قراءة في مذكرات يحي ولد منكوس

أربعاء, 2015-07-08 01:03

‏( ﻣﺴﺎﺭ ﺣﺎﻓﻞ ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﺒﺎﺕ ‏) ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺇﺩﺍﺭﻳﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﻭﺁﺭﺍﺀ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺮﻳﺌﺔ، ﺃﺣﺒﺒﺖ ﺃﻥ ﺃﺗﺤﻒ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻌﻀﻬﺎ، ﻓﻤﻦ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﺣﻮﻝ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﻟﺸﻨﻘﻴﻂ .ﻭﺟﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺻﻌﺐ ﻭﺃﻗﺪﻡ ﻧﺰﺍﻉ ﻓﻲ ‏( ﺍﻣﺤﻴﺮﺙ ‏) ﺃﻭﺷﻚ ﺃﻥ ﻳﺴﺒﺐ ﺷﺠﺎﺭﺍ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻭﻳﻴﻦ؛ ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﻔﻀﺎﺀ ﻗﺎﺣﻞ، ﻗﺮﺭ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﻭﻃﻼﺀ ﺧﻂ ﻓﺎﺻﻞ ﺃﺑﻴﺾ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻧﺼﻴﺐ ﻛﻞّ ﻃﺮﻑ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﺮﻓﺾ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻃﺮﺍﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ؛ ﺑﻞ ﺷﻜﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﻛﻢ ﺩﺍﺋﺮﺗﻪ، ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﻔﺘﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺴﺎﻟﻢ ﻭﻟﺪ ﻋﺪﻭﺩ، ﻓﺰﻛّﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ ﺑﺪﻭﺭﻩ ﻭﺍﻋﺘﻤﺪﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻭﺻﺎﺭ ‏( ﺧﻂ ﻭﻟﺪ ﻣﻨﻜﻮﺱ ‏) ﻣﻌﻠﻤﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ، ﻭﺷﺎﻫﺪﺍ ﻋﺪﻻ ﻳﺮﻭﻱ ﺣﻨﻜﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻋﺒﺮ ﺍﻷﺟﻴﺎﻝ؛ ﻭﺣﺎﺟﺰ ﺃﻣﻦ ﻳﺤﻤﻲ ﺍﻷﺣﻔﺎﺩ .

ﺃﻣّﺎ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﻛﻤﺎ ﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ﻟﻌﻴﻮﻥ؛ ﻭﺟﺪ ﺃﻥّ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩﻱ ﺑﻴﻦ ﻣﺎﻟﻲ ﻭﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺢ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻢ؛ ﻭﻳﺴﺒﺐ ﻣﻨﺎﻭﺷﺎﺕ ﻭﺣﻮﺍﺩﺙ ﻣﺆﺳﻔﺔ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺑﻴﻦ ﻗﺮﻯ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ، ﻭﺃﺣﺲّ ﺑﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺃﻥّ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻳﻈﻨﻮﻥ ﺃﻧّﻬﻢ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﺽ ﻣﺎﻟﻴﺔ، ﻟﻜﺜﺮﺓ ﺗﺮﺩﺩ ﺍﻟﺪﺭﻙ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻭﺯﺍﺩ ﺷﻴﺦ ﻋﺎﻣﺔ ﺃﻭﻻﺩ ﺇﻣﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﻌﺐﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ، ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻗﺪ ﻃﺮﺩﻭﺍ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ ﺑﻜﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ، ﻭﺑﺤﻨﻜﺔ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻟﺒﺎﻗﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺇﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﺑﺮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﻟﺠﻢ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻜﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ ﺑﺎﺣﺘﻀﺎﻥ ﺃﻫﻠﻪ .

ﻓﺸﺮﻉ ﺃﻭﻻﺩ ﺇﻣﺒﺎﺭﻙ ﻳﺒﻨﻮﻥ ﻭﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺘﻬﻢ ﻛﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺟﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ، ﻣﻤﺎ ﺃﺛﺎﺭ ﺣﻔﻴﻈﺔ ﺍﻟﻘﺮﻯ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ، ﻓﺄﻣﺮﺗﻪ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﻫﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﻴﻦ ﺑﺘﺮﺣﻴﻞ ﺃﻭﻻﺩ ﺇﻣﺒﺎﺭﻙ ﻋﻦ ﺣﻴّﻬﻢ؛ ﻓﺮﻓﺾ ﺃﻭﺍﻣﺮﻫﺎ، ﻷﻧّﻬﺎ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ؛ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﻠﻮﺑﺔ .

ﺫﺍﻉ ﺧﺒﺮ ﻛﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ، ﻭﺧﻮﺭ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻣﻌﻬﺎ، ﻭﺷﺎﻉ ﺭﻓﺾ ﺣﺎﻛﻢ ﻟﻌﻴﻮﻥ ﺗﺮﺣﻴﻞ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻗﺴﺮﺍ، ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻻﺣﺘﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﻻﺩ ﺇﻣﺒﺎﺭﻙ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭﺕ ﻛﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ ﻗﻀﻴﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻫﻮ ﺑﻄﻠﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﻮﺍﻛﺸﻮﻁ ﻭﻟﻌﻴﻮﻥ ﺟﻨﻮﺩﻫﺎ، ﻭﻗﻀﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺟﻮﻥ ﺁﻓﺮﻳﻚ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻋﻨﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﺃﺫﻋﻨﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﻟﻸﻣﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، ﻭﺑﻘﻴﺖ ﻛﻮﻛﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻝ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ، ﺑﻔﻀﻞ ﺣﻨﻜﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ . ﻭﻣﻦ ﺁﺭﺍﺀﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﺠﺮﻳﺌﺔ :

ﻳﻘﺎﺭﻥ ﻳﺤﻲ ﻭﻟﺪ ﻣﻨﻜﻮﺱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮ ﻭﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻲﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ‏( ﻗﺎﺩﺗﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﺒﻌﻮﻧﺎ ﺣﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﺎ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻃﻴﻠﺔ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻨﺼﺮﻣﺔ .... ﻭﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺇﻣﺎﺭﺍﺕ ﻭﺯﻋﻤﺎﺀ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﻮﻥ ... ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺪﺳﺔ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﺄﺣﻜﺎﻡ ﻗﻀﺎﺗﻨﺎ ﻧﺎﻓﺬﺓ ... ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﺑﺼﺮﺍﺣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﻣﺮﺍﺋﻨﺎ، ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻹﻣﻜﺎﻥ ﺇﺫﻥ ﺗﺮﻛﻨﺎ ﻧﻨﻌﻢ ﺑﺤﺮﻳﺘﻨﺎ ! ‏( ﺹ 102

ﻭﻓﻲ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﻦ ﻧﺮﺯﺡ ﺗﺤﺘﻪ؛ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ ‏( ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻈﻞ ﻣﺴﺘﻜﻴﻨﻴﻦ ﺑﻞ ﺭﺍﺿﻴﻦ ﺑﺄﻱ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ؟ ﺃﻟﺴﻨﺎ ﺭﺟﺎﻻ ﺃﺣﺮﺍﺭﺍ؟ ﺃﻡ ﺃﻧﻨﺎ ﻻ ﻳﻬﻤﻨﺎ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻟﻨﺎ؟ ‏) ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ‏( ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ ﺃﻧﻌﺖ ﺁﻧﻔﺎ ﻗﺎﺩﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﻤﺤﺘﻠﻴﻦ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ‏) ﺹ 104 .

بقلم غالي الصغير