تحل علينا الذكرى الثامنة والستون لتأسيس حزب الحرية والانسانية والتقدمية ، حزب البعث العربي الاشتراكي ،الذي انبثق من أحشاء الأمة العربية استجابة قومية وردا حضاريا على واقع التجزئة و التخلف الاجتماعي والتردي السياسي والاستغلال الطبقي والفئوي والتبعية الأجنبية ، وعلى تفشي عقليات الانحطاط والهبوط النفسي والمعنوي وهيمنة القوى الرجعية وجيوب العملاء، الذين أرهنوا العرب ( تاريخا ودينا وحضارة) لقوى الامبريالية العالمية ، لقاء تأمين مصالح ضيقة. وإنه برغم النضالات القاسية والتضحيات العظيمة التي بذلها ويبذلها حزب البعث والقوى التقدمية الأخرى ،بشتى عناوينها، فإن هذا الواقع شهد ويشهد تدهورا مريعا ، بعد المؤامرة الكونية - التي خططت لها ونفذتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها إقليميا وعالميا – على الطليعة القومية والتقدمية في العراق، وما أدى إليه ذلك من استقالة جماعية للنخب العربية من الدور التاريخي والتحرري المنوط بها ، وما أسفرت عنه هذه الاستقالة من غرق هذه النخب في الاستكانة للأنظمة الفاسدة ولدعاية قوى الامبريالية العالمية؛ حيث انخرط قسم ضخم من هذه النخب في المشاريع التخريبية والتدميرية لأقطار الأمة وشعوبها بفعل اليأس والاستسلام لمخططات الأعداء، حتى باتت منقسمة على نفسها ما بين أبواق للفرس ، وعملاء للغرب الامبريالي ؛ وكأن قدر أمتنا ، بعد كل الانجازات التاريخية والحضارية ، أن تظل في وضعية الانقسام ما بين " بزنطة" و " فارس" ᴉ . ومع أن مصيبة تراجع النخب العربية لا تستثني قطرا عربيا ، إلا أن استمرار النواة الصلبة للنضال القومي- المتمثل في رفاق البعث الذين برهنوا على شجاعة تاريخية و وضوح الرؤية وصبر على المكاره لا يضاهى- يظل حزمة ضوء منيرة لجماهير الأمة في هذا الليل الدامس .
أيها الموريتانيون
تحل هذه الذكرى في ظرف يعرف فيه قطرنا تجاذبا سياسيا و اجتماعيا حادا يهدد وحدة البلاد و يدفعها إلى وضعية مقلقة للوطنيين .
ومن هنا ، فإننا ندعوا كافة القوى الوطنية ، في الأغلبية و المعارضة ، إلى تغليب مصلحة وجود البلاد أولا و استمرار كيان الدولة الوطنية ، و ترصين الجبهة الداخلية و التعالي على الخلافات السياسية ، لتجنيب شعبنا و وطننا الوقوع في منزلقات قادت دولا شقيقة إلى أتون جحيم مازال مشتعلا ، و يزداد ضراوة في اتجاه أقطار أخرى .
إن الحوار الوطني المسؤول و التحلي بصفات رجالات الدولة هو ما يعول عليه الشعب الموريتاني في حل مشاكله و الحفاظ على وجوده ، و تماسكه السياسي و الاجتماعي ، في وجه أعاصير الظرفية الدولية الراهنة .
أيها البعثيون ،
أيها الأحرار ،
إن أمتنا اليوم في منعطف خطير يفرض على نخبها أن تستفيق من هول الصدمة وأن تتوجه للارتصاص خلف طليعة الأمة التي تحمل السلاح وتقاوم أشرس تحالف عرفه تاريخ البشرية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق.
إن انفجار الأوضاع في الأقطار العربية بحرف الثورات الشعبية العربية عن مسارها الوطني والقومي ليس إلا ثمرة مرة ونتيجة مشؤومة لاحتلال العراق واسقاط نظامه الوطني واغتيال بطل العروبة والاسلام ، الشهيد صدام حسين، وما خلفه ذلك الاحتلال الإجرامي من فراغ استراتيجي هائل في منطقة القلب بالنسبة للوطن العربي.
إذ لولا احتلال العراق وغياب الشهيد صدام حسين لما كان للصفويين الفرس أن يكونوا على أبواب المملكة العربية السعودية و ينتشوا علنا بتمددهم في لبنان وسوريا واليمن، ويهددوا الكويت والبحرين، ولما كانوا قادرين على مستوى التخيل أن يجرؤوا على القول (( إن بغداد هي عاصمة الامبراطورية الفارسية))، في استهتار غير مسبوق لأكثر من ثلاث مائة مليون عربي.. ‼
وعلى إثر هذا التحدي المهين وبمناسبة أعياد نسيان المجيدة ،فإننا نهيب بالتحالف العربي –الاسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية أن يحزم أمره ويعتمد على أبناء الأمة الذين يعتصرهم الألم والغضب من هذا الخذلان والهوان أمام الصفويين الفرس الذين يقضمون الأمة ،قطرا بعد قطر، وألا يخيبوا آمال الجماهير العربية والاسلامية في هذا التحالف، حيث أننا نتعرض لحملة مزاودة عاصفة بسبب دعم هذا التحالف ، الذي يقول عنه أبواق إيران إنه مجرد تحريك لقطع الدمى الخليجية للضغط على إيران بغية مزيد من التنازل في ملفها النووي ، وهذا ما يترك الحكم فيه لقابل أفعال ومواقف هذا التحالف.
إن مستقبل الأمة والاعداد لتحرير فلسطين والأحواز والجزر العربية وسلامة الأقطار الأخرى من العبث الفارسي يمر حتما بدعم المقاومة العربية والاسلامية الباسلة في العراق لطرد الإيرانيين وعملائهم منه ،وبدعم المقاومة العربية الأحوازية وغيرها ممن يتعرضون للظلم الوحشي الفارسي. إن التاريخ علمنا بما فيه الكفاية أن الفرس أعداء أبديون ، ولقد حان الوقت أن تقضي أمتنا على هذا العدو إلى الأبد، بإشغال إيران بنفسها، على أيدي وتخطيط وحزم أبطال مثل خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص والقعقاع بن عمرو التميمي والمثنى بن حارثة الشيباني وعدي بن حاتم الطائي ...
لنعيد التاريخ في معارك نهر الدم والولجة والأعشار... وملحمة القادسية في أيام ( ارماث ، أغواث ، عماس )... لغسل العار الذي لحق بكل العرب ،حكاما ونخبا وجماهير، عندما سلموا العراق، الذي حمى كل العرب، إلى تحالف الغزاة الأمريكان والصهاينة والصفويين الفرس ،في أخزى موقف سجله تاريخ الشعوب والأمم. والآن تشرئب أعناق ثلاثمائة مليون عربي إلى عاصفة الحزم وإلى القادة في الخليج العربي وفي مصر الكنانة: هل هم فعلا أهلا "لها" أم أنهم "مجرد دمى أمريكية"؟.. إننا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي يكتب فيه الأحرار في الأمة: إنهم أحفاد صحابة محمد (ص) وهم فعلا أهلا "لها"..
عاشت أمتنا العربية المجيدة؛
عاشت فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر؛
عاش البعثيون المخلصون لمبادئهم و الصادقون في مواقفهم رغم الاجتثاث و الاضطهاد و التهميش و الإقصاء و التآمر في جميع أقطار الوطن العربي و المهجر
عاشت المقاومة العراقية البطلة؛
عاشت المقاومة العربية الأحوازية؛
عاش تحالف عاصفة الحزم لدعم الفعل العربي والاسلامي المقاوم في كل الساحة القومية و لنصرة قضايانا العادلة؛
والمجد والخلود لشهدائنا والنصر لرفاق البعث العظيم ،يتقدمهم الرفيق عزت إبراهيم الدوري، الأمين العام للحزب وقائد جمع المجاهدين والمناضلين وحيا الله أبطال الأمة من حملة السلاح والقلم في كل قطر عربي و في المهجر ؛
مكتب الثقافة و الإعلام
نيسان 2015