في يوم 15 يناير 2015، حكم على رئيس المبادرة الانعتاقية، الحاصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الانسان لسنة 2013، بيرام الداه اعبيد، ونائبه بلال رمظان، ورئيس منظمة كاوتل نغام يليتاري جيبي صو، بسنتين من السجن النافذ على خلفية المادة 193، الفقرة 2 المتعلقة بـ"التمرد غير المسلح وعدم احترام السلطات".
إن مادة القانون الجنائي هذه لا تتضمن غير فقرة واحدة ولا تعالج إلا التمرد غير المسلح. وقد برهن القاضي على نقص في الكفاءة وغياب الصرامة الفنية في اتخاذ قراره لدرجة أن وجهة نظره لا تعكس المرافعات والمداولات، لكنها تدخل ضمن تنفيذ التعليمات الواردة. لقد أصر على الامتثال بإرادة رئيس الدولة والوزير الأول ووزير العدل الرامية إلى إدانة المناضلين الانعتاقيين: الموقف الذي عبر عنه هؤلاء عدة مرات منتهكين مبدأ فصل السلطات البالغ الاحترام.المساجين، عن طريق دفاعهم، استأنفوا الحكم عند النطق به. إن ملفهم التابع لمحكمة الاستئناف بانواكشوط، وتحويلهم سرا إلى معتقل ألاك (250 كلم من العاصمة) يشكلان خروجا حقيقيا على نص القانون.والحقيقة أن المدعي العام، أبلغ السجناء، من خلال نقيب هيئة المحامين، أن استئناف قضيتهم سيكون في محكمة ألاك على الرغم من الدستور ومدونة الإجراءات الجنائية.تبرهن هذه السلسلة من التجاوزات، المطبقة في حق معتقلي إيرا، على إرادة السلطات الواضحة في الإضرار بسجناء الرأي في احتقار بيـّن لكل النصوص المعمول بها وكذا المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة التي انضمت إليها موريتانيا.السلطة القضائية، المتخوفة من عصيان أوامر رئيس الجمهورية والوزير الأول،
في تعليماتهما التي عبر عنها وزير العدل، لا يمكنها إلا أن تطيع السلطات التنفيذية بغية أن لا تتعرض لمصير القاضي محمد الأمين ولد المختار الذي جـُرد من وظيفته بعد رفضه الانصياع لأوامر من ذلك القبيل.إن كل إرادة في الاستقلالية تتم معاقبتها بصرامة قصوى. لنتذكر هنا أن رئيس الدولة محمد ولد عبد العزيز، خلال الـ 6 سنوات الأخيرة، وفي احتقار سافر لاستقلال العدالة، عزل ثلاثة مرات قضاة رفضوا طاعة أوامره. ويمكننا أن نفهم بسهولة الميل المؤذي لهؤلاء العـُـزّل إلى جعل استقلاليتهم وضميرهم ينفران وجعل أنفسهم سهلة الانقياد أمام ضغط الدرهم.إن المبادرة الانعتاقية، وفق التزامها من أجل الكرامة الانسانية وضد الرق والعنصرية، وبالرغم من كل أصناف الاضطهاد والقمع الذي يعاني منه مناضلوها:- تــُـشهد الرأي العام على هذا الانحراف المتواتر بفعل التكرار والمتضمن خرق التشريعات الداخلية والإلتزامات الدولية التي تعتبر موريتانيا طرفا فيها.- من هذا المنطلق تــُـعلم الرأي العام الوطني والدولي أن السجناء، بيرام الداه اعبيد وابراهيم بلال رمظان وجيبي صو، يرفضون حضور أية جلسة محاكمة تنظم في ألاك أو أي مكان آخر غير تابع لمحكمة استئناف نواكشوط التي تعتبر مكان الاختصاص الوحيد في مرحلة الاجراءات الحالية.- تشجب التلاعب بالقانون وإساءة استخدامه من قبل السلطة التنفيذية، وتدعو الموريتانيين إلى الوقوف صفا أمام الانحراف لأنه لم يعد هناك أي مواطن أو أجنبي بمعزل عن الغطرسة عندما يواجه الجهاز القضائي الموريتاني.- تدعو المجتمع الدولي، خاصة الشركاء في التنمية، إلى إرغام السلطات الموريتانية على احترام النظــُـم الداخلية والتزاماتها الدولية التي تحمي كرامة الشخص وحقه في المثول أمام محكمة مختصة.- تعلن، أخيرا، أن سجن مناضليها واضطهادهم وتعذيبهم لن يغير من مسيرتها السلمية الساعية، بشكل لا يقاوم، إلى بروز موريتانيا متساوية ستفرض فيها الأغلبية، المقهورة حتى الآن، إلغاء العنصرية والإمتيازات المتحصل عليها بالمولد نهائيا.نواكشوط 61 ابريل 2015