في أطراف المدن والأحياء العشوائية ومناطق الترحيل وغير ذلك من المناطق التي تشعر بغبن أو ظلم.
هؤلاء لا ينتمون لشريحة ولا فئة ولا عرق واحد. ولا يجمعهم حزب سياسي ولا مرشح ولا تنظيم ولا إيديولوجيا.. إنهم فقط - كما قال سبيس - يريدون أن يصبحوا شيئا.
دعوا الرئيس يعالج موضوعهم بحكمته المعهودة، و يبدأ العمل فورا على تنفيذ برنامجه الذي انتخِب من أجله.. وينطوي برنامجه على ما يكفي لتحقيق آمال ومطالب الجميع، عبر الأولوية للشباب والأمن والاستقرار ومحاربة الفساد وتحقيق التآزر والتكافل والمحبة والتضامن.
محمد فال ولد بلال