لـقـد هـزلـت حـتــَّـى بدا من هـزالـهـا - كـلاها وحـتــَّـى سـامـهـا كـلُّ مـفـلـس!
ذات مرة اتصل بي سياسي ورجل اعمال وأخبرني بأنه يريد مساعدتي في أمر مهم جدا، فأكدت له استعدادي واتفقنا علي موعد ومكان لقاء بيننا وكان الساعة 11 صباحا وأمام مباني الجمعية الوطنية.وقد وصلت أنا المكان قبل الوقت بخمس دقائق، وهي عادتي دائما في المواعيد، ووصل هو متأخرا بنصف ساعة مع أنه ظل علي اتصل معي عبر الهاتف ويؤكد لي أنه في الطريق وأن زحمتها هي التي تسبب تأخره.وعندما وصل استدعاني للصعود الي سيارته وبعد السلام قال لي:"ما موني، أنت تعلم انني رجل سياسي وتعلم أن (....) هو منافسي السياسي في منطقتنا وقد عينه ولد عبد العزيز هذا الأسبوع ولذا استدعيتك لتكتب لي عنه كل يوم أو علي الاقل ثلاث مرات في الأسبوع خبرا سيئا مقابل راتب شهري قدره 100 ألف أوقية ادفعها لك مقدما" وفتح صندوق سيارته واخرج منه رزمة كبيرة من الأوقية (لم أحدد المبلغ لأنني لم ألمسه بيدي) وقال لي هذه مساعدة وليست من الراتب.وأضاف: "مادة الموضوع سؤفرها لك أنا، علي أن تصيغها أنت بأسلوبك المهني، الذي يشهد لك به الجميع وهو ما جعلني اختارك من بين جميع الصحفيين". فاجأني الموضوع وأغضبني في داخلي، لاكنني ضبط أعصابي وقلت له بالحرف: "عند ماتصلت بي وقلت لي أنك تريدني أن أساعدك في أمر مهم قررت أن أبذل كل ما في وسعي لذلك لعدة اعتبارات، منها أنك لآول مرة تطلب مني حاجة "وامبكر الطلب ما تسكر" ومنها أن عوامل البعد (الجغرافي والأسري ونمط الحياة) بيننا تدفعني إلي أن لا أخيب رجاءك بل تدفعني للإعجاب بك وتقدير ثقتك بي وما زلت علي نفس الاستعداد لاكن في أي حاجة ليست هذه ولا من أخواتها وأنصحك بأن تقلع عن مثل هذا التفكير في محاربة الاعداء السياسيين".بدالي من قسمات وجهه، أنه لم يكن يتوقع ردي عليه، وربما يكون أغضبه، لاكنه ضبط أعصابه ورد علي بقوله: "ماموني ما كنت أنتظر منك هذا الجواب وأن تخيب ظني فيك وعليك أن تعلم أن تعاونك معي سيجلب لك الكثير من المنافع، فأنا رجل، الحمد لله ميسور الحال، ومستعد لأمول لك مؤسسة إعلامية تعوضك عن كل ما خسرت في الوكالة بعد فصلك من العمل فيها وعليك أن تفكر في الموضوع، ربما يكون فاجأك".قلت له: "أسمع هذا جواب نهائي، يبدو أن لديك عني صورة خاطئة" وفتحت باب سيارته ونزلت وتركت البلغ علي جانب المقعد حيث وضعه.تذكرت هذه القصة بعد متابعتي لبعض الكواليس الصحفية هذه الايام في الحوض الشرقي.