عملية عاصفة الحزم عنوان مرحلة جديدة من تاريخ المنطقة المعاصر بإعتبارها أول حلف عربي يخوض حربا على دولة عربية أخرى دون مشاركة غربية كانت حجر الزاوية في كل حروب المنطقة منذ عاصفة الصحراء و حتى فجر الاوديسا.
عاصفة الحزم ستكون أكثر حزما حين تقصف طائراتها العائدة من حطام اليمن حزام الموت الاسرائيلي الذي يطوق قطاع غزة المحاصر، ستقطع يد إيران في المنطقة حين تستبدل صواريخ المقاومة المصنوعة في طهران بأخرى من انتاج عربي، ستُنهي التبعية الاقتصادية العربية للمال الأجنبي و المعونة الامريكية حين تستثمر فائض النفط المكدس في البنوك الغربية في مشاريع تنموية تخلق وظائف للشباب العربي الذي يجد في حركات التطرف بشقيها السني و الشيعي متنفسا من جحيم البطالة و انسداد الأفق.
ان الإكتفاء بعلاج احد اعراض الداء العربي العضال عبر قصف دولة شقيقة بحجة فرملة النفوذ الايراني يضع العالم العربي في عين عاصفة قد تقضي على ما بقي فيه من استقلال شكلي و تجر آخر الجيوش العربية الناجية من عبث الفوضى الخلاقة الى مستنقع سيستنزف قوتها في حرب اشقاء طويلة الامد لا غالب فيها و لا مغلوب على الطريقة التي انهكت الجيش العربي السوري في السنوات الاربع الماضية.
تهدف عاصفة الحزم حسب المشرفين عليها لتحقيق هدفين: حماية الامن القومي العربي عبر اجتثاث التواجد الاجنبي و النفوذ الاقليمي من المنطقة و ارجاع الشرعية التي تم الانقلاب عليها في اليمن.
الامن القومي العربي في خطر لا جدال في ذلك لكن الامر ليس وليد اليوم بل هو نتاج التفريط المتعمد في مراكز القوة العربية و التآمر عليها في بغداد يوم سقوطها و ليبيا حين قاتل "مجاهدوها" تحت أجنحة الناتو لتحويلها الى دولة فاشلة و في دمشق التي باشر من يحرص اليوم على امن العرب تمويل و تسليح الحرب فيها بدل محاولة انقاذها.
ليس اليمن بدعا من الوجود الاجنبي و النفوذ الاقليمي الذي يعد التبرير الاهم للحرب فالقواعد الامريكية تنتشر في كل شبر من المنطقة و النفوذ التركي و الاسرائيلي باد للعيان في شمال العراق و سوريا، طنب الصغرى و الكبرى و أبو موسى تخضع لإحتلال ايراني مباشر، سبة و مليلية تحت الوصاية الاسبانية، الحرس الثوري اللاعب الابرز في الساحة العراقية و فلسطين مغتصبة من النهر الى البحر فلماذا تقتصر العاصفة على اليمن و يغيب الحزم عن التعامل مع باقي ملفات التواجد الاجنبي و النفوذ الاقليمي؟؟
الشرعية الغائبة في اليمن مغيبة في دول عربية عديدة و الانقلاب ماركة عربية مسجلة تُرسٓل اليه الاموال في مصر و تلُقى عليه القنابل في اليمن أليس الكل إنقلابا و الشرعية واحدة!!
بعيدا عن ربيع العرب و عواصفهم و من أولى القبلتين حيث عاصمتها الابدية في القدس تُحصِّن اسرائيل نفسها بخط برليف جديد صُنع من غباء العرب و سوء تقديرهم لتصبح المستفيد الاكبر من حروب داعش و الغبراء التي هي عنوان جاهليتنا المعاصرة.
أزالت إسرائيل الخطر العربي عنها و تحولت من كيان يسعى للاعتراف به الى دولة مأثرة في الاقليم و من مثال للظلم و العدوان الى واعظ يعطي الدروس في الديمقراطية و العيش المشترك و يحرص على العرب السنة من شر شيعي قد إقترب!!!