تحولت مدينة كيفه الصابرة المحتسبة -بقدرة قادر- إلى مدينة للإنتاج الإعلامي حيث سيناريوهات الخيال الغير علمي الهادف لتغيير واقع يجأر بالشكوى من كل شيء، عاصمة لعصابة الخلابة بمناظرها الجميلة واهلها الطيبين،فمن الغريب والمحير كذلك أن يرتفع الوعي المدني والحضاري لدى العامة، في حين ينخفض منسوبه لدى من يتصدون للشان العامة من النخبة والساسة.
الاستعدادت تجري على قدم وساق حيث تشهد المدينة موجة عاتية من التضليل الإعلامي الهوليودي مع ترقب الساكنة زيارة ولي الأمر للمدينة حيث أصبحت بحيرة ضحلة تسبح فيها التماسيح السياسية كما يحلو لها.
وتحاول تلك "الحيوانات السياسية" دغدقة المشاعر العليا من خلال فبركات إعلامية تسعى لتلميع هياكل متفحمة لسياسيين ووجهاء وأطر.. وبث مواد تلفزيونية وإخبارية عبر وسائط الانترنت، وتعليق لافتات إشهارية لا تساوي الخرق التي تكتب عليها، سعيا لإبراز الولاء الغير مشروط لفخامة القيادة الوطنية بالخط العريض، وبدء هؤلاء الانفاق بسخاء على الطباعة والنشر وتزيين واجهة المدينة،والقيام بحملة نظافة لإزالة القمامة التي ازكمت الانوف في شوارع كيفه حتى يمر الموكب الرئاسي لتعود حليمة إلى عادتها القديمة.
التغيير المؤقت شمل بعض المنشآت الحكومية التي طالها التنظيف و الطلاء والزخرفة، استعداد للحدث التاريخي حسب ما يروج له هؤلاء، وبدت وكأنها في ليلة الزفاف تتزين بالعلم الوطني والشعارات المؤيدة والمبجلة للقيادة الوطنية الرشيدة ..
ولعلكم تتذكرون -إن لم تخنكم الذاكرة-أن عمدة إحدى البلديات التابعة للولاية قد قال في لقاء سابق مع الرئيس"..لن نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى إلى آخر تلك العبارة الشهيرة التي قالها الانصار لرسول الله و استخدمت هنا في غير محلها" لأن أنصار الرئيس سرعان ما يتخلون عنه في أول ملمة تلم به كما فعلوا مع سابقيه.
يقول سكان بالمدينة أن المستشفى شهد حملة تنظيف دقيقة للقضاء على الجراثيم والمكروبات، ومحاولة رسم ابتسامة مصطنعة على محيا المرضى تخفي آثار المعاناة والإهمال، في حين أنه كما يقول المثل المصري: "من برا هلا هلا ومن جوا يعلم الله" بمعنى أن باطن تلك المؤسسات المتهالكة -في أغلبها- يخفي الكثير من العبث بمقدرات البلد والاستخفاف بحقوق المواطنين.
المؤكد ان كيفه ليست بدعا عن باقي مدن البلاد حيث ظهر من يرقص على اطراف قدميه، وبخاصرته، وعلى وحده نص كما يقال في الحوضين، وظهر المنتخبون العدائون في ازويرات، و على شاكتلهم نخب سياسية كان يأمل منها ان تحمل هم الوطن والمواطن لا أن تتحول إلى جوقة من المهرجين في سرك عبثي لا يقنع أحدا.
ففي كل الديمقراطيات الحقيقية يصف الصحافيون ورجال الإعلام والأكاديميون رجال السياسة الأقوياء بالحيوانات السياسية. وطبعا فلقب "الحيوان السياسي" لقب لا يطلق على أي كان. لأنه يألف الأنظمة التي تمسح على رأسه، ويتمسح هو بدوره على ارجلها، وكما أن هناك "حيوانات سياسية" فهناك أيضا "حشرات سياسية" تعيش حيثما كان العفن والماء العكر كما يقول أحد الكتاب.