
أشاد الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم؛ الشيخ المحفوظ بن بيه، بالبشرى التي تضمنها مقال لنائب رئيس الوزراء؛ وزير خارجية دولة المتحدة، الشيخ عبد الله بن زايد نهيان؛ مبرزا أن الأفكار التي قدمها بن زايد في مقاله، شكلت "لحظة تنوير عـامّ تُـضيء الـدرب نـحو أفـقٍ أعـلى تـتشوّف إلـيه الـهمم وتـتطلّع إلـيه الـنفوس".
وأكد الشيخ بن بيه، في مقال تحليلي معمق، نشرته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية"، أن ما قدمه رئيس الدبلوماسية الإماراتي، هو "أمـلٌ مـسؤولٌ تـصنعه الإرادة ويـترجـمه الـعمل"؛ لافتا إلى أن "المـوازنـة الدقـيقة الـتي لم تَــفْتَأ الإمارات، عـبر دبلوماسـيتها المظفَّرة، دبلوماسـيةِ الحياة والأخوّة الإنسانية، تُجسّـدُهـا بإعادة مـحوَرة المـنظومة الإنـسانـية، ولاسـيما فـي بُـعدهـا الـسياسـي، حـول قـطبين مـتصلين: الـعقل والـقيم".
كتب الشيخ المحفوظ بن بيه:
عـندمـا يـعمد رجـلُ الدولة إلى يـراعِه لـيُفضي إلى الناس برؤاه، مـنتزعاً لحظاتٍ ثـمينةً مـن سـيلِ مـسؤولـياتـه المـتدفّـق، فـإنـه لا يـغادر مـقامـه الـتنفيذي، بـل يـوسـع مـجالـه بـالـبيان.
إنـها لحـظة تـنويـر عـامّ تُـضيء الـدرب نـحو أفـقٍ أعـلى تـتشوّف إلـيه الـهمم وتـتطلّع إلـيه الـنفوس. وقـديـماً أشـار المـاوردي فـي «أدب الـدنـيا والـديـن» إلـى أن مـن وظـائـف الـدولـة بـثَّ الأمـل الفسيح.
تلك هي البشـرى الـتي حملها إلـى مـحبّي السلام والـعامـلين في حـقله، مـقالُ ســيدي سـمو الـشيخ عـبد الله بـن زايـد آل نـهيان، نـائـب رئـيس الـوزراء، وزيـر الـخارجـية، حـفظه الله: أمـلٌ مـسؤولٌ تـصنعه الإرادة ويـترجـمه الـعمل. فـالأمـل لـيس شـعوراً زائـفاً بالأمان؛ فـتلك أمـانٍ خـادعـة. ولـيس رجاءً مؤجـلاً أبـداً؛ فـذلـك وَهـمٌ مـخاتـل. الأمـل الـحق وعـدٌ قـابـلٌ لــلتحقّق عــبر رهــانــاتٍ إنــسانــيةٍ صــعبةٍ لــكنها مــمكنة. ومــا دعــا إلــيه ســموّه رفــضٌ لــحتمية ليأس، وتذكيرٌ بواجبٍ أخلاقيٍّ وقانونيٍّ لا يسقط بالتقادم ولا تبرّر تعطيلَه العوائق.
هـنا تتجـلّى المـوازنـة الدقـيقة الـتي لم تَــفْتَأ الإمارات، عـبر دبلوماسـيتها المظفَّرة، دبلوماسـيةِ الحياة والأخوّة الإنسانية، تُجسّـدُهـا بإعادة مـحوَرة المـنظومة الإنـسانـية، ولاسـيما فـي بُـعدهـا الـسياسـي، حـول قـطبين مـتصلين: الـعقل والـقيم.
عـقل ٌ يحرّر الـفعل مـن سـطوة الـوعي الأيديولوجي الـزائف، ويـنقله من منطق الـشعارات الجوفاء إلى روح الوجدان الإنساني الـصادق، ومن الـتعاطـف الانـفعالـي إلـى الالـتزام الـعملي. وقـيمٌ تُـسنِد الــقرار إلى مـعيار الكرامة الإنسانية وحرمة الـحياة وســيادة القانون، واليد الممدودة بالخير للعالمين.فـي هـذا الأفـق يـسمو الاعـترافُ المـنشود عـن أن يـكون أداةً تـفاوضـية ومـراوغـةً تـكتيكية، لـيرتـقي إلـى مرتـبة الواجب الأخلاقي؛ لا لـيُحاصـر فـي قـناعـاتٍ نـظريـةٍ مـفارِقـة، بـل لـيُبثَّ فـيه روحُ المـسؤولـية فـيغدو الـتزامـاً قـابـلاً لـلترجـمة فـي الـسياسـات والـتحالـفات وتـخصيص الموارد.
وبهــذه المــوازنــة الـدقـيقة، وسّـع سـموّ الـشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، حـفظه الله، أفــقَ الحلول لمعادلـةٍ قـديـمةٍ متجـــدّدة: ســـلامٌ يـــحقّق ُ العدالـة، وعـدالـةٌ تــصونُ السـلام؛ لا عـبر ثـنائـياتٍ حـــادّة، بـل بتخـطّيها وتـلمسِ تـوافـقاتٍ عـمليةٍ تتخـذ مـن السـلام بـساطـاً لـلعدل، ومـن الـعدل ضـمانـةً للسـلام. فـالســلامُ غـايـةٌ ومـنهج، والعدلُ شـرطٌ وأسـاس؛ لـذلـــك لا ديـمومـةَ لســلامٍ ولا اسـتقرارَ لـه مـن دون عـدالـة. وإذا كـان السـلامُ، فـي جـوهـره، تـعارفـاً، فـإنّ مـبدأه الاعـتراف ُ بالآخر: الاعترافُ بوجودِه وبحقوقِه.
عملياً، يقترح هذا الأفق مساراتٍ ثلاثة متكاملة، في مواجهة التحديات الراهنة: مـسارٌ دبـلوماسـي مـن خلال البناء عـلى موجة الاعـتراف بـالـدولـة الفلسـطينية وتـثبيتها في الــقانـون الـدولي، وصـوغُ أطــرٍ تــنفيذيــةٍ واقــعية عــبر شـراكـات عـربـيةٍ ودولـيةٍ قـادرةٍ عـلى الحماية والتمكين.
مـسارٌ إنـساني يــفتح الممرّات الآمـنة، ويــثبّت الهدنة، ويطلق بـرامـجَ للتعافـي والإعـمار لــتعود شــروطُ الـحياة الـكريـمة. وعـلى الأرض يُـوزن الـكلامُ بــالأثـر؛ وهــنا تشهــد الأرقـامُ بريـادةٍ إماراتيةٍ نـبيلة، بلا مــنٍّ ولا أذى: جـسورٌ جوّيةٌ وبحريةٌ مـــتّصلةٌ لا تـــنقطع، مسـتشفياتٌ وفـرقٌ طـبيةٌ تـعمل عـلى مـدار الـساعـة، وشـرايـينُ مـمتدةٌ بـالـحياة مـن خـلال أكبر مشروعٍ للإمداد بالمياه.
مــسارٌ فـكري يـروم تـرمـيمَ الــثقة، ومـواجهةَ خـطابـات الـكراهـية، وتوسـيعَ جـسورِ الـحوار الـحضاري. وفـي هـذا الأفــق، يجـد مـحبّو السلام وصنّاعـه ســنداً عـملياً في شبكةٍ من المبادرات الإماراتـية الراسـخة، وفـي طـليعتها مـنتدى أبـوظبي للسـلم، لـتغذيــة المجال العام بثقافة التعارف وبناءِ شراكات ٍ تُترجم القيم إلى ممارسة.
مــرّة أخــرى تــتعلّم الإنـسانــية مـن إرث زايـد، طــيّبَ اللهُ ثـراه، ومـن رؤيـةِ أبـنائه الكرام، حـفظهم الله، أن السلام مـسعىً دائـمٌ لا يــمله الـصادقـون، وأن عـدالة الموقــف تـعيد لـلمعنى وقـاره ولـلسياسـة مقاصدهـا. وإذا كـان الأمـل وعـداً قـابـلاً لـلتحقّق، فـإن تـحويـله إلـى بـرنـامـج عـمل هـو الاخـتبار الـحاسـم: أن نُـحسن المـوازنـة بـين الـعقل والـقيم، وأن نجعل الاعتراف سبيلاً إلى التعارف. هكذا فقط يمكن أن يولد سلامٌ مُثْمِر ومُستَمِر.
*أمين عام منتدى أبوظبي للسلم.