لماذا تزورنا الآن، يا سيادة الرئيس؟
فهل جئتنا لتدشين مصنع الشركة الموريتانية للسكر الذي لم يكن إلا مجرد وعد كاذب كوعودك الكاذبة الأخرى؟
وهل جئتنا لتبشرنا بتفجير مياه "أفطوط الشرقي"، ولتقول لنا بأنه ما علينا بعد زيارتك هذه إلا أن نفتح الحنفيات ليتدفق الماء في منازلنا؟
وهل جئتنا لتبعث الحياة في مشروع سد "فم لكليت" الذي مات وحتى من قبل أن يولد؟
وهل جئتنا تحمل معك آلاف الأطنان من العلف الحيواني لتوزعها على منمينا في أيامهم العصيبة هذه؟
وهل جئتنا لتقول لنا بأن عامنا هذا هو عام التعليم، وبأن ذلك لابد وأن ينعكس إيجابا على خدمات التعليم في مقاطعتنا؟
وهل جئتنا لتقول لنا بأن خدمات الصحة قد تحسنت في مستشفياتنا، وبأن ليلنا أصبح كنهارنا بفعل محطة الكهرباء التي جئتنا بها؟
وهل جئتنا لتقول لنا بأنه لا بطالة بعد اليوم في صفوف شباب مقاطعتنا، وهل جئتنا لتشغل ولتوظف المئات أو الآلاف من أبنائنا العاطلين عن العمل؟
وهل جئتنا لتقول لنا بأنك "رئيس الفقراء"، إن قلتها لنا يا سيادة الرئيس، فسنقول لك بأننا فعلا فقراء، وبأننا من أشد سكان هذه البلاد فقرا، ولكنك مع ذلك لستَ برئيسنا، إطلاقا لستَ برئيسنا.
فلماذا تزورنا الآن، يا سيادة الرئيس؟
فنحن حقا لا نعرف لماذا تزورنا الآن؟
وأنتَ أيضا لا تعرف لماذا تزورنا الآن؟
إن زيارتك لنا في مثل هذا الوقت لا يمكن تفسيرها إلا بشيء واحد، وهو أنك أردت أن تستفزنا.
كأنك جئتنا لتقول لنا: إني على علم بأن مقاطعتكم من أكثر مقاطعات البلاد فقرا، ولكن مع ذلك فلا تنتظروا مني أي مشروع تنموي.
إني أعلم بأن قطعانكم من المواشي مهددة بالضياع بفعل موسم الجفاف الذي يضرب مقاطعتكم كغيرها من مقاطعات البلاد، ولكني مع ذلك لن أهبكم، ولن أهديكم علفا.
إني أعلم بأن دكاكين أمل قليلة جدا في مقاطعتكم، ولكني مع ذلك لن أفتح لكم في هذه الزيارة ولا دكانا جديدا واحدا.
إني أرى البؤس في وجوهكم، وإني ألمح الفقر على نواصيكم، وإني أشاهد المعاناة في حركاتكم وفي سكونكم، ولكن مع ذلك فإني لن أفعل شيئا، أي شيء، للتخفيف من البؤس ومن المعاناة ومن الفقر الذي تعانون منه.
ولا تعتقدوا يا أهل أمبود بأني لستُ على اطلاع على تردي الخدمات الصحية بل وغيابها في مقاطعتكم، ولا تعتقدوا بأني لستُ على اطلاع على واقع التعليم البائس في مقاطعتكم، ولا تعتقدوا بأني لستُ على اطلاع على واقع الشباب بالمدينة، ولا على ما يعاني منه من بطالة وفراغ.. إني على اطلاع على كل ذلك، بل وأكثر من ذلك..
إني أعلم بأنكم عطشى، جوعى، مرضى، وفقراء، ولكني مع ذلك لن أفعل شيئا، أي شيء، للتخفيف من العطش، ومن الجوع، ومن المرض، ومن الفقر الذي تعانون منه.
لن أفعل أي شيء من أجلكم، فأنا ما جئتكم في هذه الأيام العصيبة إلا لأستفزكم بزيارتي هذه...فماذا أنتم فاعلون يا أهل أمبود ؟؟؟؟؟؟؟؟