أفكر فيما لو كنت أدرس اللغة والأدب، في بلد لا يحسن مع أهلهما الأدب، فدخلت قاعة الامتحانات، وقد وُزعت الأوراق ومُنحنا أربع ساعات، فقرأت الورقة بتمهل شديد، ــ مع أنني لا أحسن سوى النضال والتصعيد ــ سمعت حينها طالبا يتغنى ببيتين أشبه بالنشيد: "خليفة في قفص + بين وصيف وبغا + يقول ما قالا له + كما يقول الببغا.
لم أجهد نفسي في فهم البيتين، وأشرت إليه أن اترك التلحين، وتابعت القراءة بنفس التمهل والتفكير، فإذا السؤال المطروح: حلل وناقش كلام الوزير.
فكتبت: لم أفهم السؤال، ولا أعرف إلا قصص الأطفال.
حدثتني جدتي قالت: يحكى أن الظريف "كابون"، وضع لأطفاله بعض الفواكه في صحون، وأرسلها لهم مع عامله سحنون، فبادر أطفاله إليها وهم قليلون، فغضب "كابون" وقال لسحنون: أأنت مجنون؟ خذ الفاكهة من الأطفال، ولا تجب على أي سؤال، ما هكذا يا سحنون يُفتح المجال، أتريد أن توزع الفاكهة قبل مجيء محمد وبلال؟ نحن لسنا من أهل البدع ولا الحيْف، وكلام غيرنا باطل وزيف.
التفت سحنون في الحال، وقال: يا سيدي هذا محمد وبلال، فقال: أحرم جميع الأطفال، بمحمدهم وبلال، واجعل الصحون فوق الجبال، ورُد الفاكهة إلى بيت المال.
ثم ضحكت جدتي وقالت: ستفهم يا بني حين تكبر ذاك المقال.