
تُعدّ محاربة الفساد من أبرز التحديات التي تواجه الدول الساعية إلى ترسيخ دولة القانون وتحقيق التنمية الشاملة. فالفساد يقوّض الثقة في المؤسسات العامة ويهدر الموارد ويضعف الأداء الإداري. وفي السياق الموريتاني، برز موقف الوزير الأول المختار ولد أجاي كأحد المواقف الجادة التي عبّرت عن إرادة سياسية واضحة في مواجهة هذه الظاهرة، من خلال دعوته للنقابات والمنظمات الاجتماعية للمساهمة الفعالة في بناء جبهة وطنية ضد الفساد.
أولًا: الخلفية العامة لموقف الوزير الأول
جاء تصريح الوزير الأول خلال اجتماع عقده مع رؤساء المركزيات النقابية في موريتانيا، حيث دعاهم إلى تحمل مسؤوليتهم التاريخية في مساندة الحكومة في محاربة الفساد بجدية وشفافية. وقد أوضح أن مواجهة هذه الآفة ليست شأنًا حكوميًا صرفًا، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية.
ثانيًا: دلالات الموقف وأبعاده السياسية والإدارية
إن دعوة الوزير الأول للنقابات للمشاركة في محاربة الفساد تعبّر عن رؤية تشاركية جديدة في إدارة الشأن العام، قوامها إشراك الفاعلين الاجتماعيين في مراقبة الأداء العمومي. كما تؤكد هذه الدعوة على قناعة الحكومة بأن محاربة الفساد لا تتحقق فقط عبر القوانين والعقوبات، وإنما عبر نشر ثقافة النزاهة والمساءلة داخل المجتمع والإدارة.ويمثل هذا التوجه خطوة متقدمة نحو ترسيخ الشفافية في التسيير العمومي، وإشراك النقابات في تقييم السياسات العمومية، بما يعزز الثقة بين الدولة والمجتمع، ويدعم جهود الإصلاح الإداري التي تنتهجها الحكومة.
ثالثًا: الأثر المتوقع لهذا الموقف
إن إشراك النقابات في مكافحة الفساد من شأنه أن يوسّع دائرة الرقابة الشعبية على المؤسسات العمومية، ويمنح السياسات الحكومية طابعًا أكثر مصداقية ومتابعة. كما أن خطاب الوزير الأول يعكس وعياً متقدماً بخطورة الفساد على التنمية والاستقرار، ويؤكد أن المرحلة تتطلب عملاً جماعيًا يقطع مع الممارسات القديمة التي ساهمت في صعف الأداء الإداري و الاقتصادي
إن موقف الوزير الأول المختار ولد أجاي من محاربة الفساد يُعدّ نموذجًا للقيادة الإدارية الواعية التي تدرك أن التنمية لا يمكن أن تتحقق في ظل غياب الشفافية والمساءلة. وتبقى دعوته لتشكيل جبهة وطنية نقابية لمناقشة ومكافحة الفساد خطوة عملية نحو بناء دولة مؤسسات يسودها العدل والنزاهة. (وما شهدنا إلا بما علمنا.)
محمد عبد الله ولد بين
.jpg)

