ا مراء في أن مهنة الطبيب تعد من أنبل المهن و أجلها و أكثرها أهمية منذ نشأة البشرية و إلى أن تقوم الساعة ، و ذلك لارتباط وجودها ارتباطا وثيقا بإنقاذ حياة الناس و التخفيف من آلامهم وأحزانهم و إدخال السرور و الفرحة عليهم و تكفيف دموعهم ... كما أنه لا مراء في أن الخلق الطيب هو من أسمى الأسس التي يقوم عليها شرعنا الحنيف و لا أدل على ذلك من اختياره من بين كل الصفات الفاضلة ليكون صفة مدح ما بعده مدح من الباري عز و جل لصفوته من خلقه محمد صلى الله عليه و سلم حيث قال تعالى مخاطبا نبينا (ص) : << و إنك لعلى خلق عظيم >> كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم حض على الخلق الحسن في غيرما حديث من ذلك قوله (ص) : < أكمل المومنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا> و قوله (ص) < لا تحقرن من المعروف شيئا و لو أن تلق أخاك بوجه طلق> و لقد كان الخلق الحسن موضوعا خصبا رتع فيه العلماء و الأدباء و الشعراء واصفين ما له من أهمية في دار الحياة و دار الفناء كليتيهما. يقول الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقـــــــــــيت فإن همٌ ذهبت أخلاقهم ذهـــــب و يقول الآخر: أحسن حالات الفتى و أجلهـــــــــا تواضعه للناس وهو رفيــــــــــع و أقبح الشيءأن يرى المرء نفسه رفيعا و هو عند العالمين و ضيع
بناءعلى هاتين المسلمتين فإن ارتباطا لا يقبل الإنفصال لا بد أن يكون حاصلا بين الطبيب و الأخلاق الحميدة. فأي طبيب لا يتصف بحسن الأخلاق هو طبيب لا محالة فاشل في مهمته مهما كانت خبراته ومهاراته. فكم من مريض خف مرضه بل وشفي بمجرد حسن استقبال الطبيب له و حسن معاملته معه مما يجعل الجزء النفسي من المرض – وهوكبير – ينزاح عن المريض و بذلك يشعر بالإرتياح و الطمأنينة و تكون الوصفة الطبية مكملا للعلاج فيشفى بإذن الله و في المقابل كم من مريض زاد سقمه و اشتدت آلامه برأية وجه الطبيب العابس ، الجافي و يزداد الأمر سوء بكيفية المعاملة التي لا تخلو من ترفع وعدم مبالاة جاعلا المريض المسكين يزداد مرضا على مرضه.
فيا أيها الأطباء و الممرضون و غيركما ممن يزاول هذه المهنة النبيلة عليكم أن تتذكروا قول الحبيب (ص) < من لا يرحم لا يرحم> و أن تعلموا أنكم في مكان تستطيعون من خلاله بعملكم الشريف و أخلاقكم الفاضلة أن تكونوا في أعلى العليين و أن تحصلوا على رضى الخالق الذي به تنالون رضى المخلوق كما أنكم من خلال هذه المهنة يمكن أن تكونوا في زمرة المحرومين من رحمة الله المبغضين في الأرض بسبب بغض الله تبارك و تعالى لكم ، فاختر لنفسك أي الطبيب أي الدارين تختار ، هداك الله إلى الصواب .