ما إن أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن سنة للتعليم حتى بدأت بركات هذا الإعلان تتنزل على قطاع التعليم، ومن بين تلك البركات التي تنزلت على قطاع التعليم في سنة التعليم هذه:1 ـ إلغاء وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ل3398 منحة، كانت قد صادقت
عليها اللجنة الوطنية للمنح، منها 2699 منحة داخلية، و699 منحة خارجية، وكانت هذه هي أول مرة يتم فيها إلغاء نتائج أعمال هذه اللجنة.2 ـ وفي عام التعليم هذا، والذي يبدو أنه تحول إلى عام الإلغاء، سمعنا أيضا عن إلغاء مادة التربية الإسلامية من مسابقة الباكالوريا، وبكل شعبها، باستثناء شعبة الآداب الأصلية.3 ـ في هذا العام عرف الكتاب المدرسي أزمة غير مسبوقة، واختفى من المدارس، وظهر بأسعار مرتفعة في الأسواق التجارية، ووصل النقص في الكتب المدرسية في بعض المدارس إلى نسبة تزيد على 80%.4 ـ وفي هذا العام تم طرد طلاب من كلية الطب، وتم منع طلاب الكلية من دخولها في فترات معينة، وذلك في وقت طالعتنا فيه بعض المواقع بنشر صور لخيول يتم ترويضها داخل مباني الكلية.5 ـ تراجعت جامعة نواكشوط في التصنيف الدولي والإفريقي، فاحتلت الجامعة في عام التعليم الرتبة 9041 على المستوى العالمي، وذلك بدلا من الرتبة 8968 التي كانت تحتلها من قبل الإعلان عن سنة التعليم. أما على المستوى الإفريقي فقد هبطت جامعة نواكشوط إلى الرتبة 178 بدلا من الرتبة 161 التي كانت تحتلها في العام الماضي..6 ـ حرمان آلاف الطلاب من الترشح للباكلوريا في عام التعليم هذا، وذلك بسبب تقليص المدة المخصصة لاستقبال ملفات الترشح مع ترك المجال مفتوحا للترشح لمن له القدرة على استخدام الأساليب الملتوية المعروفة.7 ـ في عام التعليم هذا شاهدنا صورا في غاية البؤس تعبر عما وصل إليه التعليم من انهيار، وكانت من أبرز تلك الصور صورة لمدير مدرسة "أهل المبارك"، وهو يزاول عمله من تحت شجرة يوجد بها مكتبه.8 ـ من المعروف أن مؤسساتنا التعليمية كانت قد أصبحت ومنذ فترة من الزمن وكرا للضياع وللجرائم، ولكن هذه الجرائم قد تطورت من حيث الكم والنوع في عام التعليم هذا، ولعل الجريمة الأشهر في هذا العام قد تمثلت في إلقاء القبض على 18 شابا و20 فتاة في شقق مفروشة، وفي أوضاع مخلة بالشرف في حي الفلوجة ..الفتيات كن كلهن طالبات بالثانوية، وأغلب الشباب أيضا كان من طلاب الثانوية نفسها، وملاك الشقق المفروشة كانوا قد تعودوا ومنذ مدة أن يؤجروا شققهم يوميا لهؤلاء الطلاب ولغيرهم من الشباب الضائع. هذه الحادثة مع غيرها من الحوادث التي نسمع عنها من حين لآخر، لتؤكد بأن بلادنا تعيش أزمة أخلاقية خطيرة، وبأنها على حافة الكارثة..9 ـ في سنة التعليم هذه تمت إهانة اللغة العربية، والتي يفترض بأنها هي اللغة الرسمية بنص المرحومة (المادة السادسة) من المغفور له (الدستور الموريتاني)، تمت إهانتها أكثر من مرة، وقد جاءت الإهانة الأبرز من طرف الوزير الأول الذي رفض ذات اجتماع وزاري مصغر أن يتسلم من أحد وزرائه تقريرا باللغة العربية. كما تمت إهانتها من حيث لم نكن نتوقع ذلك، أي من طرف رئيسة المجموعة الحضرية التي اشترطت أن تكون العروض المقدمة في إحدى مناقصات المجموعة الحضرية باللغة الفرنسية فقط. وحتى رابطة العلماء ومن خلال موقعها الرسمي فقد أهانت هي أيضا لغة القرآن، .فمن يزور هذا الموقع سيجد بأنه يرتكب بعض الأخطاء التي لا يمكن أن نتقبلها من تلميذ في الصف الرابع ابتدائي، وإليكم بعض الأمثلة من أخطاء عديدة تضمنها خبر واحد تم نشره على هذا الموقع في وقت سابق : "أقيمة الندوة العلمية الأولى حول مخلفات الاسترقاق" ـ "وان يبدئوا بمحو أثارها المتبقية" ـ "وأردف قائل ان الأرقاء" ـ "كما طرح حلول وأفكار ".لقد أصبح من الواضح بأن قطاع التعليم قد ازداد انهيارا بعد الإعلان عن سنة للتعليم، وربما كانت وضعية التعليم ستكون أقل سوءا في هذا العام لو أنه لم يتم الإعلان عن سنة للتعليم، أو لو أنه تم الإعلان من طرف الرئيس عن تخصيص هذه السنة، أي سنة 2015، لتهميش وازدراء قطاع التعليم.لقد أثبتت سنة التعليم، كما أثبتت تجارب من قبلها، بأن حكوماتنا المتعاقبة كلما أعلنت عن الاهتمام بقطاع ما، فإن ذلك في العادة سيكون نذير شؤم على ذلك القطاع.هذا الاستنتاج الغريب كنتُ قد توصلتُ إليه منذ العام 2003 خلال إعدادي لدراسة عن الأمية في موريتانيا، وهي الدراسة التي أرسلتُ فيما بعد نسخا منها إلى الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطايع.فربما تفاجؤوا إن قلت لكم، وبحسب إحصائيات وطنية ودولية، بأن نسبة القضاء على الأمية في موريتانيا من قبل أن تكون هناك إدارة خاصة بمحاربة الأمية كانت أكثر ارتفاعا من نسبة القضاء عليها بعد إنشاء إدارة خاصة بمحو الأمية، وبعد إنشاء وزارة خاصة بمحاربة الأمية والتعليم الأصلي!!حفظ الله موريتانيا..