اختارت قناة “شنقيط” لندوتها الشهرية الأخيرة أن تكون تحت عنوان “التحول الديمقراطي في موريتانيا”، وربما تكون هذه القناة قد حاولت بندوتها هذه أن تكفر عن شيء يسير من الجهود الجبارة التي تقوم بها ضد التحول الديمقراطي في موريتانيا، وذلك من خلال ترويجها وبثها لأنشطةالمبادرات القبلية التي تظهر كلما كانت هناك زيارة للرئيس، أو كلما كانت هناك حملات انتخابية.
فهل يعتقد القائمون على هذه القناة بأن الأضرار الناجمة عن بث أنشطة العشرات من المبادرات القبلية قد يكفي لإزالتها أن تنظم القناة ندوة شهرية تحت عنوان “التحول الديمقراطي في موريتانيا”؟
وهل يمكننا أن نتحدث عن تحول ديمقراطي في بلادنا ما دامت هناك قناة تلفزيونية كقناة “شنقيط” لا تتورع عن بث، وإعادة بث آخر ما جادت به قرائح أبناء القبائل من مبادرات قبلية سخيفة؟نحن نعلم بأنه لو كانت لدينا حكومة راشدة ومسؤولة لما سمحت لمثل هذه القناة أن تواصل بث مثل هذه المبادرات القبلية السخيفة.
ونحن نعلم بأن السلطة الحاكمة تبارك مثل هذه المبادرات وترعاها، ونحن نعلم بأن الرئيس يشجع هذه المبادرات، ولو لم يكن يشجعها لأصدر تعليماته النيرة بإيقاف تأسيسها، ولو أن الرئيس أصدر مثل تلك الأوامر لما تجرأ أطر القبائل ووجهائها على تأسيس المزيد من المبادرات القبلية في كل ولاية يزورها.
ونحن نعلم أيضا، بأن الرئيس هو من شجع ظهور تلك المبادرات خلال انتخابات 21 يونيو الرئاسية، وانتخابات 23 نوفمبر التشريعية والبلدية، وذلك حتى لا تتأثر نسبة المشاركة بسبب مقاطعة عدد كبير من الأحزاب السياسية التي كانت قد قررت أن تقاطع تلك الانتخابات.نحن نعلم كل ذلك، ولذلك فنحن لا ننتظر من السلطة القائمة أن تفعل أي شيء من أجل الحد من تأسيس مثل هذه المبادرات التي أعادتنا سنين إلى الوراء. كما أننا لا ننتظر منها أي شيء للحد من الخطابات العنصرية والدعوات الشرائحية وخطابات السب والشتم التي تروج لها قناة “الوطنية”.
لن تفعل السلطة أي شيء في هذا المجال، ولكن ذلك لا يعفينا نحن كمواطنين موريتانيين نحلم ببلد ديمقراطي من أن نقوم بواجبنا من أجل الحد من الترويج لمثل هذه المبادرات التي تعزز من الانتماءات القبلية الضيقة على حساب الانتماء إلى الدولة، وهو ما يعيق التحول الديمقراطي، وتأسيس دولة ديمقراطية قائمة على العدل والمساواة.إنه بإمكاننا أن نفعل الكثير من الأشياء لإجبار هذه القناة على أن تتوقف عن الترويج للأنشطة القبلية من خلال ما تروج له من مبادرات، فنحن بإمكاننا مثلا أن نقاطع هذه القناة حتى تتوقف عن غيها، وبإمكاننا أن نشن حملات دعائية ضدها إلى أن تتوقف نهائيا عن بث أنشطة المبادرات القبلية.
فإذا كانت حرية التعبير تسمح لتلك القناة بأن تروج لمبادرات القبائل في العام 2015، فإنها في المقابل، تسمح لنا نحن أيضا بأن نقاطع تلك القناة، وأن ندعو إلى مقاطعتها إلى أن تتوقف عن بث أنشطة المبادرات القبلية، والتي لابد وأننا سنشهد ميلاد الكثير منها في هذا العام الذي قرر فيه الرئيس أن يزور كل ولايات الوطن.
لا أحد يستطيع القول بأن هناك أي قناة تلفزيونية محلية بلا الأخطاء، ولكن ورغم ذلك، فإن الأخطاء تختلف من حيث مستوى الخطورة، وستبقى الأخطاء التي ترتكبها قناة “الوطنية” من خلال الترويج للخطابات العنصرية، والأخطاء التي ترتكبها قناة “شنقيط” من خلال الترويج للأنشطة وللمبادرات القبلية هي الأخطر.
بعد أيام أو أسابيع سيزور الرئيس ولايات جديدة وهو ما يعني بأن قناة “شنقيط” ستكون على موعد جديد مع موجة جديدة من المبادرات القبلية، ولا شك أن القناة ستوفر تغطية واسعة لأنشطة تلك المبادرات، ولن يمنعها من ذلك إلا إذا أحست بأن بث تلك المبادرات سيتسبب لها في ظهور حملات قوية تدعو إلى مقاطعتها