
فخامة الرئيس،يشرفنا في الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية، أن نرفع إلى فخامتكم هذه المقترحات البالغة الأهمية، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، ونحن على قناعة تامة بأن تبنيكم لها سيجعل من تنفيذها أمرا سهلا، وفي حالة تنفيذها فإن ذلك سيشكل منعطفا تاريخيا لبلادنا، على مستوى الحضور الثقافي والدبلوماسي، عربيا وإسلاميا، بل ودوليا.
يأتي المقترح الأول في ظل وجود منظمات دولية فاعلة تُعنى بلغات عالمية متعددة، مثل المنظمة الدولية للفرانكفونية، التي تنتمي إليها بلادنا، والتي تنتسب إليها دول لا تُستخدم فيها اللغة الفرنسية إلا بنسب ضعيفة جدا.وفي المقابل، فإنه لا توجد حتى الآن منظمة دولية تُعنى باللغة العربية، رغم كونها لغة رسمية في الأمم المتحدة، ولسانا جامعا لمئات الملايين من البشر، ولغة دين وحضارة لعدد كبير من الدول الإسلامية غير العربية.وانطلاقا من هذا الفراغ المؤسسي الإقليمي والدولي، ومن موقع موريتانيا الثقافي والدبلوماسي، نتقدَّم إلى فخامتكم بطلب تبني مبادرة عربية - إسلامية تدعو إلى تأسيس منظمة دولية تُعنى باللغة العربية، تنتسب إليها الدول العربية كافة، والدول الإسلامية غير العربية التي تُستخدم فيها العربية لغة ثانية أو ثالثة، ويمكن أن تنتسب لها في مرحلة لاحقة دول أوروبية وآسيوية يشكل الناطقون بالعربية نسبة لا بأس بها من مواطنيها.وفي حال تعذّر العمل بهذا المقترح، فيمكن - كخيار بديل - توسيع نطاق عمل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لتتحول إلى منظمة دولية مفتوحة العضوية للدول الناطقة بالعربية كليا وجزئيا، لتتحول بذلك إلى منظمة دولية تُعنى باللغة العربية.
فخامة الرئيس،إن موريتانيا مؤهلة أكثر من غيرها لطرح هذه المبادرة، وذلك بحكم موقعها الجغرافي الرابط بين العالمين العربي والإفريقي،وبفضل سمعتها الطيبة في خدمة اللغة العربية والعلوم الشرعية، وبالنظر - كذلك - إلى مكانتها الدبلوماسية التي تتمتع بها في عهدكم المبارك.ويمكن لنا بصفتنا هيئات فاعلة في مجال التمكين للغة العربية، في حال تبنيكم لهذا المبادرة، أن ندعو إلى مؤتمر دولي نستضيف فيه الهيئات والمنظمات اللغوية والثقافية في العالمين العربي والإسلامي، ويمكن لهذا المؤتمر أن يخرج بتوصية تطالب بتأسيس هذه المنظمة الدولية، مع اقتراح نواكشوط مقرا دائما لها.
فخامة الرئيس،إن الظرف الإقليمي الراهن يُحَمِّل موريتانيا مسؤولية أكبر ، فيما يتعلق بتعزيز العلاقة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية، وخلق المزيد من التواصل بين هذه اللغات، وذلك من خلال استخدام الحرف العربي في الكتابة، خاصة وأن السودان الشقيق الذي كان يلعب دورا رياديا في هذا المجال، يمر حاليا بظروف صعبة أدت إلى تعطل مؤسسات علمية كانت تعزز من تلك العلاقة، كما هو الحال بالنسبة لجامعة إفريقيا العالمية التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، ومركز يوسف الخليفة لكتابة اللغات بالحرف العربي الذي تم إغلاقه.
في ظرفية كهذه، تبرز أهمية المقترح الثاني لبلادنا، وذلك بصفتها البديل الأنسب والمؤهل لتعزيز العلاقة بين اللغة العربية واللغات الإفريقية، وخلق المزيد من التعايش والتواصل بين هذه اللغات، وذلك نظرا لما تمتلكه بلادنا من إرث محظري فريد، وتجربة تاريخية أصيلة في نشر العلوم الشرعية واللغة العربية في بعض بلدان القارة الافريقية.
ويتعلق المقترح الثالث، وهو لا يقل أهمية عما سبقه، بإطلاق جامعة رقمية، تُعنى بتدريس العلوم الشرعية واللغة العربية عن بُعد، اعتمادا على الأسلوب والمحتوى المحظري الأصيل، وبوسائط تعليمية عصرية، تُفتح أمام عشرات الآلاف من الطلبة المسلمين في مختلف دول العالم.
لقد نشر أجدادنا العلم واللغة بأدوات وأساليب عصرهم، وقد آن الأوان لأن نواصل رسالة الآباء والأجداد، ولكن بأدوات عصرنا، وبذلك نضع موريتانيا في موقعها الريادي في مجال نشر اللغة العريية والعلوم الشرعية في الدول العربية والإسلامية.
فخامة الرئيس،إن تبنيكم لهذه المقترحات سيمكن بلادنا من تعزيز مكانتها الثقافية عرييا وإسلاميا، وبناء اقتصاد معرفي قوي، مع ترسيخ نفوذ دبلوماسي ناعم عالي التأثير.
وإننا على يقين بأن تبني وتنفيذ هذه المقترحات سيشكل علامة تاريخية فارقة في مسار الجمهورية الإسلامية الموريتانية الثقافي والدبلوماسي.
عن الحملة الشعبية للتمكين للغة العربية وتطوير لغاتنا الوطنية:
الرئيس صو آبو دمبا.



