الإسلام والغرب

سبت, 2025-12-06 20:28

السفير د. عبدالله الاشعل

 

فى عام 1979 حصلت على منحه لدراسة دبلوم القانون الدولى العام من أكاديمية لاهاى للقانون الدولى فى مدينة لاهاى بهولندا وكانت الأكاديمية تبذل أقصى مساعيها لكى يحصل الدارسون على سكن رخيص فكانت توزع الطلبة على الأسر  التى أبلغت الأكاديمية ملاءمة ظروفها لاستضافتهم فاختاروا لى عجوزا فى منزل كبير هاجر أبناؤها إلى الخارج وكنت قد أبلغت الأكاديمية أننى وافد إلى هولندا بسيارتى فاختاروا لى سكنا بعيدا تفصل بين الحى الراقى والأكاديمية غابةكبيرة.

وتعاطفت العجوز معى فوفرت دراجة توفيرا للنفقات وكنا فى رمضان وعندما هممت بدخول الغابة  راجعا قرب المغرب انهمرت الأمطار والبرق والرعد وعطبت الدراجة فأودعتها قسم الشرطة القريب وقررت أن أعود إلى البيت عبر الغابة ماشيا على الأقدام واستغرقت الرحلة المخيفة عدة ساعات وكنت صائما وعقب يوم حافل بالدراسة ووصلت المنزل بعد منتصف الليل فوجدت صاحبة المنزل ساهرة  كام فى انتظارى بيدها باقة ورد وسارعت بالطعام، وقابلت فى هولندا مشاعر إنسانية راقية وكانت هذه العجوز تنظف غرفتى عندما علمت أننى مسلم ملتزم منضبط .

وفى مشهد إنسانى آخر كانت رئيسة قسم الجو والفضاء بجامعة اوتريخت وقد سجلت معها رسالة للدكتوراه فكانت فى كل عام تنتظرنى فى الأكاديمية وعندما حصلت بنجاح على الدبلوم أبلغت السيدتين ففرحتا وكأنى فعلا ابنا لهما وكانت رئيسة القسم تحرص على دعوتى للغداء وتقديمى لقضاة محكمة العدل الدولية.

ولما حاولت أن اقترح موضوعا آخر أكثر ملاءمة لوظيفتى وكانت مصر قد وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل فسجلت مع أستاذ المعاهدات الدولية وكان طالبا عندها موضوعا  حول المركز القانونى للشاهد على المعاهدات فى القانون الدولى ولكنى فوجئت بانه مختلف تماما فقد انهى الإشراف لمجرد أننى كتبت عن مركز الشاهد فى التقاليد الإسلامية وصححت أخطاء قاتلة فى المراجع الأوربية. 

هذه صور ثلاثة تمثل المجتمع الأوروبى وهى مفيدة جدا فى تصميم خطاب للتعامل مع أوروبا والغرب عبر التناقضات الذهنية والإعلامية.

فالغرب ليس واحدا وكذلك المسلمون ليسوا علي نفس الدرجة في فهم الدين.

فاذا افترضنا ان 10%منهم تقودهم المشاعر الانسانية فهذه النسبة لاتكفي للتعبير عن مجتمع كبير.

المشكلة ان صورة كل منهما عن الاخر يكتنفها رواسب الماضي والتعصب الديني.

 

كاتب مصري