لعصابة عاصمة البلاد ، منطقيا، وواسطة عقدها ، جغرافيا، وإحدى سلات إنتاجها، زراعيا ورعويا، ومن كبريات مدنها ، مجاليا وديمغرافيا.بهذا الموقع تمثل ولاية لعصابة منطقة انتقالية بين المناخ الصحراوي في الشمال والسوداني في الجنوب ، مما يؤدي إلى التباين في التركيبة البيومناخية للإقليم ،
حيث يقع جزء منه في المنطقة الصحراوية (41%) والجزء الآخر ضمن المنطقة الساحلية السودانية (59%).إن هذا الموقع المتميز لولاية لعصابة بين الإقليم الصحراوي والساحلي جعل التباين والاختلاف على مستوى الغطاء النباتي والوسط الحيوي أمرا متوقعا باختلاف الظروف المناخية التي طبعت المنطقة بطابعها الخاص الذي ينعكس على الغطاء النباتي فيها من حيث تنوعه من جهة ومن حيث كميته من جهة أخرى، كما جعلها محطة أنظار لمنمي الشمال "تگانت وآدرار" في رحلة بحثهم وانتجاعهم لضمان أقواتهم وغذاء مواشيهم باعتبارها مصدر دخولهم وفخرهم واعتزازهم فوجدوا في سهول وأودية لعصابة ضالتهم المنشودة لينتهي المطاف بأغلبهم إلى الميل نحو الاستقرار، سواء في البراري أو مصاب الأودية حيث الربوع الخضلة وتوفر الماء والكلأ، وسواء على أطراف المدينة أو وسطها للاستفادة من بعض الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية.أدى التزايد السكاني" الهجرات الداخلية" ومتطلبات المدينة (التدفئة ، مستلزمات البناء، الطهي...) إلى بروز ظاهرة الاحتطاب كضرورة ملحة أو كمهنة للعاطلين عن العمل وكمصدر دخل كان لها الأثر البالغ على الوسط والمحيط.محيط تجوبه القطعان وأصناف الحيوانات بأعداد تفوق طاقته الاستيعابية" الرعوية ". لقد اثرت الاستخدامات المفرطة ـ الرعي الجائرـ تأثيرا سلبيا على الغطاء النباتي كما ونوعا وبشقيه العشبي والشجري ، فالعشبي تلتهمه الحيوانات في طور النمو وأحيانا تلتهمه النيران أما الشجري فتستخدمه الطبقات الكادحة " المزارعون" كمصدات وكدفاع عن مزارعها وحفاظا على إسهاماتها وغلاتها من زحف الرمال وتسلل الحيوانات.هي إذا جملة عوامل بشرية تنضاف إلى أخرى طبيعية كالجفاف والتصحر والملوحة، عوامل وظواهر تزداد يوما بعد يوم تقدما وانتشارا تجبر السكان على التفكير للبحث عن بدائل ولا يحصل ذلك إلا بشق الأنفس، إما لشح في المصدر أو ضعف في الوسائل، يعيشون في ظروف استثنائية ،إما الغرق الشديد أو العطش الشديد، فمثلا منطقة آفطوط وجنوب غرب الرگيبة " إزواز" تحاصرهم المياه في الخريف بينما صيفا تطوقهم أمواج السراب ويرتفع منسوبها كلما اشتدت الهاجرة .في الهاجرة يشتد الطلب على الماء وترد الحيوانات والأشخاص نقاط المياه" المعاطن" ليسقون ويستقون بعد جهد جهيد في معركة مع الدلاء والرشا يصلون الحبل بالحبل ليحصلوا على عصب حياتهم.إن نظرة بسيطة من غير متخصص يلاحظ مدى التأثير الذي تتركه المعاطن ـ على كل الاتجاهات ـ خصوصا إذا كانت وحيدة في المنطقة أو متقاربة ، فالاستغلال المكثف الزائد على القدرة الانتاجية للأرض يحولها في النهاية إلى أرض جرداء شبيهة بالصحراء لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء سيؤدي لا محالة إلى اختلال في النظام البيئي وشبه غياب في الرقابة يطرحان التساؤالات : ما الفائدة من إنشاء وزارة التنمية الريفية والبيئة سابقا؟ ما ذا قدمت ـ أضافت ـ وزارة البيئة للبيئة؟ وما هو دو رجال الحماية الطبيعية في الحماية؟ أهو ردعي أم تحصيلي؟ وبما ذا ساهمت وزارة البيطرة ـ مؤخرا ـ في تطوير الثروة الحيوانية المتقهقرة؟.كان بمقدور المراعي الطبيعية أن تلعب دورا هاما في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأن تكون ميدانا للبذل والعطاء والتنافس الإيجابي.رغم كل هذه المخاطر التي يواجهها الغطاء النباتي يظل يحدونا الأمل في أن يستعيد هذا الغطاء عافيته وأن يشعر السكان بأهمية هذا المعطى الطبيعي وبالتالي الحفاظ عليه لكن هذا لن يتم إلا عند ما تتبنى الدولة سياسة للمراعي تضم خطوطا توجيهية لإدارة الرعي وتنميتها على أساس حالة الأرض وطاقتها الكاملة وأن تعمل على تعميم ونشر لهذه السياسة:ـ وقف أي تدهور جديد في أراضي المراعي .ـ وضع خطط واضحة المعالم لإعادة وتطوير الموارد الطبيعية.يجب أن تتضمن تلك الأهداف الخطوات التالية:1ـ تطوير إدارة المراعي الطبيعية بالأساليب التي تكفل عدم تعرضها للتدهور.2ـ المحافظة على التوازن المطلوب بين حمولة المراعي الطبيعية وعدد الحيوانات المعتمد عليها.وبإعادة الاعتبار لما تبقى من هذا المعطى الطبيعي فإن ذلك سيبعث الأمل في نفوس السكان خصوصا في هذه الأيام التي تجتاح فيها ولاية لعصابة موجة جفاف وعطش حادة يحاول الساسة التعتيم عليها إلا أن مياههم المعدنية التي جلبوها معهم ستكون شاهدة شح المياه .إن قطع الطريق على هؤلاء ـ الساسة ـ وقطع هؤلاء للطريق ـ السكان ـ ( نريد الماء) خير دليل على استفحال الأزمة .إننا لا نريد تجيد الطبقة السياسية في الوقت الراهن بقدر ما نريد تطويرا للثروة الحيوانية وللأرض.