«القدس العربي» هبط مؤشر الوفاق السياسي في موريتانيا أمس إلى مستوياته الدنيا ناسفا جو التفاؤل الذي ساد إثر التوجه نحو الحوار؛ فقد وجهت المعارضة الموريتانية في مؤتمر صحافي عقدته أمس اتهامات للرئيس الموريتاني «بالتخطيط لتغيير الدستور عبر استفتاء شعبي ينقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى رئيس الوزراء في خطوة ترى المعارضة أنها «تحايل يستهدف تطبيق «تناوبية بوتين ـ ميدفديف».
وأكد محفوظ ولد بتاح رئيس حزب اللقاء المعارض والناطق الحالي باسم القطب السياسي في منتدى المعارضة في تصريحات صحافية أمس «أن الجولة التي سيبدأها الرئيس الموريتاني آخر الأسبوع الجاري للولايات الشرقية ذات المخزون الانتخابي، تستهدف بوضوح القيام بحملة للاستفتاء الشعبي حول تعديل الدستور لنقل نظام الحكم من نظام رئاسي إلى نظام برلماني»، مشيرا إلى «أن توجه الرئيس ولد عبدالعزيز السريع نحو الحوار الشامل مع المعارضة هدفه الحقيقي الوصول لهذه التناوبية التي ستتيح للرئيس تولي منصب رئيس الوزراء ذي الصلاحيات الموسعة بعد انتهاء مأموريته الحالية ليعود بعد ذلك لرئاسة الجمهورية من جديد على خطوات الرئيس الروسي».
وحذر ولد بتاح من تعديل الدستور وأكد «أن الشعب الموريتاني لن تنطلي عليه هذه الخدعة وسيعمل لإفشال هذا المخطط الذي يجري التحضير له في الخفاء».
وفي تصريحات أخرى حذر الدكتور عبدالسلام ولد حرمة رئيس حزب الصواب الموريتاني وعضو المعاهدة من أجل التناوب الديموقراطي (معارضة الوسط)، من تعديل الدستور وبخاصة «المواد التي تحمي الديموقراطية وتؤمن التناوب السلمي على السلطة».
وقال «إن العمل لتعديل الدستور للانتقال من النظام الرئاسي للنظام البرلماني له مخاطره على المسار الديموقراطي ويجب الابتعاد عنه».
هذا وتزامنت هذه الاتهامات والانتقادات التي لم ترد عليها السلطات حتى ظهر أمس، مع إصدار وثيقة سياسية شخص فيها حزب اتحاد قوى التقدم، أحد أبرز أحزاب المعارضة، الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لموريتانيا في الظرف الحالي.
وأكد حزب اتحاد قوى التقدم (اليسار الشيوعي سابقا) أن «هناك ثلاثة حلول أساسية لا رابع لها للأزمة الخانقة التي تمر بها موريتانيا، فإما أن يتعفن الوضع ويستمر في ذلك لبعض الوقت إلى الحد الذي لم يعد يطاق، وإما انفجار الوضع بأي طريقة من الطرق، خارجة عن سيطرة أي من اللاعبين على الساحة السياسية، وإما الخروج من الأزمة عن طريق التوافق والتفاهم بين جميع مكونات الشعب عبر حوار بناء ومسؤول».
وأوضح في دراسته للواقع الموريتاني «أن الحل الأخير القائم على الحوار هو الذي اختاره منتدى المعارضة ويعمل على إنجاحه لتخرج البلاد من أزمتها بصورة سلمية وسليمة».
واستدرك الحزب ليؤكد «أن ما حصل مع مضربي عمال الشركة الوطنية للمناجم وطلاب كلية الطب غير مشجع، بل هو إشارة سلبية بالخط العريض على انعدام ثقافة الحوار وعلى غياب حسن النيات».
وأضاف الحزب «في الوقت الذي تتغنى فيه حكومة ولد عبدالعزيز بالإنجازات «العملاقة» وغير المسبوقة، وترسم لوحة وردية للمعجزة التي حققتها، تعيش موريتانيا وضعا آخر تؤكده الوقائع اليومية؛ فالدولة تتخبط في أزمة عميقة متعددة الجوانب، لم تعرف البلاد مثيلا لها في السنوات الستين الماضية، ولا تخطئ مظاهرها العين المجردة ولا تحتاج إلى تحليل ولا ذكاء خارق للعادة، أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وأمنية ودبلوماسية».
وفي المجال الأمني أكد الحزب «أن أمن موريتانيا الخارجي على كف عفريت، وهو وضع مقلق وخطير ما لم تتخذ إجراءات حمائية قوية، ولا يمكن ذلك إلا بإشراك المواطنين كافة بقناعة تامة وعلى طول الحدود».
وأشار إلى أن «الأمر يزداد خطورة إذا علمنا أن علاقات موريتانيا الدبلوماسية مع جيرانها وشركائها الدوليين ليست على ما يرام».
وخلصت الدراسة التحليلية «إلى التأكيد بأن هذه الأزمة المتعددة الجوانب، التي تمس صميم كيان الدولة، لا يمكن أن تبقى طويلا، بل لا بد أن تتغير إلى وضعية أخرى قابلة أو غير قابلة للاستمرار، لأن العناصر التي تشكل اللوحة العامة قابلة للاشتعال وصالحة للانفجار في أي وقت والتركيبة الاجتماعية في غاية الهشاشة كما هو معلوم».
عبدالله مولود