نظم الاتحاد الدولي للاتصالات بالتعاون مع اتصالات الجزائر، يومي 11 و 12 نوفمبر الجاري، مؤتمرا إقليميا في الجزائر العاصمة، حول تحقيق توصيلية شاملة وهادفة في المنطقة العربية، بمشاركة موريتانيا التي مثلها السيد أعمر ولد إسلمُ؛ مكلف بمهمة في وزارة التحول الرقمي وعصرنة الإدارة.
وقدم ولد إسلمُ، عرضا بعنوان: "نحو تحقيق اتصال شامل وهادف في موريتانيا"؛ بين فيه بالأرقام والمعطيات، مختلف أوجه النجاحات التي حققتها موريتانيا في مجال تقنيات الاتصال الحديثة والتحول الرقمي؛ حيث تمحور عرضه حول المواضيع التالية:
ـ وضعية الاتصال في موريتانيا، حيث ذكر أن معدل انتشار النطاق العريض المتنقل في البلاد وصل في نهاية سنة 2022 إلى نسبة 78%، مع العلم أن النسبة العالمية المحددة من طرف الاتحاد الدولي للاتصالات هي 77%، هذا بالإضافة إلى توقع أرتفاع هذه النسبة إلى 95% بحلول سنة 2030.
- البنية التحتية والتكنولوجيات الناشئة، وفي هذا المجال تم التطرق إلى مشاريع استراتيجية مهمة في مجال السيادة الرقمية قيد التنفبذ مثل مشروع نشر الجيل الخامس من الاتصالات (5G )، ومركز البيانات التي اكتملت الأشغال فيه وسيبدأ استغلاله نهاية السنة الحالية أو بداية السنة المقبلة كأقصى أجل، وكذلك مشروع السحابة الحكومية (قيد التنفيذ)، بالإضافة إلى بناء وصلة ربط بحرية ثانية لموريتانيا، حيث سيبدأ العمل فيها في دجمبر 2024.
- الأمن الرقمي وحماية البيانات الرقمية: إذ لابد في ظل كل هذه التحولات الرقمية من أمن سيبراني وحماية للبيانات الشخصية.
- أمثلة على النجاحات وأفضل الممارسات التي أنتهجها قطاع التحول الرقمي في موريتانيا.
هذا وقد استهل ولد إسلمُ عرضه بتقديم الشكر والتقدير للاتحاد الدولي للاتصالات وشركة اتصالات الجزائر على تنظيم هذه الورشة العلمية القيمة تحت شعار "نحو تحقيق توصيلية شاملة وهادفة في المنطقة العربية".
كما عبر عن جزيل امتنانه للحكومة والشعب الجزائريين على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة؛ مبرزا أن "هذا الحدث يشكل خطوة هامة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة، من خلال تعزيز الاتصال الشامل وتطبيق التقنيات الحديثة التي تسهم في تحسين جودة الحياة وتطوير المجتمعات العربية".
وفي ختام العرض رد المكلف بمهمة على التساؤلات التي وجّهت له من طرف رئيسة الجلسة؛ التي تركزت حول طبيعة التحديات الرئيسية التي واجهتها موريتانيا في تنفيذ مشاريع الاتصال الرقمي، خاصة في المناطق النائية أو الريفية؛ وما هي المبادرات أو الشراكات الناجحة التي ساعدت في تعزيز الاتصال الرقمي في موريتانيا، و أهم نجاحات موريتانيا في تحقيق الاتصال الرقمي، مع التركيز على الحلول أو الشراكات التي يمكن أن تكون نموذجًا للدول الأخرى في سياقات مشابهة؛ إضافة إلى مكانة مشاركة الدروس العملية التي يمكن أن تساعد أصحاب المصلحة الآخرين في المنطقة على تجنب نفس التحديات.
أجوبة المكلف بمهمة السيد أعمر على التساؤلات جائت على النحو التالي:
1. بخصوص التحديات التي واجهت موريتانيا في السابق في تنفيذ مشاريع الاتصال الرقمي هي عدة تحديات، لاسيما في المناطق النائية أو الريفية ومن أبرز هذه التحديات:
- التضاريس الجغرافية الصعبة، إذ تتميز موريتانيا بتنوع جغرافي يتراوح بين الجبال والصحاري والمنحدرات الوعرة، ما يجعل من الصعب تمديد شبكات الألياف البصرية أو تقنيات الاتصال الأخرى بشكل فعال في بعض المناطق البعيدة.
- قطاع رقمي خاص يتكون أساسًا من مشغلي الاتصالات ويقتصر على مستوى الخدمات الهاتفية.
- الحاجة الى تحسين جودة خدمة شبكات الاتصالات وتغطية شبكات الهاتف النقال من الجيل الرابع وخاصة في المناطق الحدودية والمناطق النائية.
- مستوى منخفض نسبيًا من التبني الرقمي في الشركات الخاصة والإدارات العمومية.
- الربط الدولي المحدود: إذ يمثل وجود وصلة ربط دولية واحدة عائقًا رئيسيًا في تدفق البيانات والاتصال في موريتانيا.
- الوعي الرقمي المنخفض في بعض المناطق النائية، مما يعوق استفادتهم الكاملة من هذه الخدمات.
- الحاجة للاستثمارات الكبيرة وتنمية المهارات ورأس المال البشري في مجال التكنولوجيا الرقمية.
2. أما فيما يتعلق بنجاحات موريتانيا في تحقيق الاتصال الرقمي، فقد ذكر السيد أعمر أننا ما زلنا في بداية طريق التحول الرقمي الحقيقي، إلا أن هناك العديد من المبادرات والمشاريع التي أطلقتها الحكومة الموريتانية في هذا المجال. حيث ذكر أن الموقع الجغرافي المتميز لموريتانيا، يمثل فرصة كبيرة لها للاستفادة من إمكانات اقتصادية إقليمية هائلة. وفي هذا السياق، يقول، أسهمت الأنشطة المنفذة ضمن مشروع البرنامج الإقليمي للبنية التحتية للاتصالات في غرب أفريقيا (WARCIP) في إحداث تحولات هامة في المشهد الرقمي بالبلاد، فقد ساعدت هذه الأنشطة في تعزيز استفادة موريتانيا من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مما أسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، وتعزيز التكامل الإقليمي.
ويضيف بفضل الجهود المذكورة من السلطات العليا في البلد تحققت العديد من الإنجازات البارزة في مجال التحول الرقمي في موريتانيا، ومن أبرزها:
- إنشاء قطاع وزاري مكلف بالتحول الرقمي لأول مرة في تاريخ البلاد، لتنسيق وتفعيل الاستراتيجيات الرقمية.
- نشر أكثر من 1700 كلم من الألياف البصرية في مختلف أنحاء البلاد ضمن مشروع "وارسيب"، مما رفع إجمالي طول شبكة الألياف البصرية إلى أكثر من 4000 كلم، مع إمكانية مضاعفة هذا الرقم ليصل إلى 8000 كلم بحلول عام 2030.
- توسيع خدمات النطاق العريض للهاتف المحمول من الجيل الرابع ( 4G) في جميع أنحاء البلاد.
- إقرار أجندة رقمية طموحة للتحول الرقمي للفترة 2022-2025، التي تهدف إلى تسريع التحول في مختلف القطاعات.
- إنشاء مجلس أعلى للرقمنة (HCN)
- إنشاء مركز بيانات من المستوى الثالث.
- تحسين وتحديث شبكة الإنترنت الداخلية الإدارية عالية السرعة باستخدام الألياف البصرية.
- إطلاق تنفيذ 110 خدمة عمومية ضمن الحكامة الإلكترونية.
- إنشاء معهد المهن الرقمية ومدرسة لبوليتيكنيك.
- توفير خدمات الجيل الرابع (4G)في المناطق الحدودية الجنوبية، مع تقوية الشبكة الموجودة على طول 1600 كلم، حيث سيستفيد من هذا المشروع أكثر من 360 قرية وتجمعًا سكانيًا حدوديًا، ما يعادل حوالي 4% من إجمالي السكان.
- تعزيز حوكمة قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية، وخاصة في مجال وضع الإطار القانوني والتنظيمي لضمان التوازن والكفاءة في هذا القطاع الحيوي.
- اعتماد استراتيجية لعصرنة الإدارة.
- إعداد استيراتيجية للذكاء الاصطناعي.
- تعريب مـركـز ادارة اسمــاء نطاقــات الإنتـرنت لمــوريتانيا.
- إنشاء شبكة أساسية في جامعة نواكشوط من خلال استغلال البنية التحتية الحالية لشبكة الألياف البصرية الوطنية، بهدف تطوير شبكة منطقية تربط المؤسسات التعليمية والبحثية في مختلف أنحاء البلاد.
3. الآثار الإيجابية: كان لكل هذا التحول الرقمي الملموس آثارا أيجابية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- انخفاض تكاليف الوصول إلى الإنترنت حيث أسهمت التحسينات في البنية التحتية الرقمية في تقليص تكاليف الخدمات الإلكترونية، مما جعل الوصول إلى الإنترنت أكثر سهولة ويسرًا للمواطنين.
- زيادة سرعات الإنترنت من خلال اعتماد تقنية الجيل الرابع (4G) للاتصالات، تم تحسين سرعة الإنترنت بشكل كبير، مع التطلع إلى إطلاق الجيل الخامس (5G) قريبًا لتلبية احتياجات البيانات المتزايدة.
- تحسين التغطية الرقمية، حيث تم تعزيز التغطية الرقمية في مختلف أنحاء البلاد، بفضل تمكين المشغلين المعتمدين من تطوير خدمات الإنترنت عالي السرعة الثابتة (FTTx) والمتنقلة ، وتوسيع نطاق شبكات الوصول لتشمل المدن والمناطق النائية (LTE-4G).
- رقمنة العديد من الخدمات العمومية، حيث شهدت البلاد رقمنة العديد من الخدمات الحكومية، مما ساهم في تسريع الإجراءات الإدارية وتحسين الوصول إلى الخدمات للمواطنين، فضلاً عن تعزيز الكفاءة والشفافية في القطاع العام.
- اعتماد استراتيجية وطنية للشمول المالي 2023-2028 من طرف البنك المركزي الموريتاني بهدف تعزيز الشمول المالي من خلال تطوير وتنظيم قطاع الدفع الإلكتروني والخدمات المالية الرقمية، مما يسهم في دمج أكبر عدد ممكن من المواطنين في النظام المالي الرسمي. وختم بالتأكيد على أن "هذه الإنجازات خطوة هامة نحو بناء اقتصاد رقمي مستدام يعزز من النمو الاقتصادي ويوفر خدمات أفضل للمواطنين".
وسبق للسيد أعمر ولد إسلم أن مثل موريتانيا في المؤتمر الدولي العربي الثاني للذكاء الاصطناعي في التعليم، الذي نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس خلال الفترة من 29 إلى 30 أكتوبر الماضي.
وقد قدم خلال المؤتمر تجربة موريتانيا في هذا المجال، موضحًا أن وزارة التحول الرقمي وعصرنة الإدارة أعدت استراتيجية للفترة 2025-2029 لدمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الرئيسية للتنمية، مثل الصحة، والتعليم، والزراعة، والصيد، والنقل، والطاقة، والدفاع.
وقد أشاد الحضور بهذه الاستراتيجية الطموحة، مثمنين رؤيتها المستقبلية وأثرها المتوقع على تطوير القطاعات الحيوية في موريتانيا. وأكدوا أن هذا التوجه سيعزز من قدرة البلاد على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية ورفع كفاءة الخدمات العامة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويدعم تنافسية موريتانيا على المستويين الإقليمي والدولي.