تأخر العرب كثيرا في أخذ زمام المبادرة، لإنقاذ أنفسهم من زحف إيراني يهدد وجود العرب برمته لا في اليمن وحسب، بل وفي عموم الجزيرة العربية.
باتت إيران أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تعلن حربا إيرانية أخرى ضد العرب في اليمن، أو تكفّ يدها عن ما يجري، وتفتح سبل الحوار من أجل جوار آمن ، وإن كانت كل المؤشرات توحي بأن حربا إيرانية ـ عربية في الأفق لا محالة. المسؤول عن الحروب الطائفية في اليمن والعراق وسوريا هو إيران، أولا وأخيرا، وهي وحدها من يستطيع إخراج المنطقة من "عسكرة الطوائف"، إلى "تعايش المذاهب"، إذا تراجعت عن سياسة الهجوم على العرب السنة، وقبلت الدخول في حوار جدي معهم.
لم تعد إيران تخفي دورها في الحرب داخل العراق، بل حولتها وبسرعة إلى حرب طائفية ضد "العرب السنة" ، وتسعى بكل السبل إلى تصفية وجودهم في المحافظات الغربية، وتحويلهم على بيادق في الحرب ضد "تنظيم الدولة"، أو مجرد حائط أمام النيران المتقدمة في الجبهة الأمامية، وإلا فهم متآمرون مع "الإرهاب"، ومصيرهم القتل في جبهة القتال أو التصفية العرقية في الداخل! الجنرال سليماني يشرف بنفسه على العمليات العسكرية في الحزام الشمالي لبغداد، وإيران شكلت وبسرعة، مليشيات شيعية مسلحة وجرى دمجها تحت عنوان "الحشد الشعبي" وهو في الحقيقة، مجرد لفيف أجنبي من الحرس الثوري وشباب المليشيات التابعة للسيستاني وأزلامه التي تقوم بممارسات مقززة تهتك خلالها الحرمات وتستبيح الدماء وتنهب الأموال وتعبث بكل مقدس، تحت سمع وبصر حكومة بغداد وربما بالتواطئ معها.
آخر صيحات الموضة الاستفزازية الإيرانية، بيانات وكالة الأنباء الإيرانية الأخيرة، والتي انتشرت في العراق، تدعو العراقيين إلى "ترك العروبة الزائفة" والالتحاق بركب الثورة الإيرانية ودولة إيران القومية ومشروعها".. وهو جزء يسير من مسلسل اختراق العراق وتقسيمه وابتلاعه إيرانيا والقضاء على هويته القومية وروحه السنية وحضارته الشرقية. عندما هدد الحوثيون، قبل سنتين، حدود السعودية، حدثت اشتباكات بينهم وحرس الحدود، أدت إلى تراجعهم، ما كشف أنهم كانوا بصدد "جس نبض" النظام السعودي وقتها.
عملية "عاصفة الحزم"، التي تجري اليوم، مهما كانت حساباتها السياسية الإقليمية والدولية، ضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اليمن، قبل أن يتعرض العرب للتصفية أو الإبادة هناك، وربما مستقبلا في كافة أرجاء الجزيرة العربية، لأن مشروع إيران القومي و "الديني"، هو إسقاط الدولة السعودية والهيمنة على الحرمين والمدينة المنورة، وفرض المذهب الشيعي "الإيراني"، وتطبيق رؤيتهم لمآلات "الفتن والملاحم" كما يتصورونها! على الإيرانيين أن يفهموا اليوم، وربما لأول مرة، أنهم يواجهون قرارا عربيا حازما، يسحب أنيابهم في اليمن، وربما في العراق أيضا، من يدري. ومزيدا من الحزم! ولله الأمر من قبل ومن بعد