ولد حرمة الله يكتب … الوطن فوق الجميع 

خميس, 2025-12-04 12:03
عبدالله حرمة الله 

"إن الدور الذى قام به شعب موريتانيا سوف يبقى دائما علامة بارزة فى أوضاع القارة الإفريقية وفى نضالها؛ ذلك أن شعب موريتانيا استطاع أن يكون جسرا ماديا وحضاريا يربط بين الشمال الإفريقى وما بين قلب القارة الإفريقية؛ عبر الصحراء الكبرى التى تصورها الاستعمار عازلا، فإذا هى تتحول إلى رباط يصل ولا يفصل."

الزعيم جمال عبد الناصر مخاطبا أبو الأمة المختار ولد داداه، في أول زيارة للقاهرة، في السابع والعشرين من شهر مارس 1967.

إن امتلاك أمة الشجاعة لاستعادة السيادة والاستقلال ومطلق الحرية في تقرير المصير، في زمن طغت فيه الإخفاقات والشكوك والمخاوف؛ يعتبر حدثا وجوديا، يسمو على سطحية الطرح و حماقة الأهواء وارتهان الثقة بالمستقبل، بالإساءة لتضحيات ارتوت الأرض بدمائها الطاهرة، من أجل أن يكون لنا وطن نأوي إليه ونفتخر بالانتماء له ولتاريخه وأمجاده.

تمتلك جيوشنا وقوات أمننا شرعية بطولات المقاومة و التصدي لمحاولات النيل من الحوزة الترابية و الدفاع عن الوطن و إعماره، فضلا عن الأدوار السياسية بإطلاق التعددية وترسيخ الديمقراطية وتشييد منظومة قانونية في مناخ سياسي مؤسسي، مع تطوير قوتها القتالية وتسخيرها لدعم دبلوماسية سلمية متوازنة كرست علاقات الصداقة والاحترام المتبادل مع الجار والصديق والشريك.

 يحتفظ التاريخ بمختلف رواياته لعرب الصحراء الكبرى، من بين زهو المرور، بأدوار مرجعية في إنقاذ الحضارة : فتح الأندلس وانتشال عجوز القارات من عقيدة الجهل و نهج الدموية؛ نشر الحرف والإيمان في القارة السمراء؛ دحر صولة النخاسة الأوروبية؛ انخراط الشعب والدولة في حركات التحرر بإفريقيا؛ استمر بذل العرب، بعد فرض "روايات" المستعمر الذي استعار للوجود العربي في الصحراء الكبرى خلال مؤتمر برلين، منذ قرن كامل وأربعين حولا " تراب البيظان " كمعطى قانوني وحقيقة أنتروبولوجية وحيز جغرافي يشمل منطقة تاريخية تمتد عبر جنوب المغرب والصحراء الغربية وموريتانيا وشمال غرب مالي وجنوب غرب الجزائر وشمال السنغال. أحكمت آليات الحدود الموروثة عن الاستعمار بعثرة السيادة بين دول المنطقة؛ ومكث تراث العلياء لصيقا بذكر عرب الصحراء الكبرى، بعد رقصة الخرائط والقواميس.

في ظل غياب ما يؤسس أو يشير ولو ببنان معكوف إلى مايدنس تراث المعالي والسؤدد، لجأت حفنة من العنصريين المولعين بسقط ازدواجية الانتماء، إلى محاولة الخدش من ذاكرة أظلت المنطقة بالإيمان والخير والعافية، دون منة. 

منتصف ثمانينيات القرن العشرين، حاولت " افلام"، متأخرة عن التاريخ وخارج الجغرافيا، ربط الوجود العربي في أرض عرفت وصول الجمل بقرن كامل قبل ميلاد المسيح عليه السلام، بما لا يليق؛ مطلقة جهرا بالسوء " نظام البيظان "، محاولة شحنه بفظاعة غطرسة المستعمر وتحييد مسؤوليته عن العبث بأمجاد وأرواح أسلافهم، كشيطنة لهم ولوطنهم، أمام حياد المتواطئ المهيمن على نخب المجموعة التي أطلقت أبشع خردة عنصرية في تاريخ المنطقة. 

فشلت " افلام " وجحافلها الصهيونية العنصرية، في ربط الجمهورية الإسلامية الموريتانية ببذيء تشهيرها، لتمكث صورتها كوريث شرعي لسنام الحضارة ورباط للتنوع والثراء، الغائب، إهانة : غربا وشمالا، جنوبا وشرقا. في سياق، لا مرجعية له قبل أو بعد اللحظة، رمت " افلام"، بشواء كبدها في هيكل " إيرا"، علها تواصل التشهير والإساءة إلى الأمة الموريتانية والتشويش على انهماكها في بسط المساواة و إرساء العدالة، بين مكوناتها المسلحة بروح الانتماء و الذود البطولي عن أواصر المحبة والولاء للجمهورية الإسلامية الموريتانية.

تعتبر جميع أشكال الاعتداء على استقلال الدولة بفعل أو تعبير ينال من شرفها، جرائم ضد الأمة، بحجم الاعتداء المسلح والمؤامرات والتمرد والنيل من المصالح الوطنية الحيوية، بما فيها استقلالها وسلامة أراضيها وأمنها وحماية شعبها ومؤسساتها ودفاعها ودبلوماسيتها ومواردها وتراثها؛ تكيف التشريعات الاتهامات الباطلة بعنصرية الدولة، كجرائم تشهير واعتداء على سمعتها وصورة مؤسساتها، وتحريضا على الكراهية والعنف ضد مجموعة أو مؤسسات دولة وتقر مقابلها عقوبات رادعة ترقى لمستوى سحب الجنسية ورفع الحصانات والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية؛ للأشخاص والهيئات المسؤولة عنها، بعد تحريك الدعوى من طرف الدولة أو الأشخاص المستهدفين وممثليهم المتهمين زورا  بالعنصرية. 

لتطهير الخطاب و حماية المشهد من سرديات الكراهية والعنصرية، من المناسب إشراك القضاء والإعلام والثقافة في معركة تمييز الخبيث من الطيب وتحريك أقسى أساليب وآليات الردع، انتصارا لكرامة الإنسان ونبذا لبهيمية الحقد المجاني.