لست بحاجة إلى أن أقول لك أنني أحاول جهدي أن أبتهل كل فرصة لأترحم عليك وأنشد الله لك الرحمة والغفران وأن يسعدك في قرارك الحسن إن شاء الله، وبما تيسر لي أن ألحقك بخير ما يلحق الأبناء به أمهاتهن اللائي ما قصرن يوما في حقهم. أماه، أنا خير من يدكر كيف وبكل حس امومي حافظت علي وأخواتي من كل تبعات الخصاص واليتم وانعكاسات الترمل في مجتمع تتفتت فيه البيوت ويتسيب الابناء والامهات على مزاج اهوائهن ويبحثن عن راحة مغلوطة في التشتت والاتكالية والعيش على حساب الغير. أنت كنت على العكس من كل دلك تصنعين من الجلود بضاعة للبيع ومن الخشب مادة تدر مدخولا ولو صغيرا ومن البخور عربون كسب حلال يغنيك ويغني أبناءك عن انتظار عطاءات دوي القربى وتفضلات المتفضلين. هكدا وبفضل حسن تدبيرك وروحك الامومي الخالص لم أحس يوما بنقص من أي نوع فظللت، بفضل من الله وسعيك المشكور والمثاب إن شاء الله، أتصدر طليعة لداتي وأصدقائي وزملائي ومعارفي في كل المواقف والمجالات والحقول التي اشتركتها معهم. وأدكر أنك ورغم "يسر" الحال واملاءات الواقع لم ألمس منك يوما كللا مما حدا به أن أواصل ترفي الدراسي وانخراطي الكلي في المجال العام وادمان هواية الحلم من اجل الجميع، لقد ظللت، ما أنبلك!، تشعرينني أن كل شيء على حاله. كيف لا ولنا منزلنا المستقل الدي لا يقل شأنا عن الدور والبيوتات من حوله والدي يأتينا فيه رزقنا رغدا من كل ما لد وطاب وعجز عنه آخرون نؤاهم رؤي العين وكان مفترضا أن يكون أحسن منا حالا. أماه أنت قصة طويلة تمثل كل ما انقضى حتى اليوم من حياتي وانا على ثقة من انها ستستمر لأنك تركت لنا دكرا مشرفا بين الناس وطبعت قلوبا يتباعد سكنها وتختلف أجناسها وأعمارها وألوانها وسحناتها... بمحبتنا. أماهي رحمك الله، ما أطرق ولا أنزوي ولا أفرغ من عمل إلا وعانقت طيفك في كل جماله وجلاله وعبقه الأخاد فأراك كما عهدتك وأحسن، وهو شيء أرجو أن ينم عن غبطتك وسرورك وراحتك التامة في قرارك الدي اختاره الله لك. اليوم نتأهب للعيد وانت هناك... أنعم الله عليك وجعلك مع الصديقين والشهداء في فردوسه الأعلى. أبشري، فلن أقول يا أماه أكثر مما عاهدتك عليه في وداعي الأخير لك وأنا أقبل محياك المشرق يومها. ألف رحمة وكل المغفرة. وكما كنت لقنتيني أقول: اللهم ارحم ما في مشارق الأرض ومغاربها من أرواح المسلمين، اللهم ارحمهم صغارا وكبار إناثا وذكورا يا أرحم الراحمين.