
قضى العبد الفقير ثماني سنوات أمينا عاما لوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، ونظرا لأن الشهادة التي يحملها هي في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، كنت أود أن اضع بصمة في العمل الاجتماعي بالقطاع العتيد...
كان التقليد السنوي لعيد المرأة 8 مارس يقوم على استقدام ممثلات للنساء في معرض سنوي بنواكشوط أو جهوي لمجموعة من الولايات، وكنت أتساءل لماذا لا ننتقل الى المستهدفات وخصوصا النساء الأفقر والأقل حظا؟
وبطبيعة الحال في القطاعات العمومية لوبيات من حراس المعبد يقاومون كل فكرة جديدة...صادفت فكرة قوافل التضامن مع المرأة في الريف هوى في نفس الوزيرة السابقة الدكتورة فاطمة حبيب، النائب في البرلمان حاليا..
وانطلقت القوافل 8 مارس 2016 مستهدفة 21 بلدية ريفية في مثلث الفقر بمقاطعات مال، وامبود، وولد ينج، من سقيفة تظللها سنابل الحصاد؛ فريقا من الشؤون الاجتماعية يتوزع على قياس مستوى تغذية الأطفال، وتوزيع جوائز على البنات المتفوقات في البلدية، وفريقا من صناديق الادخار يقدم قروضا دون فوائد للتعاونيات النسوية، وفريقا طبيا يضم أخصائيين بأمراض النساء والأطفال مزودا بأدوية تصرف مجانا وينظم يوما مفتوحا للاستشارات الطبية، وفريقا من مفوضية الأمن الغذائي لتقديم سلات غذائية للأسر الأفقر، ومعدات لصالح المعوقين...وفي المساء تقام سهرات تحسيسية حول حقوق المرأة والطفل يحضرها الأطباء والائمة...
الفكرة أن ننتقل لتقديم مجموعة خدمات متنوعة للنساء الأقل حظا في أماكنهن...كان التنسيق بين القطاعات، وتحديد المستهدفين والتحضير للقوافل عملا متعبا..
في العام الموالي أعجبت الوزيرة ميمونة بنت التقي بالفكرة، وتم اطلاق الثامن مارس 2017 من انبيكت الاحواش لتشمل القوافل 19 بلدية على الحدود مع مالي؛ من هامد وتناهى بلعصابة الى المكفة خلف باسكنو، ثم 2018 شملت القوافل 14بلدية في الضفة، ثم 2019 جربنا نفس الخدمات في الأحياء الأفقر بنواكشوط، ثم 2020 استهدفت القوافل 14بلدية ريفية بين ولايتي تكانت وادرار..أكثر من 68 بلدية ريفية.. كان معظم عمال القطاع يشاركون في القوافل، وشكلت تجربة ثرية للتعرف على مشاكل النساء والفتيات بالريف.. وكتب عمد من المعارضة يومها بخط يمينهم يشيدون بهذا الأسلوب الميداني في العمل الاجتماعي...
كانت تلك أعيادا حقيقية للمرأة في الريف لا تنسى، وأحمد الله أنني طيلة مسيرتي المهنية تغمرني سعادة لا توصف بايصال الخدمة الى المهمشين ممن يصعب الوصول إليهم....
لاشك أن قطاع العمل الاجتماعي عرف نقلة نوعية بعدي لصالح المهمشين في السنوات الأخيرة، وخصوصا مع انشاء صندوق النفقة، والتوسع في مجالات الطفولة الصغرى، واعتماد تحويلات شهرية للمرضى المزمنين، ولكن قوافل التضامن مع المرأة الريفية ظلت تجربة لا تنسى...
كل عام والمرأة الموريتانية في المقدمة...