
أشرف وزير الصحة، السيد محمد محمود اعل محمود، اليوم الثلاثاء، على انطلاق فعاليات يوم المناصرة من أجل التأمين الصحي الشامل وتمويل الفئات الهشة، الذي ينظمه الصندوق الوطني للتضامن الصحي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبحضور ممثلي القطاعات الحكومية، والمنتخبين، والشركاء الفنيين والماليين، وممثلين عن القطاع الخاص.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد الوزير أن هذا اللقاء الوطني يندرج في إطار دعم التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تعميم التغطية الصحية وضمان الولوج العادل إلى الخدمات الصحية، مشيرا إلى أن المبادرة تقوم على تطوير نموذج تمويل مختلط، ينتقل بمنظومة التأمين الصحي من منطق الإعانات الظرفية إلى منطق الاستثمار الاجتماعي المستدام، عبر شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص.
I.jpeg)
وأوضح الوزير أن رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، جعل من الإنصاف والعدالة الاجتماعية ركيزة أساسية في برنامجه المجتمعي، وهو ما تمت ترجمته عمليا بإطلاق مشروع التأمين الصحي الشامل باعتباره مدخلا أساسيا لحماية الحق في الصحة، وتعزيز كرامة المواطن دون تمييز.
وفي هذا السياق، أبرز الوزير الدور المحوري للصندوق الوطني للتضامن الصحي، الذي اعتمد نموذج تأمين اختياري منخفض التكلفة تتحمل الدولة الجزء الأكبر من دعمه، وأصبح يغطي اليوم ولايتي اترارزه ولبراكنه وولايات انواكشوط الثلاث، وقريبا سيشمل ولايات لعصابه، كوركول، وداخلت نواذيبو، على أن يتوسع إلى 3 ولايات أخرى جديدة خلال العام 2026، تمهيدا لتعميم خدماته على عموم التراب الوطني في أفق 2027.
كما أشار إلى أن نسبة التغطية بالتأمين الصحي تضاعفت حوالي ثلاث مرات خلال السنوات الست الأخيرة، واستفادت منه فئات واسعة لم تكن مشمولة سابقا، من بينها الوالدان، الأرامل، الطلاب، ذوو الإعاقة، وعمال القطاع غير المصنف، إضافة إلى أكثر من 150 ألف أسرة متعففة، أي ما يعادل قرابة 900 ألف مواطن.
ودعا الوزير الفاعلين في القطاع الخاص، ولا سيما في مجالات الطاقة، والاستخراج، والاتصالات، والبنوك، إلى الاضطلاع بدور أكبر في دعم منظومة التأمين الصحي، بوصف ذلك استثمارا اجتماعيا وتنمويا يسهم في استقرار المجتمع وتعزيز إنتاجيته.
وفي ختام كلمته، ثمن الوزير الشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، مثنيا على الجهود التي يبذلها الصندوق الوطني للتضامن الصحي وكافة الشركاء الوطنيين والدوليين لإنجاح هذا النموذج الرائد في تمويل التأمين الصحي للفئات الهشة، متمنيا لأشغال هذا اليوم الخروج بتوصيات عملية والتزامات واضحة تسهم في تسريع وتيرة تعميم التأمين الصحي.

المديرة العامة للصندوق الوطني للتضامن الصحي “اكناس”، السيدة أمال الشيخ عبد الله، بدورها قالت إن التغطية الصحية الشاملة تعني أن يتمكن كل شخص من الحصول على العلاج الذي يحتاجه، في الوقت الذي يحتاجه فيه، وفي المكان الذي يحتاج فيه، دون عوائق مالية، موضحة أن ذلك يتطلب توفير الولوج إلى الخدمات وجودتها، وتكاثفًا في الجهود، في جميع أنحاء الوطن.
وأكدت أنه وانسجامًا مع برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وكذلك مع الالتزامات الدولية لبلادنا في مجال التنمية المستدامة وحق الإنسان في الصحة، تم إنشاء الصندوق الوطني للتضامن الصحي كآلية أساسية لتحقيق هذه الرؤية، مبيّنة أن مهمته تتمثل في تغطية جميع المواطنين الذين لا يتوفرون على تأمين عند مزاولي الخدمات، والمساهمة في تقديم الخدمات الصحية.
وبيّنت أن دعم وتمويل المؤسسات الصحية بشكل مستدام يمثل ركيزة أساسية، مشيرة إلى أن التغطية الصحية الشاملة هي مشروع وطني يشارك فيه الجميع: المؤسسات العمومية، والقطاع الخاص، والشركاء الفنيون والماليون، والجماعات المحلية، باعتبارها مسؤولية مشتركة.
وشكرت صندوق الأمم المتحدة للسكان على إطلاقه ومواكبته لهذه المبادرة التمويلية المبتكرة، التي تفتح آفاقا حقيقية لتعبئة موارد مستدامة من القطاع الخاص في خدمة التغطية الصحية الشاملة.
وقالت إن آلية التمويل المختلط التي يندرج في إطارها هذا اللقاء، تدعم من جهة اشتراك الأسر الهشة، خصوصا في المناطق القريبة من مواقع النشاطات التعدينية والطاقوية، كما تسمح من جهة أخرى بدعم تحسين الخدمات الصحية، موضحة أن الهدف الأساسي هو ضمان استدامة هذا النموذج.
وأضافت أن التزام الشركات المساهمة في القطاع الصحي داخل القطاع الخاص يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الاستقرار الاجتماعي، لافتة إلى ان الصندوق الوطني للتضامن الصحي، يوفر أداة عملية شفافة وقابلة للتتبع، تمكن هذه الشركات من تحويل مسؤوليتها الاجتماعية إلى أثر ملموس على صحة السكان وجودة الخدمات الصحية في المناطق التي تنشط فيها.
وأشارت إلى أن هذا اللقاء يهدف إلى تبادل التجارب والخبرات، واستشراف مستقبل التمويل الصحي الوطني، موضحة أن نجاح التغطية الصحية الشاملة لا يعتمد فقط على موارد الدولة، بل يتطلب كذلك انخراط الشركاء الدوليين، والقطاع الخاص، والجماعات المحلية.
وأوضحت أن التجارب الدولية أثبتت أن تمويل الحماية الاجتماعية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال شراكة متعددة الأطراف، موضحةً أن هذا اللقاء يسعى إلى الوصول إلى نتائج عملية واضحة تُسهِم في تسهيل التمويل المستدام للمؤسسات الطبية، ودعم القطاع الصحي الوطني.
وأكدت استعداد الصندوق الوطني للتضامن الصحي للعمل على إنجاح هذه المبادرة من خلال شراكات فعالة مع الجميع، معربةً عن تقديرها لجميع المشاركين في هذا اللقاء من باحثين وخبراء، دعمًا لهذا الهدف النبيل

ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، السيدة أولكا سانكرا، من جهتها، قالت إن الوضع يتطلب تحقيق الهدف الثالث للتنمية المستدامة المتعلق بالصحة والرفاه للجميع، والانتقال من نماذج التمويل التقليدية إلى نموذج مستدام قائم على الواقع المحلي.
وأضافت أن الحل المطروح يتمحور حول مبادرة نموذج آلية التمويل المختلط لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية لمجتمعات الحرفيين التي تعيش حول الشركات التعدينية والطاقة، والتي تهدف إلى معالجة هذه الفجوات الصحية بشكل استراتيجي.
وبينت أن هذا النموذج يعتمد على إقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يقدم القطاع العام تمويلًا أوليًا تحفيزيًا، بينما يُدعى القطاع الخاص للمشاركة عبر استثمار استراتيجي يمول اشتراك الأسر الضعيفة في الصندوق الوطني للتأمين الصحي، مبرزة أن هذا الاستثمار يحقق منافع متبادلة للشركات، إذ يساهم في الاستقرار المجتمعي والتنمية المستدامة، كما بهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية والوصول إليها والقضاء على وفيات الأمهات التي يمكن تجنبها.
وحضر افتتاح التظاهرة، الأمينة العامة لوزارة الصحة، وعدد من أطر وزارة الصحة، والصندوق الوطني للتضامن الصحي، وعدد من ممثلي المنظمات والهيئات الدولية بموريتانيا.


